كان لافتا تأكيد (الامينن العام لحزب الله ) السيد حسن نصر الله في خطابه الذي القاه بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية على ان هوية بيروت العروبية والمقاومة ستتأكد في ضوء هذه النتائج، مشيرا بطريقة غير مباشرة، الى خسارة تيار المستقبل الذي يتزعمه الرئيس سعد الحريري حوالي ثلث مقاعده.

خروج “حزب الله” وحلفائه الرابح الأكبر في هذه الانتخابات جاء ليعزز التفاف نسبة كبيرة من اللبنانيين حول محور المقاومة، وتغيير المعادلات التقليدية التي ارادت هوية مستسلمة للبنان، ووقوفه في محور “الاعتدال العربي” الحليف الرئيسي للولايات المتحدة ومشاريعها الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

لا نختلف مع السيد نصر الله في ان هناك جهات عديدة داخل لبنان وخارجها ارادت شق تحالف قوى المقاومة، واضعاف تمثيله في البرلمان اللبناني، وضخوا مليارات الدولارات في هذا الصدد، ولكن جهودهم هذه تحطمت على صخرة الوعي اللبناني.

السيد الحريري خسر ثلث مقاعد كتلته البرلمانية لانه وقف في خندق محتجزيه، ورضخ لإملاءاتهم، وجاهر في عدائه لتيار المقاومة، ورفضه أي تحالف مع “حزب الله” مما يعكس بكل وضوح قراءة خاطئة للخريطة السياسية والمزاج العام للرأي العام اللبناني، مضحيا بشعبية كبيرة حصدها تضامنا مع محنة احتجازه.

التحديات امام النخبة السياسية اللبنانية ما زالت كبيرة وصعبة، فالمنطقة تقف حاليا على حافة حرب، والحكومات اللبنانية السابقة فشلت جميعا في تلبية مطالب الشعب في خدمات اجتماعية جيدة، وعلاج الازمة الاقتصادية، وتوفير الوظائف للعاطلين عن العمل، وتقليص الدين العام الذي اقترب من مئة مليار دولار.

لا نجادل مطلقا في ان الرئاسيات اللبنانية الثلاث حققت إنجازا كبيرا في اجراء هذه الانتخابات في ظل ظروف إقليمية صعبة، وضغوط داخلية متفاقمة، تجسيدا لرغبة لبنانية ساحقة في ديمقراطية شفافة تقوم على التعايش وعدم الاقصاء والاحتكام الى صناديق الاقتراع.

السيد نصر الله طلب غطاء سياسيا لمحور المقاومة في ظل التهديدات الإسرائيلية، والضغوط والمؤامرات الامريكية، ولبى الناخبون اللبنانيون النداء، وكان له ما أراد، مما يؤكد التفاف النسبة الأكبر والاهم من اللبنانيين حول برنامج تياره وزعامته في الوقت نفسه.

الحكومة الائتلافية اللبنانية التي أشرفت على تنظيم هذه الانتخابات ووفرت لها أجواء الحرية والشفافية والامن والأمان، تستحق التهنئة، والمأمول ان تكون الحكومة المقبلة على القدر نفسه من المسؤولية، ان لم يكن اكبر، وان يجري تطعيمها بالكفاءات الوزارية القادرة على معالجة كل المشاكل والاخفاقات، وقيادة لبنان بالتالي الى بر الأمان السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

المصدر: رأي اليوم