ساعات قليلة، ويُبصر تكتل المستقلين المُقرّبين من ٨ آذار النور، وسيكون «برعاية» رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. التكتل يضمّ، حتى الآن، ثمانية أعضاء، سيؤازرون فرنجية في «معاركه» المقبلة، وفي طليعتها معركة الرئاسة، وهناك احتمال أن يرتفع إلى 12، في حال نجحت المفاوضات بين تيار المردة ورئيس تيار العزم نجيب ميقاتي
خلال مرحلة تشكيل اللوائح الانتخابية، كان للتيار الوطني الحرّ أو القوات اللبنانية «شروط» لقبول ترشيح «الحلفاء» على لوائحهما الحزبية. إحدى هذه الشروط كانت أن يلتزم المُرشح «المُستقل» بمواقف «القوات» أو «التيار»، ويكون عضواً في التكتل النيابي الخاصّ بكلّ منهما، في حال فوزه في الانتخابات. عدم موافقة المُرشح على «الشروط» كانت كافية لعدم تبنّي ترشيحه. على العكس من شريكَي «إعلان النيات» (سابقاً)، لم يلجأ النائب سليمان فرنجية إلى هذه السياسة. كان لتيار المردة «أصدقاء» في مختلف الدوائر الانتخابية، ساعدهم (بصرف النظر عن نوع المساعدة وأهميتها) من أجل تحقيق الفوز، إلا أنّه لم يفرض على أحدٍ من هؤلاء المُرشحين التزام «بيت الطاعة المرديّ»، قبل الانتخابات النيابية. العنوان العريض الذي رفعه «المردة»، كان «الحفاظ على خصوصية كلّ مُرشح وكلّ منطقة». انطلاقاً من هنا، لم يكن التكتل الذي سيتشكل واضحاً أو محسوماً، وكذلك الأعضاء الذين سيجتمعون تحت قبّته.
منذ بداية الأسبوع الحالي، انطلقت «المفاوضات» بين تيار المردة من جهة، وبقية النواب المُنتخبين المُقرّبين من «بنشعي» من جهة ثانية، من أجل حسم موضوع «التكتل وليس الكتلة» (كما توضح المصادر المعنية). وقد انتهى تقريباً، أمس، العمل على هذه النقطة، على أن لا يتألّف هذا التكتل إلا من النواب الذين تربطهم علاقة بتيار المردة، ونالوا دعمه خلال الانتخابات.
التكتل الذي سيكون «برعاية سليمان فرنجية» يتألف من: فايز غصن وأسطفان الدويهي وطوني فرنجية، جهاد الصمد وفيصل كرامي، فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني. أما النائب ميشال المرّ، فهناك تواصل إيجابي معه، والأرجح أن يكون عضواً في التكتل، ولو أنّه لم «يُعطِ كلمته الأخيرة» بعد. وقد غرّد الخازن، أمس: «تحالفنا مع الوزير سليمان فرنجية ثابت ونهائي، ونحن إلى جانبه سنعمل على تشكيل تجمّع نيابي وسياسي وطني، سيُعلن عنه بعد استكمال التشاور مع القوى السياسية الأخرى التي ستنضم إليه».
الهدف الذي يطمح إليه «المُرشح الدائم إلى رئاسة الجمهورية» هو تأليف تكتل «يكسر الاصطفافات الطائفية والمناطقية الراهنة، عبر جمع هؤلاء النواب ضمن تجمّع وطني». في زمن الحديث عن «أكثريّة» و«أقليّة»، يُريد سليمان فرنجية أن يواجه الاستحقاقات المُقبلة، مُستنداً إلى تكتل يتخطّى عدده الثلاثة نواب. صحيح أنّ الحُكم في لبنان لا يُمكن أن يشذّ عن قاعدة «التوافق»، وحفظ مكانٍ لكلّ القوى، إلا أنّ دخول فرنجية إلى مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة سيكون «أريح» بوجود تكتل، فلا يتكرّر «سيناريو» الحكومة الحالية، يوم «تنازل» رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن حقيبة وزارية لمصلحة ممثل تيار المردة وزير الأشغال يوسف فنينانوس، بعد أن حاول «التيار» التضييق على «المردة».
«الاستثناء» الوحيد من قاعدة أنّ التكتل لن يضم إلا «أصدقاء» تيار المردة وحلفاءه خلال الانتخابات، سيكون مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. المفاوضات بين رئيس الحكومة الأسبق وفرنجية لم تفضِ إلى نتيجة بعد، «علماً بأنّ التواصل مُتقدّم»، بحسب المصادر المعنيّة. ما يُعيق حسم المسألة غياب النظرة الموحدة بين ميقاتي وفرنجية لشكل التكتل. يُفضّل نائب طرابلس أن يتم تشكيل «كتلة شمالية»، تضمّ إليه نواب المردة الثلاثة، وفيصل كرامي وجهاد الصمد. هدف ميقاتي الأساسي أن يكون جزءاً من تجمّع يضمّ نواباً آخرين من «الطائفة السنّية»، ولا يكون فقط رئيساً لكتلته التي تضمّ نواب «الأقليات» في مدينة طرابلس، في حين أنّ «المردة» كان يتحدّث منذ البداية عن تأليف «تكتّل وطني»، ولن يقبل بالتنازل عن ذلك و«التخلّي» عن أفرادٍ، كفريد هيكل الخازن، مُقابل أن يحصر نفسه «خلف المدفون»، وهو الأمر الذي يشتهيه له خصومه، لا بل الخطأ الذي وقع فيه سابقاً ولن يعيد تكراره.
ما زال تيار العزم يؤكّد أنّ ميقاتي يريد كتلة شمالية، في حين أنّ المصادر المُطّلعة على تشكيل التكتل «برعاية» فرنجية لا تستبعد انضمام ميقاتي إليه. إذا حصل ذلك، فستطرأ إشكالية الموقف والخطاب السياسي لأعضاء التكتل. ففي وقت يُعتبر فيه أغلب النواب «مُستقلين مُقرّبين من ٨ آذار»، يُصرّ ميقاتي على أن يكون «وسطياً»، مُميّزاً نفسه بالتموضع السياسي. خلال تشكيل اللوائح، تمكّن السياسيون من «إقناع» الرأي العام بأنّ بعض التحالفات «انتخابية» وليست «سياسية»، لتبرير خياراتهم المتناقضة. ولكن، بعد الانتهاء من الانتخابات، يوجد صعوبة في تسويق تكتل يضمّ قوى لا تتّفق سياسياً. أبسط الأمور التي تُطرح: كيف سيُصاغ البيان بعد كلّ اجتماع للتكتل، وأيّ موقف يتبنّى؟ تردّ المصادر المعنيّة بأنّ «موقف المردة قد يكون مُتقدّماً على غيره من مواقف بقية الحلفاء». إلا أنّ هؤلاء لن يكونوا مُجبرين على تبنّي النبرة نفسها، فـ«المردة يتفهم أنّ لكلّ منهم خصوصية، يجب تعزيزها». أما سياسياً، «فكلّ الأعضاء مُتفقون على الأمور الاستراتيجية، وسيكون هناك توافق حول كلّ قرارات الدولة». يجمع بين أعضاء التكتل، الموقف المعارض للعهد الرئاسي. توضح المصادر أنّ «التكتل لن يكون معارضاً للعهد، فحين يكون هناك عنوان إيجابي سنُقابله بالتحية، وحين يحصل خطأ ما سنُضيء عليه».
تبقى نقطة واحدة، وهي ما يُحكى عن أنّ هذا التكتل سيكون جزءاً من جبهة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري. تؤكّد المصادر أنّ العلاقة «مع برّي وحزب الله ممتازة، ولكن موضوع الجبهة لم يُطرح. والتكتل سيكون مستقلاً، مُتفاهماً مع حزب الله والحركة، ويُحافظ على خصوصية أعضائه».