بات من الواضح ان قرار تسلم دونالد ترامب مقاليد السلطة في اميركا قد اتخذ منذ 1987، حيث كان يجري التحضير لصقل شخصية ترامب من أجل تطبيق رسالة اليهود والمحافظين منهم. فمن المعروف ان اليهود يؤمنون بشكل قاطع بأن الفوضى يجب ان تعم قبل ظهور "المسيح"، لذلك انطلق "المتنورون" بخطة  في بداية خمسينيات القرن الماضي هدفها نشر الفوضى في العالم والتحضير للنظام العالمي  الجديد الذي يتمنون ان يبدأ في 2022 وترامب هو الحجر الأساس في هذه الخطة التي ستقسم البشر بعد ظهور المسيح الى فئتين الفئة الاولى هي اليهودية والثانية هي العبيد.

 منذ وصول ترامب الى البيت الأبيض،  واليهود ينتظرون اليوم الموعود بالنسبة لهم، وفعلاً وقف ترامب وخلفه صورة لجورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة، وأعلن رسميا الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، ووضع خطة لنقل سفارته  من تل أبيب الى القدس المحتلة . وكانت الولايات المتحدة قد أصدرت قانونا عام 1995 يقر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكنه تضمن تعديلا يسمح للرئيس بتأجيل تنفيذه لمدة ستة أشهر في إطار المصالح الوطنية للبلاد، وهو ما لجأ إليه الرؤساء السابقون: بيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما، لعدم القضاء على تطلعات السلام حسب تعبيرهم .

أما بالنسبة لترامب فمكانة القدس ووضعها هي حتمية سياسية اكثر من معضلة دبلوماسية، تجسدت في الإنجيليين المؤيدين لإسرائيل مع دعم غير متناهٍ من الملياردير شلدون أدلسون صاحب جريدة "يسرائيل هيوم" العبرية والصادرة في "إسرائيل"، حيث يُعرف عن إدلسون إنفاقه الملايين من جيبه الخاص ومن ثروته الطائلة للحزب الجمهوري بغية تمرير خطهم السياسي المتطرف بالاضافة الى الداعم الاول لمسيرة ترامب منذ البداية، جاكوب روثشيلد وهو رئيس الماسونية العالمية الذي انقذ ترامب من الافلاس في 1987.

ترامب خلال حملته الانتخابية طلب مساعدات مالية من شلدون إدلسون وجاكوب روثشيلد، وسعى أيضاً لتوثيق علاقاته مع أصحاب المال من اليهود والمسيحيين الاصوليين، وانبرى امام لجنة الشؤون العامة الاسرائيلية الأميركية "إيباك" يدافع عن الدولة العبرية، حيث قطع وعدا بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، العاصمة الأبدية للشعب اليهودي بحسب وصفه. لم يترك شلدون أدلسون وجاكوب روثشيلد  ترامب بعد انتخابه، وانتظموا معه في لقاءات واتصالات هاتفية، وزيارات الى البيت الأبيض، حيث استخدم ادلسون نفوذه على ترامب في ملف نقل السفارة اضافة لدور ممثلي جماعات الكنيسة الانجيلية، التي ضغطت على ترامب خلال حملته الانتخابية وأوضحت بما لا يدع مجالا للشك ان نقل السفارة هو اولوية حتمية، وهو ما نفذه ترامب وسجل له.

المنحنى الخطر في سياسة دونالد ترامب هو موافقة مجلس الشيوخ الاميركي على تعيين "السفاحة" جينا هاسبل رئيسة للاستخبارات الأميركية من خلال تصويت 54 عضوا واعتراض 45 وغياب عضو بداعي المرض. والغريب ان ستة من الديمقراطيين صوتوا بنعم مع ان الحزب الديمقراطي عارض بشدة هذا التعيين، ولكن بالتدقيق بالاسماء يظهر جليا سبب الدعم. فمن بين الديمقراطيين الذين يدعمون هاسبل، هناك العديد من المرشحين لإعادة انتخابهم هذا الخريف في الولايات التي يحظى فيها ترامب بشعبية، بما في ذلك جو مانشين من ويست فرجينيا، وهايدي هيتكامب من نورث داكوتا، وجو دونيلي من إنديانا وبيل نيلسون من فلوريدا. ديمقراطيان آخران صوتا بنعم هما مارك وارنر من ولاية فرجينيا، وهو أكبر ديمقراطي في لجنة الاستخبارات وجان شاهين من نيو هامبشاير.

هاسبل، 61 عاما، هي من مواليد ولاية كنتاكي لكنها عاشت في جميع أنحاء العالم كونها ابنة جندي في سلاح الجو. عملت في سرية طوال ما يزيد عن ثلاثة عقود في وكالة المخابرات المركزية في أفريقيا وأوروبا ومواقع سرية في جميع أنحاء العالم. تلقى هاسبل دعماً قوياً من مسؤولين سابقين في المخابرات والدبلوماسيين والعسكريين والوطنيين. ومن بين الذين أيدوا ترشيحها ستة مديرين سابقين في وكالة المخابرات المركزية وثلاثة مديرين سابقين للاستخبارات الوطنية.

ولعل في تعيين "السفاحة" جينا هاسبل، رئيسة للاستخبارات الأميركية دليل قاطع على خطط ترامب العدائية، فهاسبل تعد أول امرأة ترأس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، كما أن تعيينها نائبة مدير جهاز المخابرات قبل عام أثار الكثير من الجدل، إذ وُجهت لها اتهامات بتورطها في عمليات تعذيب جرت داخل أحد سجون المخابرات المركزية الأمريكية السرية في تايلاند. ولهذا دعت منظمة حقوق الإنسان في برلين، مكتب الادعاء العام الاتحادي، المكلف بالتحقيق في قضايا الإرهاب في كارلسروه، إلى إلقاء القبض على هاسبل، فور دخولها أوروبا.

ويذكر أن هاسبل تولت وللمرة الأولى اختبار برنامج " أساليب الاستجواب المكثف" لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية أثناء فترة ولاية الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش. وكانت الضابطة في المخابرات المركزية والمسؤولة السابقة عن عمليات سرية موسعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى إداراتها لمكاتب الوكالة في كل من لندن ونيويورك.

ومن التهم الأخرى الموجهة لهاسبل، أنها كانت المشرفة على تعذيب المتهمين بالإرهاب في السجن السري بالقرب من بانكوك حيث كانت تستخدم أساليب تعذيب قاسية ووحشية مما يجعلنا نطلق عليها لقب "السفاحة". هذه السفاحة هي اول من اباح وضع السجناء داخل نعوش أثناء الاستجواب، ومن بين أساليب التعذيب الأخرى المستخدمة، الحرمان من النوم والإيهام بالغرق وهو أسلوب تعذيب يحاكي عملية الغرق الحقيقية. ولا تزال تحقيقات المدعي العام الاتحادي الألماني حول  ضلوع هاسبل في تعذيب معتقلين في سجن سري في تايلاند، مستمرة حتى الآن.

وما يجعل تعيين هاسبل صدمة، هو ان رئيس الاستخبارات الأميركية هو من اكثر الاشخاص تاتيرا في السياسة الاميركية الخارجية حيث إنه يجتمع يوميا مع الرئيس الاميركي لاعطائه ملخصا عن الاحداث حول العالم وطبعا هذه الاحداث تكون "معلبة" حسب رؤية وسياسة هذا الرئيس. الخطير في الموضوع، ان هاسبل من الداعمين لضرب الجمهورة الاسلامية في ايران. ومن خلال دراسة تحليلية معمقة لممارسات جينا هاسبل فانه من المرجح أنه اذا اتخذ القرار بضرب الجمهورية الاسلامية في ايران توجيه ضربة سريعة تبدأ منتصف الليل وتنتهي مع بزوغ الصباح بمخطط "قبل ان تستيقظ" وهي استراتيجية صنعتها وكالة المخابرات الاميركية حيت يتم قصف مرافق الدولة العسكرية والمدنية الاساسية بسلاح الجو مدعوما بصواريخ توماهوك وغيرها تطلقها غواصات وكل هذا قبل الصباح لكي لا يكون للدولة التي تعرضت للقصف مجال للرد. الجدير ذكره ان مناورات من هذا القبيل جرت في كوريا الجنوبية خلال الازمة الكورية الشمالية حيث شارك بالمناورة 200 طائرة اف 16 و 35 وطائرات الشبح.

أخيرا، قد يستبعد بعض المحللبن ضرب ايران ولكن هل من الصدفة أن يفصل بين تعيين هاسبل والانسحاب من الاتفاق النووي يوم؟

الا يريد حلفاء اميركا في الشرق الاوسط توجيه ضربة لايران وهم ابدوا استعدادهم لتمويل هذه الحرب؟

اليس هاجس جميع المانحين والداعمين لترامب ضرب ايران؟

مع انسحاب الولايات المتحدة الاميركية من الاتفاق النووي مع ايران، من سيضمن، ومن وجهة نظر الادارة الاميركية، بقاء برنامج ايران سلمياً؟

 

 

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع