هي جلسة أخيرة للحكومة التي بلغت من العمر 500 يوماً. لا بل هي «جلسة الحشر» بجدول أعمالها المُتخم بالبنود المُدرجة، وتلك التي حضرت من خارج جدول الأعمال
فيما كان النواب السابقون يحزمون أمتعتهم من ساحة النجمة، ويتحضّر النواب الجدد لولاية برلمانية جديدة، اعتباراً من فجر اليوم، أصرت الحكومة على عقد «جلسة الحشر» التي امتدت، أمس، ست ساعات، أمكن خلالها تهريب ما تيسر من القرارات. كان الأحرى بوزراء «مغارة علي بابا» أن يُراجعوا جردة عام ونصف العام من الإنجازات الوهمية، لحكومة أُطلقَ عليها اسم «حكومة استعادة الثقة». فإذ بها تفشل في استعادة ثقة مفقودة، لا بل تسجل لها نقطة واحدة: التوغّل في الهدر وعدم احترام القانون والدستور وحقوق الناس. كانت الجلسة الأخيرة «نموذجية» في التعامل مع ملفات وتهريبها من دون دراسة جدية لنتائجها سلباً أو إيجاباً من جهة، وتمريرها على قاعدة الصفقة السياسية (التيار الحر- الحريري) من جهة أخرى. ملف الكهرباء وحده كما أدير أمس، مثال كاف للحكم على هذه الحكومة، ووصفها بحكومة هدم ما تبقّى من ثقة بالدولة.
كل ما كان خلافياً قضي أمره وصار صالحاً للإقرار في جلسة الست ساعات. من ملف الكهرباء إلى التعيينات إلى مشاريع إنمائية، بحيث كان لكل وزير جدول أعماله الخاص الذي عمل على إقراره بمعظمه، فكان أن خرج الجميع مغتبطاً بما حقق من «إنجازات» معظمها ستعود بالنفع على جيوب مسؤولين لا الناس.
الوزير طلال إرسلان الذي طال غيابه عن الجلسات «لم يطاوعه ضميره»، فحضر الجلسة الأخيرة، أما وزير الإعلام الزميل ملحم الرياشي، فقد فك اعتصامه الصامت عن تلاوة البيان الرسمي، احتجاجاً على عدم تعيين مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان، واختار أن يتحدث في ختام جلسة الأمس في لفتة أراد منها وداع زملائه الصحافيين.
في مستهل الجلسة التي عقدت في قصر بعبدا، تمنى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التصرف في فترة تصريف الأعمال بمسؤولية، والتركيز حصراً على تسيير الأمور الإدارية وتسهيل معاملات المواطنين. ولفت الى أن «الحكومة حققت إنجازات أساسية في مجال انتظام عمل مؤسسات الدولة»، متمنياً على رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إعداد تقرير بها وإطلاع المواطنين عليها.
وفيما من المفترض أن تلتئم غداً جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب الجديد ونائبه وهيئة المكتب، ليفتح الباب أمام انطلاق مسار معقّد لتشكيل الحكومة الجديدة بدءاً من تحديد موعد استشارات تكليف رئيس الوزراء وبعدها مشاورات التأليف، أصبح توجّه غالبية الكتل النيابية معروفاً. فقد أعلن تكتّل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية)، أمس، أنه لن يصوت لمصلحة الرئيس نبيه برّي. إذ أكد رئيس القوات سمير جعجع «أننا مستمرون بوضع ورقة بيضاء ليس بوجه الرئيس بري إنما تعبيراً عن موقفنا باستثناء النائب قيصر المعلوف»، مشيراً إلى أن «مرشحنا إلى رئاسة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري». وفيما بات انتخاب الرئيس برّي محسوماً، في ظل حسم عدد من الكتل الوازنة التصويت له، فإن الأنظار تتّجه إلى عدد الأصوات التي سيفوز بها للمرة السادسة على التوالي، بانتظار قرار كتلة «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) التي ستجتمع اليوم لاتخاذ موقف.
من جهة أخرى، وخلال الجلسة التي دُعي إليها رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان، دار نقاش لم يخلُ من الحدة بين الوزير يوسف فنيانوس والقاضي حمدان حول ملفات، شكا فنيانوس من تأخيرها في الديوان. لكن حمدان أكد أن لا تأخير من قبل الديوان بل إن الملفات المشكو من تأخرها لا تستوفي الشروط القانونية أو أن مستنداتها ناقصة. حتى أن الديوان اكتشف في إحدى الصفقات أن العرضين المقدمين كُتبا بخط واحد ومن قبل جهة واحدة قدمت عرضين للتمويه وبسعرين مختلفين حتى يرسو العرض على أي منهما!
وقدم القاضي حمدان تقريراً مفصلاً بالملفات التي بت فيها الديوان، والذي يؤكد أن ما هو عالق في الديوان، ملفات ناقصة أو فيها معلومات مغلوطة.
ولفت حمدان إلى أن الملفات الكاملة لا تتوقف طويلاً في الديوان، مورداً مثلاً عن ملفات وزارة الطاقة التي تأتي كاملة خالية من أية عيوب، خلافاً لغيرها من الوزارات. وخلال النقاش شكا أيضاً وزير الثقافة غطاس خوري من تأخير ملفات وزارته في الديوان.
خلال النقاش في عدد من البنود، لفت الرئيس عون إلى تعاظم الفساد في إدارات الدولة ومؤسساتها وتغطية الفاسدين من جهات وأحزاب. ونقل أحد الوزراء أن الرئيس عون كان حازماً وحاداً في آن عندما تحدث عن الفساد.