لم تهدأ المعركة بين المحامي رامي عليق والصحافي علي الأمين. هجومٌ يقابله هجومٌ مضاد. اتهاماتٌ متبادلة بالفساد والاختلاس وإساءة الأمانة. مِن على صفحته الفايسبوكية، وبشكوى سُجِّلت أمام قاضي التحقيق الأول في بعبدا، انطلق علّيق لـ«مكافحة الفساد» في صفوف المعارضة الشيعية، فيما ردّ المدّعى عليه الأمين، من منبر «جنوبية»، على ألسنة من عمِلوا إلى جانب شريكه على اللائحة المعارضة لثنائي حزب الله وحركة أمل في دائرة الجنوب الثالثة.
كَسَرَ المرشَّح عماد الخطيب الجرّة بين الصحافي علي الأمين والمحامي رامي علّيق، اللذين ترشّحا في الانتخابات النيابية الأخيرة على لائحة واحدة، إلى جانب القوات اللبنانية وآخرين، في مواجهة حزب الله وحركة أمل في دائرة الجنوب الثالثة. الشرارة التي أشعلت الحرب تمثلت في رَفْضِ الأمين نشر فيديو على صفحة اللائحة («شبعنا حكي»)، يتحدّث عمّا سمّاه علّيق «فساد عماد الخطيب»، رأس لائحة تيار المستقبل في الدائرة نفسها.
منذ أيام، تقدّم المحامي علّيق بشكوى أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان ضدّ زميليه على لائحة «شبعنا حكي»، علي الأمين وأحمد اسماعيل، وكل من أحمد عليق ونور الهدى بحلق، بجرم الاحتيال وإساءة الأمانة وغيرها من التهم. وفي لقاء مع «الأخبار»، لفت علّيق إلى أنّ حسابات الأمين مع الرئيس سعد الحريري والسعوديين والإماراتيين كانت السبب في قَلب الأمور رأساً على عقب، مؤكداً أنّ المدّعى عليه الأمين رفض نشر أي شيء يتعلّق بالخطيب كرمى لعيون الحريري.
في المقابل، ردّ الأمين عبر موقع «جنوبية»، متحدّثاً عن خلفية تقديم رامي علّيق لدعواه وخفاياها. وانطلاقاً من سؤال: هل لدى علّيق حقوقاً في ذمة لائحة «شبعنا حكي»، عمد إلى استصراح المدعى عليهم الأربعة الذين كانوا يعملون لمصلحة اللائحة نفسها عبر صحيفته. فبدأ مع عمّ المدّعي، المدّعى عليه أحمد عليق الذي قال ردّاً على السؤال المطروح: «لا أموال لديه، ولم يدفع من جيبه أيّ فلس». بهذه الكلمات نفى أحمد عليق كل الاتهامات الواردة في الدعوى المقدمة من قبل ابن شقيقه رامي عليق، موضحاً أنّ اللائحة قد خصّصت لعليق مبلغاً مالياً ليدعم فيه حملته الانتخابية، غير أنّ الأخير صرفه على مشاريعه الشخصية. وذكر أنّ المبلغ الذي تقاضاه المدّعي يبلغ ٦٧ مليون ليرة، مؤكداً أنّه يملك أرقام الشيكات وصوراً عنها. أما الأسباب التي دفعت ابن شقيقه إلى الادعاء فيقول عنها لـ«جنوبية»: «برأيي الأسباب مالية بالدرجة الأولى، ولربما أيضاً هناك أجندة خفية وراءه تسعى لتشويه سمعة أعضاء اللائحة».
في المقابل، وفي شكواه التي حصلت عليها «الأخبار» من مصدر قضائي، عاد رامي عليق إلى تاريخ تقدمه بطلب ترشّحه إلى الانتخابات النيابية عن المقعد الشيعي في قضاء النبطية في ٦ آذار الفائت. حكى عن بداية التواصل مع المدّعى عليهما الصحافي علي الأمين وأحمد اسماعيل، إضافة إلى عماد قميحة. هذا التواصل تمّ عبر فايسبوك، ليعرضوا عليه الانضمام إلى نواة لائحتهم («شبعنا حكي»). سرد دقائق اجتماعاتهم، مستعيداً واقعة تنظيم وكالة، بتاريخ 26 آذار، لتفويض الأمين لينوب عنهم ويسجلهم في لائحة انتخابية واحدة، ولفتح حساب مشترك للحملة الانتخابية لدى بنك مصر لبنان. في متن شكواه، حاول استباق أيّ اتهام ضده. تحدث بالتفصيل عن تقسيم العمل وتوزيع المهمات على فريقه. فذكر أنّ الأمين طلب منه الاستعانة بفريق عمله لمصلحة اللائحة لإعداد مشروع لإطلاقها، مقابل بدل أتعاب يُدفع من الحساب المشترك للائحة. تحدث عليق عن المراحل التي مرّ بها الإعداد للانتخابات، فذكر أنّ الناشط فاروق يعقوب، وهو يعمل لدى المدّعى عليه الأمين بحسب الشكوى، اقترح فكرة استئجار سيارات وتكليف شبان الانتقال بها في شوارع بيروت حاملين شعارات ومكبرات صوتية لتسليط الضوء على مبادئهم وإقناع الناس بالتصويت لهم. فذكر أنّ الامين وابنه ونور بحلق تولّوا التنسيق واشتروا مواد الطباعة واستئجار مكبرات الصوت والسيارات، فيما ساعد المدّعي في تأمين شبان لقيادة السيارات المستأجرة، لكون المدعى عليهما الأمين وإسماعيل لم يتمكنا من ذلك، بسبب ما سمّاه «عوامل حذر سياسية في المنطقة».
وذكر أنه بتاريخ لاحق، فوجئ المدّعي بمطالبة الشبان والفتيات له شخصياً بالأتعاب والمصاريف التي تكبّدوها أثناء التحضيرات، وكذلك مطالبة جزء من فريق عمل اللائحة له شخصياً بالجزء المتبقي من المبلغ المتفق عليه والواجب دفعه من قبل الأمين بصفته مفوض اللائحة الانتخابية. ورغم مراجعة المدّعي لاثنين من المدّعى عليهم لإفادته بتقرير مفصّل عن الحسابات والنفقات، لم يزوّداه بالتقرير إطلاقاً. وكتب علّيق في متن الشكوى أنّه اضطر، تفادياً للحرج، إلى دفع المبالغ المستحقة من حسابه الخاص. يُكمل علّيق في شكواه: قبل حلول موعد الانتخابات بأيام، وبعد تراكم تصرفات غير مبررة، بدأ المدّعي يلاحظ تغييراً واضحاً في تصرفات المدّعى عليهم (علي الأمين تحديداً)، كالتهرّب من إطلاعه على تفاصيل حسابات المرشحين والأموال المحددة مسبقاً لكل حساب، وإهمال طلباته المتكررة لعقد اجتماع للائحة لمناقشة هذه الأمور. وذكر أنه تم قيد وصرف مبالغ من حسابه الخاص ضمن حساب اللائحة، لم يأمر بصرفها ولا حتى اطلع أو وافق عليها، فبأي حق تمّ قيدها على اسمه؟ واعتبر عليق أنّ المدّعى عليهم أخلّوا بالمبادئ المتّفق عليها ضمن اللائحة في محاربة الفساد، فحجبوا فيديوات تتعلق بمكافحة الفساد عن صفحة لائحة «شبعنا حكي» على مواقع التواصل الاجتماعي. وضمّن الشكوى صوراً عن شيكات وكشف حساب وتسجيلات صوتية تثبت أقواله، أحدها تسجيل صوتي عبر الواتساب من عمّه المدّعى عليه أحمد عليق يُعلمه فيه أنّ الأمين يتهرّب من دفع ما يجب له في ذمّته. وتحدث عن عمليات مشابهة أدت إلى اعتراض المرشح عماد قميحة. واتصلت «الأخبار» بالأخير، الذي دافع على «فايسبوك» عن علّيق، لكنه رفض التعليق على النزاع القائم بين زملائه.
وبالعودة إلى ردّ جنوبية على علّيق، فقد نقلت عن مصادرها أنّ «الحملة خصصت مبلغاً مالياً وقدره 100 ألف دولار للمصاريف المشتركة، وعليق كان من بين المستفيدين من هذه المصاريف». وذهب الأمين في ردّه إلى اتهام علّيق بالسرقة، فذكر تحقيق «جنوبية» أن المدّعي كان يصرف الأموال لمصلحته الخاصة، مشيراً إلى أنّ «أعضاء اللائحة، بعدما أدركوا ذلك، أوقفوا المصاريف، إذ تبين أنّ الشيكات التي يصرفها المحامي رامي عليق يأخذها تحت أسماء لأشخاص يقول إنّهم يعملون معه في الحملة ثم يعمل على تجييرها لاسمه لاحقاً، لنكتشف بعدها أنّ هذه الأسماء لم تكن تعمل في حملته الانتخابية». كذلك نُقل عن مسؤولة الـ«سوشال ميديا» لدى عليق، نور الهدى بحلق، التي تكتب في «جنوبية» أيضاً، أنّ المدّعي استغلّ أموال الحملة لـ«يُقدم دعماً مالياً كبيراً لمشروع العسل (الخاص به) الذي هو عبارة عن شركة تعمل على إنتاج وبيع العسل». وذكرت بحلق أنّ عليق «أرسلني مرتين لأخذ شيكات صرفت لنا على أنّها مصاريف المواصلات والاتصالات، ولكن هذه الشيكات كانت باسمه ولم نأخذ منها أي قرش»، قبل أن يُختم التحقيق الصحافي بجملة مقتبسة لها: «رامي عليق هو ربّ الفساد».