على مسارات ثلاثة يشتغل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، بضمّ ملف التفاوض الكوري الشمالي مع أميركا إلى ملفي التفاهم النووي مع إيران والجنوب السوري، وفيما كان لافروف في بيونغ يانغ يقدم «صندوق حفظ الأسرار» هدية رمزية رئاسية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للزعيم الكوري كيم جونغ أون، تيمناً بعادة قيصرية للهدايا الخاصة بالملوك الحلفاء لحفظ أسرار الحلف وما يدور بين القادة، موجهاً الدعوة للزعيم الكوري لزيارة موسكو، على الأرجح بعد قمته المتوقعة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتقول موسكو برمزية الزيارة والهدية والدعوة أن ما بينها وبين كوريا سر لن تعرفه واشنطن، كان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو يستقبل وزير حرب كيان الاحتلال أفيغدور ليبرمان وعلى النار طبخة التسوية لجنوب سورية، التي تتضمن رفع الغطاء الإسرائيلي الأميركي السعودي عن مسلحي الجنوب لصالح تسهيل انتشار الجيش السوري حتى الحدود، مقابل أن يدخل الجيش السوري وحده دون الحلفاء، وهو ما دأب الجيش السوري عليه في كل المناطق التي يدخلها ضمن تسويات، باعتبار أن الأصل في السيادة للدولة السورية وأن الاستعانة بالحلفاء تتم في حالات الحسم العسكري، لكن عندما يدخل الحلفاء منطقة تم تحريرها بالقوة فلن تطلب سورية منهم أن يغادروها تلبية لطلب أحد، كما علقت مصادر متابعة للمفاوضات الجارية، بل إن المطروح هو كيفية تحقيق انسحاب أميركي من قاعدة التنف لتأمين الطريق الدولي بين دمشق وبغداد ودمشق وعمان دون معوقات. وهو هدف في أصل التسوية المطروحة للتفاوض، بينما كانت تنتهي المهلة التي منحتها إيران لأوروبا لتقديم الضمانات المطلوبة للالتزام بجوهر التفاهم النووي رغم الانسحاب الأميركي منه، بانتظار أن تحصل طهران يوم الإثنين المقبل على أجوبة أوروبية تحدد كيفية ضمان بقاء الوجود الإيراني في السوق النفطي من دون تأثير للعقوبات الأميركية، وآلية التعامل المالي للمصارف الأوروبية مع المصارف الإيرانية لضمان التبادل المالي من خارج نظام العقوبات الأميركية.

في المشهد الإقليمي رغم التصعيد الإعلامي السعودي الإماراتي حول تحضير حملة كبرى لاقتحام مدينة الحديدة اليمنية، أكدت مصادر في الجيش اليمني واللجان الشعبية الاستعداد للمواجهة، بينما كان الحدث الأبرز الكلام الذي قاله الرئيس السوري في حديثه لقناة روسيا اليوم، والذي أكد فيه أن سورية عازمة على استرداد كامل جغرافيتها دون نقصان، وأن ما لا تتم استعادته بالعملية السياسية والتفاوضية ستتم استعادته بالقوة، مشيراً إلى أن الأميركيين والإسرائيليين خسروا رهاناتهم على توظيف التنظيمات الإرهابية وفي طليعتها جبهة النصرة وداعش، وهم في حال هلع وارتباك لاستعادة الجيش السوري مناطق هامة كانت تحت سيطرة هذه الجماعات ويواصل مهامه دون تردد، فيما تمت عملية إعادة بناء الدفاعات الجوية السورية بصورة جعلتها أفضل من أي وقت مضى، موجهاً كلامه للأميركيين بأنهم سيرحلون بطريقة أو بأخرى، ولن يفيدهم الاختباء وراء قوات سورية الديمقراطية، بعد سقوط رهانهم على جبهة النصرة. وعن قوات سورية الديمقراطية قال الرئيس الأسد، إن الحل سيكون تفاوضياً وإلا فبالقوة، وعلى قسد أن تختار.

لبنانياً، أفسح غياب رئيس الحكومة سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، المجال لتسريبات عن ضغوط سعودية لحفظ حصة وازنة للقوات اللبنانية، ووقف الحكومة وتشكيلتها عند باب معراب، التي لو وثقت أن الحسابات اللبنانية هي ما يقرر مصير الحكومة لأوقفت حملاتها على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وسارعت للبحث عن التسويات. وقد أبدت مصادر متابعة خشيتها من صحة ظنون القوات بالرئيس المكلف وخضوعه للإملاءات السعودية، فتتعثر الحكومة الجديدة طويلاً، وفيما نال الأمن في مدينة بعلبك نصيباً من الحركة السياسية والإعلامية دون معرفة مكمن الخلل الذي يدعو الجميع لمعالجته، فيما الجميع في الدولة رؤساء ووزراء ونواب ومسؤولين إداريين وأمنيين ينادي الدولة بتحمل مسؤوليتها، ليبدو الإنجاز الوحيد في فترة السكون بين حكومتين، هو ما كشف عنه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من خطة منسقة مع الحكومة السورية لتأمين عودة آلاف النازحين السوريين إلى مناطقهم الأصلية التي عادت آمنة في عهدة الدولة السورية.

شكوك وغموض يلفان مرسوم التجنيس!

في وقت تترقب الأوساط السياسية عودة الرئيس المكلف سعد الحريري لتحريك عجلة تأليف الحكومة، وما الذي سيحمله من السعودية في هذا الصدد، انشغلت البلاد بمرسوم التجنيس الذي وقّعه رئيس الجمهورية وشمل منح الجنسية مئات الأشخاص من جنسيات مختلفة ومنها سورية وفلسطينية. وتردد بأن عدد هؤلاء بلغ 300 من رجال أعمال بهدف تشجيع الاستثمارات في لبنان وآخرين يتحدّرون من أصول لبنانية تعرقلت معاملاتهم لأسباب معينة في مرسوم التجنيس الأخير. لكن مصادر عدة أبدت خشيتها من أن يكون هذا المرسوم مقدمة لمراسيم أخرى أو تشجيع لمنح الجنسيات لأعداد أكبر من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في ظل التواطؤ الدولي لتوطين النازحين أو إطالة أمد إقامتهم في لبنان لأسباب سياسية وأمنية عدة، لا سيما في ظل عدم الإعلان عن هذا المرسوم الذي يلفه الشكوك والغموض، في حين تساءلت مصادر أخرى عما إذا كانت صفقة ما تقف خلف توقيع هذا المرسوم قبيل تحول الحكومة الى تصريف أعمال مقابل مبالغ مالية لبعض الشخصيات الوزارية النافذة. وسأل رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي «هل نفذ وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق صفقته الأخيرة في الداخلية قبل الرحيل عبر مرسوم الجنسية و المجنسون يتحدثون عن عشرات ملايين الدولارات فمَن قبضها؟».

ووفق معلومات «البناء» فإن عدداً ممن منحوا الجنسية توجهوا أمس الى دائرة الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية لتقديم الأوراق المطلوبة للحصول على الجنسية.

وإذ لم تنفِ مصادر بعبدا توقيع الرئيس ميشال عون المرسوم، رفضت الدخول في تفاصيله، موضحة لـ «البناء» أن «مرسوم التجنيس لا يحتاج الى مجلس وزراء بل يصدر من وزير الداخلية والبلديات ويوقعه رئيسا الحكومة والجمهورية. وهذا حق دستوري بمعزل عن تفاصيله والأسباب الموجبة»، مشيرة الى أنه ليس بالضرورة أن ينشر بالجريدة الرسمية لاعتبارات شخصية تتعلق بالمستحصلين على الجنسية»، مشددة على أن رئيس الجمهورية لا يوقع مرسوماً إذا كان يخالف الدستور أو يضرّ بالمصلحة العليا للبلاد. بينما قالت مصادر وزارية وقانونية لـ«البناء» إن «مرسوم التجنيس لا يخالف الدستور لكن أيّ مرسوم في هذا الموضوع يجب أن يحدّد عدد الأشخاص الممنوحين الجنسية وتحديد الأسباب الموجبة لمنحهم».

وأشار وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل لـ«البناء» الى أنّ «لرئيس الجمهورية الصلاحية والحق الدستوري بتوقيع أيّ مرسوم مع رئيس الحكومة والوزير المختصّ ولا شيء يمنع الرئيس عون من توقيع مرسوم التجنيس لا سيما وقد حصلت سوابق عدة خلال العهود السابقة»، مشيراً الى أنّ عدد الذين مُنحوا الجنسية بموجب هذا المرسوم أقلّ بكثير ممن منحوا الجنسية في العام 1994 الذي بلغ عددهم حوالي 120 ألفاً من سوريين ومصريين وفلسطينيين وغيرهم». ولفت الى أنّ «الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان وقع مرسوم تجنيس أبان الحكومة التي رأسها الرئيس نجيب ميقاتي شمل عدداً قليلاً من الأجانب من أصول لبنانية قبيل صدور مرسوم استعادة الجنسية».

باسيل: لا حكومة من دون السريان والعلويين

ومن المرتقب أن يعود مسار التأليف الى زخمه مع عودة الرئيس الحريري من السعودية المرجح الأسبوع المقبل، برز تصريح رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل أمس، بأن الحكومة لن تكتمل إلا بتمثيل السريان والعلويين ما يعني بأنّ الحكومة العتيدة ممكن أن تتعدّى الثلاثين وزيراً، وقالت مصادر بعبدا لـ «البناء» إنّ «مشاورات تأليف الحكومة مجمّدة ريثما يعود الرئيس الحكومة المكلف»، ورفضت الحديث عن حصة لرئيس الجمهورية بل «للرئيس الحق بأن يكون ممثلاً بعدد من الوزراء»، وأكدت المصادر «اتفاق الرئيسين على حكومة من 30 وزيراً وأن لا يتعدّى العدد أكثر»، وأشارت الى أنه «لم يتمّ الدخول في تفاصيل الحصص وتوزيع الحقائب حتى الآن والرئيس عون ينتظر من الحريري أن يأتيه بتصوّر أوّلي أو مسودّة تشكيلة ليضع رؤيته وتصوّره وملاحظاته عليها». ولفتت الى أنّ «كلام الرئيس المكلف عن حصة وزارية له ليس موجّهاً ضدّ الرئيس عون الذي لا يمانع أن يكون لرئيس الحكومة حصة وازنة». وقال مصدر وزاري ودستوري لـ «البناء» إنّ «رئيس الجمهورية هو من يوقع مرسوم تشكيل الحكومة بحسب الدستور. وهذه إحدى أهمّ صلاحياته بعد اتفاق الطائف ومن الطبيعي أن يحدّد عدداً من الوزراء الذين يراهم أفضل من غيرهم لتمثيله، أما تشكيل الحكومة فتتمّ بالاتفاق مع رئيس الحكومة الذي له الحق أيضاً بالحصول على وزراء لكن ذلك خاضع للاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة».

وأشار المصدر الى أنّ «هناك مبالغة بالحديث عن عزل حزب القوات اللبنانية الذي من حقه أن يتمثل في الحكومة ولا خلاف على الحصة، بل الخلاف سياسي بين التيار الوطني الحر والقوات»، أما نائب رئيس الحكومة فـ»لا توجد أعراف وقواعد لتحديد من يتولى المنصب، لكن من المنطقي أن يذهب الى الكتلة المسيحية الأكبر رغم غياب أيّ صلاحيات دستورية لهذا المنصب».

ورأى وزير المال علي حسن خليل أنّ «أمور التشكيل تسير بطريقة ايجابية»، داعياً الى «الابتعاد عن رفع الاسقف في المطالب»، ولفت الى أنّ «المطلوب قيام حكومة لتنفيذ مقرّرات مؤتمر سيدر»، مشيراً الى أنه «يجب تخفيض الإنفاق وإغلاق مزاريب الهدر وتكبير حجم الاقتصاد الذي يمرّ بفترة حرجة جداً وهناك نوع من الجمود الاقتصادي يؤثر على نسبة العجز».

إبراهيم: التواصل مع سورية قائم لإعادة النازحين

على صعيد آخر، وبعد كلام البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بعد جولته الأوروبية حول غياب النيات الدولية لإعادة النازحين السوريين الى سورية، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنّ «التواصل قائم مع السلطات السورية لإعادة آلاف السوريين الى ديارهم والموضوع قريب». وقال، خلال قيامه بجولة تفقدية على المبنى الجديد لمركز المتن الإقليمي في الجديدة: «سيتمّ إنشاء 10 مراكز في لبنان خاصة بالسوريين لتخفيف الضغط عن المراكز الأساسية، وذلك لا يعني ان بقاءهم في لبنان سيطول».

وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» ألى أن «لا مؤشرات خارجية على إعادة النازحين السوريين لأسباب سياسية، ما يعني أن لا حلّ قريب لأزمة النازحين في لبنان»، مرجحة أن يتحوّل هذا الملف خلافاً ساخناً وحاداً بين مكونات الحكومة المقبلة، متوقعة أن «لا يغيّر رئيس الحكومة موقفه من هذا الملف في ظلّ الضغط الخارجي». وأبدت تقديرها لجهود اللواء إبراهيم، لكنها غير كافية وإن كان إبراهيم سيعمل على تسهيل عودة من يريد من النازحين السوريين مع السلطات السورية، لكن لا إرادة لدى النازحين بسبب المخاوف الدولية التي زرعتها منظمات الأمم المتحدة في نفوسهم».

الأمن في البقاع

وأكد رئيس الجمهورية انّ اجتماعات مكثّفة ستعقد مع القيادات السياسية والأمنية لوضع حدّ للفوضى المنتشرة في منطقة بعلبك – الهرمل، في أسرع وقت ممكن، وأنه سيتابع الوضع مع رئيس الحكومة سعد الحريري واعضاء مجلس الدفاع الاعلى والفاعليات السياسية لاتخاذ ما يلزم من اجراءات.

موقف الرئيس عون نقله عنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي زار قصر بعبدا، أمس يرافقه محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر حيث وضعاه في أجواء آخر التقارير الامنية الواردة من منطقة البقاع عامة، وبعلبك – الهرمل على وجه الخصوص.

المصدر: المحرّر السياسي – البناء