بدأ العد التنازلي  لإحياء يوم القدس العالمي الذي أرسى له المرحوم مفجر الثورة الإسلامية في إيران الإمام الخميني"قدس سره". فلسفة هذا اليوم أن تجتمع الأمة الإسلامية، وأحرار العالم؛  لمناصرة الشعب الفلسطيني من خلال المسيرات الحاشدة في آخر جمعة من شهر رمضان، والهدف؛ إيصال رسالة للعدو والعالم أن فلسطين هي للفلسطينيين وحدهم، وأنها أم القضايا، ورمزية يوم القدس تعني أن المسلمين في ليلة القدر يسعون للتخلص من العبودية لغير الله، ما يعني التخلص من قيود الأسر والعبودية لأمريكا وإسرائيل وقوى الاستكبار. وعلى أعتاب هذا اليوم تتجدد ذكرى شهادة علي بن أبي طالب؛ أعظم إنسان واجه جبروت أسلاف الصهاينة في خيبر، وواجههم وأهل بيته "ع" فيما بعد وهم يسعون في تحريف الإسلام، ورسالات السماء بدسائسهم وإسرائيلياتهم.
على الجميع أن يراقب في ليالي القدر القادمة، الساحات المنتفضة في فلسطين، وتلك الداعمة. في إيران أعلن رسميا أن مسيرات السنة في يوم القدس ستقام في أكثر من 900 مدينة إيرانية، تأييداً لإرادة الشعب الفلسطيني في العودة. 

والحق أن الإيرانيين يخرجون سنوياً منذ 40 سنة ليعبروا عن دعمهم الذي لم يتوقف بالمال والسلاح والإعلام للشعب الفلسطيني، منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 79، ولهذا يُعاقَبون بالعقوبات الأمريكية والتضييق الاقتصادي على امتداد العالم، ويمارس ضدهم التحريض الوهابي التكفيري، الذي لم يكن ليواجهوه بهذه الشراسة، لولا موقفهم واصرارهم على المواجهة الاستراتيجية مع العدوّ الإسرائيلي. وقد كانت إيران الشاه ـــ حليفة الصهيونية ـــ محط ولاء حكّام الخليج.
في يوم القدس هذا العام شهدنا للمرة الأولى منذ 70 سنة توجيه ضربات صاروخية ضد العدو في مرتفعات الجولان بدعم إيراني، ولن نرى هذا الدعم المعنوي الذي يرافقه بالفعل إعداد واستعداد ليوم المنازلة المحتوم والقريب إلا في ساحات صنعاء ودمشق، وبيروت عندما يطل سيد المقاومة، وصانع الانتصارات السيد حسن نصر الله، وعلينا التمعن في كلماته، وقواعد الاشتباك الجديدة التي يرسيها، يعبر من خلالها عن موقف محور أصدقاء فلسطين الذي أنقذ المنطقة والمشرق العربي من السقوط لعشرات السنين في الفوضى التكفيرية الخلاقة التي رسم لها الأمريكيون والصهاينة وأعوانهم من العربان قبل أن تفلت منهم الصيدة!
من المؤسف في مناسبة هذا العام كيف تتكشف دون مواربة مواقف أنظمة المنطقة، إزاء الصراع مع الكيان الاحتلالي. مخجل أن شقيقتَي القدس؛ مكة المكرمة، والمدينة المنورة المختطفتين من أعوان أمريكا لصالح سياسات إسرائيل وبث الفرقة بين المسلمين لن تكونا في هذا اليوم نصيرتين للمقدسات، ولا لشعب فلسطين المظلوم، ولن تكترثا لكل قوافل الشهداء من شبابنا الذين أزهقت الآلة الإسرائيلية أرواحهم بغطاء يندى له الجبين من أنظمة العمالة والخيانة، يلازمها صمت مريب من (شيوخ الضلالة) المسارعين بإشعال النيران في حروب الأمة الداخلية وفتنها، بينما التبرير على أشده لتسويغ الاستسلام لإسرائيل وإقامة العلاقات معها وتصوير أن العدو موجود في اليمن وايران! ولم يعد يخجل مسؤولو أنظمة خليجية من التصريح بأن لإسرائيل حق الرد، والاعتداء على الأراضي العربية، وكرمى عيون نتنياهو يقتل الشعب اليمني بأطفاله ونسائه، مذ أطلق صرخته المقدسية التحررية (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) ورغم المجازر اليومية وتهديد سلاح الطيران. لكن راقبوا صنعاء كما عودتنا، وشاهدوا هذا الشعب العربي العظيم كيف يخرج فداء للقدس، وهو الذي يخوض اليوم معركة منع هيمنة إسرائيل على البحر الأحمر وباب المندب، وكل يمن العروبة والحكمة والإيمان.

 ويترافق هذا العام مع مسيرات العودة المعمدة بالدم، وتنفذ إسرائيل القتل اليومي في الضفة وغزة وتقتل حتى المسعفات، آخرهن رزان النجار، وتقام الاحتفالات بما يسمى استقلال اسرائيل في عواصم اسلامية مهمة كأنقرة والقاهرة وعمان وغيرها, كما يحتفلون  بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، في اعتداء صارخ على ما تمثله القدس بالنسبة للمسلمين كواحدة من أهم مقدساتهم فهي أولى القبلتين، ومسرى النبي محمد (ص) حيث صلى في مسجدها بالأنبياء(ع)، وهي مصلى عمرته الأنبياء، وما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبي وقام عليه ملك كما روي عن الرسول الكريم محمد (ص) .

 


كاتب فلسطيني

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع