حذّر وزير الخارجية جبران باسيل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من أن «الكيل قد طفح» من تصرفاتها في ما يتعلق بمسألة إعادة النازحين «عودة آمنة وكريمة» إلى بلدهم. وأكّد باسيل لـ«الأخبار» أن «لا عودة إلى الوراء في هذا الملف ذي الأولوية المطلقة». وقال: «هناك إرادة دولية لإبقاء النازحين في لبنان، ونحن مصمّمون على كسرها»، مشيراً إلى أن المفوضية «تتحدّى بشكل واضح سياسة الحكومة اللبنانية».
باسيل أعلن في إفطار في البترون أمس نيته «اعتباراً من غد (اليوم)، القيام بأول إجراء بحق المفوضية» التي «تواصل على رغم تنبيهاتنا مواجهة السياسة اللبنانية القائمة على رفض توطين النازحين السوريين في لبنان».
وكانت «الأخبار» نشرت مطلع الشهر الماضي أن الخارجية تدرس إعلان أحد المسؤولين الدوليين المقيمين في لبنان «شخصاً غير مرغوب فيه»، في إشارة إلى ممثلة مكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار، احتجاجاً على بيان مؤتمر بروكسيل 2 «لدعم مستقبل سوريا والمنطقة» في نيسان الماضي، والذي تحدّث عن «توطين» النازحين و«اندماجهم» و«انخراطهم في سوق العمل» في الدول المضيفة.
وتحدثت مصادر في الخارجية إلى «الأخبار»، فاستبعدت أن تقدم الخارجية على طرد جيرار، لكنها لفتت الى «إجراءات تصاعدية» من بينها، مثلاً، عدم تجديد أوراق إقامتها وفريق عملها في لبنان. وأكّدت أن «المداخلات الدولية والمحلية بدأت فور انتهاء باسيل من كلامه ليل أمس».
وكان مدير الشؤون السياسية والقنصلية في الخارجية السفير غادي الخوري استقبل جيرار أول من أمس، وعرض لها التحفظات اللبنانية على سياسة المفوضية، وسلّمها رسالة تتضمن طلب لبنان تغيير المفوضية مقاربتها لهذا الملف إنطلاقاً من تحسّن الوضع في عدد من المناطق داخل سوريا بما «بات يسمح بالعودة الآمنة والكريمة للنازحين». كما تضمنت الرسالة الطلب من المفوضية، أن تبادر خلال أسبوعين، إلى تسليم الوزارة خطة توضح الإجراءات التي ستتخذها لإطلاق مسار عودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة داخل سوريا.
على رغم ذلك، فوجئ فريق من الخارجية والأمن العام زار عرسال أمس للاطلاع على الإجراءات المتخذة لإعادة 3600 نازح إلى مناطق آمنة في سوريا بأن المفوضية تمارس ضغوطاً على هؤلاء لثنيهم عن قرار العودة. وتحدث نازحون أمام الوفد عن تنبيهات تلقوها من موظفي المفوضية من أن عودتهم إلى سوريا قد لا تكون آمنة لأنها لن تكون برعاية الأمم المتحدة، وتحذيرات من إمكان تجنيد الرجال في الجيش أو اعتقالهم.
وفي معلومات «الأخبار» أن عودة النازحين الـ 3600 ستكون «آمنة 100%». إذ إن السلطات السورية تلقّت لوائح بأسماء هؤلاء وأكّدت لنظيرتها اللبنانية أنه لن يتم التعرّض لأي منهم تحت أي اعتبار، تماماً كما حدث مع النازحين الـ 300 الذين غادروا منطقة شبعا إلى بيت جن نهاية آذار الماضي، وذلك في إطار المساعي السورية واللبنانية لخلق مناخ مؤات لتشجيع النازحين على العودة.
وقالت المصادر: «الواضح أن المفوضية مش قابضتنا جد في هذا الملف، وهم يعتقدون أن هناك من يدعمهم في الداخل في سياستهم هذه». وأضافت أن كلام باسيل أمس «مؤشر واضح على ما ستكون عليه سياستنا الخارجية في المرحلة المقبلة في هذا الشأن».