يرتبط العيد بمظاهر الفرح. يشي بحب الحياة، بالبهجة، بتأكيد الروابط التي تشد العائلات والجيران، ويوطّد العلاقة مع صنّاع ذلك كله.. يعيدنا الى الشهداء، بخجل دامع، وبامتنان لا كلمات تصفه.
في العيد، يحتفل ذوو الشهداء عند اضرحة ابنائهم بالورد والبخور والادعية. ويمضي اطفال الشهداء الى صور آبائهم بثياب العيد المزينة بغصة اسمها الفراق، واليتم، الذي مهما قام الاعتزاز بتحليته يبقى مرّا عند خسارة الآباء.
ليس المشهد حزينا، وان كان لا يبعث البهجة.. ربما هو مزيج من الألم السخيّ حد صناعة مشاعر جديدة. مشاعر تتجاوز الامتنان وحفظ الجميل والعهود والاحساس بالصغر امام الكبار الكبار الذين صنعوا امان ايامنا، وحكما فرح الاعياد.
تعود مشاهد المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات الارهابية في سوريا والعراق.. يسأل العاقل نفسه، ماذا لو لم يختر رجال الشمس ان يكونوا حصننا؟ ماذا لو التحقوا بكثر آثروا التسويات وخافوا القتال؟ اين كنا سنمضي نهار العيد.. تحت اي سيف، وخلف اي جدار؟
وعلى الرغم من بديهية الاجابات عن تلك الاسئلة، ومن كونها، اي الاسئلة، لا تتطلب لطرحها الا صفة "العاقل"، الا اننا نتعثر في كل مكان، افتراضياً كان او واقعياً، على نماذج ما زالت تتنكر، بوقاحة مشبوهة، قيمة واثر ما فعله حزب الله ولا يزال، دفاعا عن الحق، ومشكّلا منظومة اطاحت بالحدود التي وضعها الاستعمار، راسما حدّا وحيدا بين سائر البلاد: حدّ اسمه مشروع مقاومة المستعمر مهما تنوعت اشكاله واختلفت صوره.. مسافة قربك من المشروع او بعدك عنه تحدد اليوم ان كنت فعلا تحب الحياة وتستحق العيد.
المسألة ليست في مجال اي نوع من انواع المزايدة، فالاصطفافات واضحة الى حد يقطع الشك باليقين.. آل سعود، جاهروا بخيارهم العتيق.. اعلنوا بالسياسة تعاونهم مع الصهاينة وتحولهم الى اداة يديرها الاميركي مباشرة، وبالحرب موّلوا وخطّطوا لحريق سوريا التي ببواسلها تقاتل منظومة كونية تآمرت عليها.. تماما كما اعتدوا وما زالوا على الحق اليمني بالحياة.. بأي منطق يمكن ان تصدق السعوديين، سواء بالهوى او بالهوية حين ينظّرون في حب الحياة والحرص عليها كريمة عزيزة؟
في توصيف موضوعي، وباعتماد المقياس نفسه بالنظر الى كافة افرقاء الصراع، يتبين حتى لسذّج النظر ان محبي الحياة، اي صانعي الامان للاعياد، هم فقط اولئك الذين يهبون حياتهم من اجل الهدف الاسمى الذي هو حق وحرية.. هم ابطال فلسطين الذين يرسمون الطريق الى الحرية بدمهم وبلحمهم وبجرحهم وبتعب ايامهم.. هم الحوثيون الابطال في اليمن العزيز الذين استلوا خنجر الحق وواجهوا، مثخنين بجراح "القريب" وبمجازر ال سعود بحق اطفالهم، اعتى اعتداءات اميريكية-صهيونية عبر الاداة السعودية.. هم رجال الشمس في حزب الله الذين اختاروا الدفاع عن كرامة الحياة حيث تدعو الحاجة، فكانوا يصنعون الانتصارات بخبرة من هزم الاصيل فلا يهاب الوكلاء..
في الوقت نفسه، يتبيّن ان المشروع الآخر، الذي يدعي زورا انه فريق يحب الحياة ويحرص عليها، قد كفر بها وبحق الناس بالأمان.. مجازر، مذابح، قتل، تشريد، تجويع، حصار.. فعلوا كل ذلك واوفدوا صبيانهم الى المنابر يهاجمون المقاوم مهما كان موقعه ومكانه، ويعتبرونه "حجر عثرة" في دربهم الى السلام الواهم.. بذلك، يتضح ان هؤلاء، وصبيانهم، هم ابعد الناس، ان صحت التسمية، عن الحياة وعن الحب وعن الكرامة. 
لذلك، لذلك كله، لا يمكن ان يكون فرح العيد الا النتيجة الحتمية لوجود الاحرار المقاومين.. وعليه، هم اكثرنا حبا بالحياة، هم حراس الاحلام المضيئون كما لو انهم نجوم تلمع في سماء اسمها الحرية، وتدلنا، حكما، الى الطريق الصحيح الذي منتهاه حرية كريمة، واعياد.
 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع