كفريا والفوعة.. يتلازم الاسمان اذ وحدّهما الحصار الطويل.. يصبحان اسماً واحداً يختصر حكايات سنين ثلاثاً من الحصار ومن الارهاب ومن الوجع ومن الصمود.. يتحولان الى رمز من إباء وبطولة في مواجهة عصابات العالم ومرتزقة الشر.. كفريا والفوعة، بلدتان مأهولتان بالحق السوريّ السامي المقاتل في مواجهة أميركا والذنَب السعودي، وكل حشرات الارهاب وادواته.. بلدتان من مجد، وناس تصمد كريمة عزيزة ولو اصابها السكين بألف مقتل..
الحصار المستمر منذ ٣ سنوات وبضعة أشهر لم يتمكن من كسر الصمود الذي تمدّه الدولة السورية وأشراف المقاومة بما تيسّر من مقوّمات العيش.. ترمي الطائرات لأهلها الغذاء والدواء، ولا يصل الا القليل القليل منه.. الأقل بكثير من الحد الأدنى الكافي للاستمرار.. 
يشتد الحصار.. وتذهب الأمور إلى تحوّل البلدتين إلى جرح في ذراع الجيش السوري.. فالارهاب تعامل مع هذا الحصار  كورقة ضغط مستمرة، وسيلة تهديد دائمة.. درع بشري يحتمي خلفه وحوش الارض.. وسفلتُها.. ومكونّات الدرع ناس طيبون، أحرار.. يحبون ارضهم ودولتهم، حاربوا اعداءهم ببسالة من يدرك الحق ولا يتراجع عنه..
إليهم اليوم، إليهم فقط نتوجه والقلوب صلاة والخجل يذيب ما يمكن أن يقال.. إلى أمهاتنا هناك اللواتي علمن اولادهن ان سوريا هي الرحم وهي الام وهي السيدة.. إلى آبائنا الذين بجراحهم كتبوا نصرهم بالدم على حد السكين المسلط على رقابهم منذ بدء الحصار.. إلى أخواتنا اللواتي ابتدعن الادوية والاطعمة لكفالة الاستمرار.. إلى إخواننا الذين يقاتلون ويمسحون عن جبين سوريا، بصمودهم، عرق التعب في القتال المرير.. إلى أطفالنا الذين بالفطرة يدركون أن الأرض تاج وحرية.. إلى البيوت الصّامدة، تضمّ العائلات برفق يقوي العزائم، وبدفء يخفّف وطأة الوجع، ذات مرض أو ذات برد.. إلى التراب المخضّب بدم الشهداء، إلى الهواء المدجّج بعرق الأحرار.. إلى كل ذرة مرّت بالفوعا او عرّجت إلى كفريا..
اليوم، صار سيف الحصار أقرب إلى أوردتكم، وقلوبنا.. صار الوجع ليس مجرد جرح من جوع او من مرض.. وصار قرار المغادرة متاحا باتفاقية تحفظ سلامة اهلنا، عبر انتقالهم مؤقتا الى خارج البلدتين الصامدتين.. هو القرار الاصعب على الاطلاق.. القرار الذي يتطلّب كل شجاعة ممكنة، وكل تعقّل وكل تسامٍ فوق قهر "النزوح".. الخروج من الفوعة وكفريا، هو المرّ الذي أهون الأمرّين.. هو القهر الذي اقل ايلاما ولو بقليل من الموت البطيء تحت الحصار في ظل تراجع امكانات الدعم كافة، أو الموت بمجزرة يرتكبها أولو الغدر وشياطين الدم.. هو الحزن الذي سيحرر ذراع الجيش السوري من التخوف على اهله وناسه المحاصرين..
هو المشوار المكمل لجلجلة الألم الذي لا بد سينتهي بتحرير البلدتين العزيزتين وعودة اهلهما اعزّاء مكرّمين.. 
قد يبدو الكلام سهلاً، قد يبدو تنظيرا يعبر فوق وجدان الناس الذين يتنفسون التعلّق بأرضهم..لكنه حتما ليس بهذا الوارد، هو ربما صدى لوجعكم في صدورنا جميعا.. هو غصّة القلب الذي يتتبع حكاياتكم، وحكاياتنا فيكم، ويرجو بكل نبضه أن تبقوا سالمين.. أن تزيّنوا الشام بصمودكم المستمر اللماع لحين عودتكم وعودة الفوعة وكفريا..
 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع