بالأهازيج وحلقات الدبكة وأقواس النصر، استقبل الجنوب والضاحية الجنوبية مقاومي حزب الله الستة الذين تحرروا من حصار كفريا والفوعة السوريتين في وسط محافظة إدلب. بعد ثلاث سنوات وأربعة اشهر، عادت المجموعة التي قصدت البلدتين لدعم أهاليهما وفك حصارهما. في مكان استراحتهم قبل الدخول إلى الأراضي اللبنانية، تلقوا اتصال تهنئة بالتحرير من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قائلاً لهم: «لقد سطرتم اكبر اسطورة صمود و انتصار وثبات في تاريخ حزب الله».
محمد صفي الدين ووسام دولاني وفضل حكيم ومحمد عطية وعلي صالح وأحمد بشير، عادوا أحراراً بعد إتمام تسوية إخلاء القريتين. أما رفيقهم السابع جميل فقيه (ساجد الطيري)، فقد سبقهم قبل أكثر من سنة شهيداً محمولاً على الأكف، بعد تحرير جثمانه من أسر الجماعات الإرهابية في عملية تبادل. في عام 2015، استشهد فقيه لدى دخوله ضمن المجموعة إلى المنطقة لفك حصار القريتين. فقيه استشهد ورفاقه الستة حوصروا على مدى أكثر من ثلاث سنوات مع الأهالي.
في ساحة بدياس (قضاء صور)، كانت ملامح النصر والفرح تعلو محيّا محمد صفي الدين. فالقائد من رعيل المقاومين الأول، أطلق وعداً صار صادقاً: «لن أخرج من القريتين إلا بعد ان أقفل خلفي باب آخر المنازل». صدق وعده وكان في آخر موكب الخارجين. تسنّى لصفي الدين ورفاقه الخمسة أن يتحرروا قبل الآن بكثير، سواء في عمليات تبادل أو بالخروج من المنافذ المؤدية إلى مناطق سيطرة الأكراد، لكنهم رفضوا.
«صمدوا وغلبوا»، هؤلاء المقاومون الذين أعدّت لهم بلداتهم أعراساً تليق بعودتهم. قبل عبور نقطة المصنع الحدودية، عرجوا على مقام السيدة زينب في دمشق حيث أدوا صلاة الجمعة، علماً بأن صفي الدين شغل في مرحلة سابقة مسؤولية حماية المقام.
وأمام منزله في منطقة الصفير في الضاحية الجنوبية، تجمعت الحشود لاستقبال المقاوم وسام دولاني، بمشاركة النواب علي عمار وأمين شري وعلي فياض. دولاني ارتجل كلمة استشهد فيها بالسيد نصرالله قائلاً «سنكون حيث يجب أن نكون».
وفي حارة صيدا، ازدانت مداخلها لاستقبال علي صالح ابن بلدة بريتال البقاعية والمقيم في الحارة، بمشاركة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد (كان مؤثراً جداِ لقاء العائد بابنته التي تركها في عمر السنة وعاد ليجدها ابنة أربع سنوات). وفي ساحة برج رحال (قضاء صور) تلقّفت السواعد «أبو حمزة» في الطريق إلى بلدته بدياس. حمل على الأكتاف وسط زغردات ونثر للورود.
في ساحة قانا، كان الاحتفال مزدوجاً لاستقبال فضل حكيم ومحمد عطية. الزغاريد التي قطعتها الغصات وصلت أصداؤها من قانا إلى كونين (بنت جبيل) التي احتشدت لاستقبال «ملاك كونين» (أحمد بشير) الذي ذهب مع جاره جميل فقيه (ساجد) ابن الطيري وعاد بعده. وشارك في الاستقبال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله. ومن ساحة البلدة قرب بركة كونين، توجه أحمد الى روضة الشهداء وزار ضريح شقيقه الشهيد الذي سقط في تلة العيس في سوريا، في الوقت الذي كان يشارك فيه هو في الدفاع عن كفريا والفوعة. وألقى بشير كلمة قال فيها: «هذه المقاومة التي ضحت كل هذه التضحيات لا يمكن أن تهزم».