لمواعيد البقاع حكايات كتبتها قسوة الجرود، وصخور رفدت البلاد بالشهداء، حكايات من الشجاعة السخيّة التي كان التحرير الثاني تاجها، وعنوان "التحرير الثاني".
لم يكن النصر في معركة فجر الجرود خيارًا ضمن سلسلة خيارات. كان قرارًا حاسمًا اتخذته قيادة المقاومة في لبنان، وبسالة الجيشين الشقيقين العربي السوري واللبناني.. لذلك، كان اليوم موعد البقاع مع مهرجان الشموخ والانتصار في الذكرى الأولى للتحرير الثاني، احدى ابرز محطات زمن الانتصارات الذي يبدو أنه لم يوجع الصهاينة فقط، بل يبدو موجعًا للبعض في الداخل اللبناني، وليس لنا وعلينا الا أن نتمنى لهم الشفاء، عسى أن يجربوا حلاوة الشعور بالعزّ، وبالكرامة الوطنية.
اذاً، كان البقاع، وكل العالم، على موعد اليوم مع سيد زمن الانتصارات. انتظره اشرف الناس بقلوبهم، واصغى اليه بترقّب وحقد صهاينة العالم اجمع، وادواتهم طبعًا. وكما في كل خطاب، لم يقف السيد عند أي حدود كيانية، فالحزب الذي يخوض المعركة الكبرى، مع العدو الأول، لا يمكن أن يخضع لحدود وضعها الاستعمار ذات تقسيم.
هذا العدو الأول، الذي اعتبر السيد ان لا حلفاء له بل ادوات يتخلى عنها حال انتهاء دورها، كآل سعود على صعيد الدول، أو بعض الجماعات والافراد التي تصدّق أنها متحالفة مع الأميريكيين. وفي هذا الإطار نبّه السيد نصر الله الكرد الى أن اميركا قد تبيعهم في أية لحظة. تلك النصيحة التي يوجهها لإحدى الادوات التي تستخدمها أميركا في سوريا والعراق، لا ينطق بها إلا قويّ منتصر، قوي إلى الحد الذي يجعله يأسف من أجل الشعب السعودي الذي يأخذه بن سلمان إلى الهاوية!
أحاط السيد بخطابه كل ساحات الحرب التي ما كان "تحرير الجرود" الا معركة منها.. معركة انتهت بانتصار الحق، لأن أهل الحق كانوا أول من تأهب لقتال التكفيريين. فكما ذكر السيد فإن أهالي المنطقة "سارعوا الى اتخاذ القرار بالتصدي للجماعات الارهابية".
وكذلك في سوريا، لم يهزم التكفيريين الا من قاتلهم بحق، اما الاستعراضات الأميركية فلم تكن اكثر من الاعيب حاولت حماية الجماعات التكفيرية بحجة قتالها..
انتهى مهرجان التحرير الثاني.. تناقلت العيون والقلوب بهجة الاحتفال وقوة الخطاب، كمن يتنناقلون بركة يريدونها ان تحل على كل من يستحقها ويدرك قيمتها.. ومع انتهائه، لا بد انكبّ الصهاينة وادواتهم، على دراسته، وعلى تبليغ ابواقهم بوجوب الرد على الخطاب، فلا عجب ان رأينا احدهم يدعو غدا الى مؤتمر صحفيّ يحاول فيه تفنيد خطاب السيد والهجوم على فقراته، أو أن يغرّد آخر الليلة، مجددا الولاء للنظام السعودي، متبرئًا من كل زخم الكرامة الذي يفوح من كل كلمة في خطاب سيد الانتصارات..
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع