بتنا على الأرجح في مرحلة ما بعد الكمين الانقلابي في البصرة ومحيطها جنوبا ووسطا ومنها في كل العراق وربما ما بعد حدود العراق. وأصبحنا في مرحلة ما بعد محاولة نقل أو محاكاة العدوان على أنصار الله في اليمن إلى الحشد الشعبي في العراق ومحاولة تحويل للصرخة من صرخة حق إلى صرخة غدر وتحويلها إلى عاصفة غدر هوجاء ناسفة لكل شيء. فبعد التمحيص المتروي في أحداث البصرة العراقية، دون نزع أي مشروعية عن حق المتظاهرين في المطالبة بالخدمات وغيرها من المطالب الاجتماعية وحتى السياسية، وبعد محاولات التحريض والشحن الطائفي وجر البلد نحو الاقتتال والفوضى، صار واضحا ان توجسنا من سيناريو فتنوي مركب ومتدرج قد يكون اجهض وقد يحتاج إلى خطة "ب" قد تستهدف القوات الامنية والعسكرية وقد تستهدف الحدود وقد تؤدي إلى الاغتيالات والانهيارات. غير ان العنوان الطائفي الأهلي الاحترابي والانقلابي الذي يمثل رابع أكبر وأخطر تهديد في رأينا بعد التهديد الأميركي الصهيوني الاحتلالي والتهديد الإرهابي التدميري والتهديد الانفصالي، يظل يشعل من تحت كما تشعل أميركا والكيان الإسرائيلي من فوق ومن تحت، يشعل كل نيران التهديدات المذكورة ويديمها ويديم أسباب دوامها.
إن أكثر ما يشغل الباحث والمتابع على حد سواء وما يسكن أبناء هذه الأمة مهما كانت مرجعية تفكيرها، هو العدوان على نواة المقاومة الوطنية العراقية الجديدة ومهما كانت هذه النواة، ويصبغها بصبغة المتسبب في الانقلاب وإسقاط عقيدة الدفاع الوطني الجامع عنها. هذه العقيدة الوطنية الحشدية في مثالنا هذا، وقد توجد أمثلة أخرى لا يمكن أن نختلف عليها إذا ما كانت في مواجهة التهديدات الأربع التي أشرنا إليها، هي أهم ما تم العمل على استهدافه دون المغامرة بإخراج هذا السيناريو من حدود العراق كي لا يتكشف اللغم قبل انفجاره. ومع ذلك نحذر من هذا اللغم المركب حاليا، والذي قد يتم التعويل عليه في أي لحظة من جدبد فيما أبعد مما يطوق حدوسنا بمجرد التوجسات، وخاصة بعدما رشح من تصريحات عراقية حول الدور الأميركي والوكلاء فيما وقع.
إننا عندما نحلم بالعراق مجددا وبنهوض العراق من قلب شعبه ولأجل شعبه ودور شعبه في بناء وطنه ومناعة أرضه وبقاء أمته وتحصيل القوة لها لاستعادة حقها وفرض سيادتها ومن ثم تفوقها وتحقيق التوازن الإستراتيجي المطلوب، بل أبعد، لا نرى العراق إلا منارة إصلاح وثورة إصلاح وقضاء على التهديدات. إننا لا نستطيع أن نتخيل عراق الحضارة والريادة والسيادة وتاريخ الشهادة والشهداء من أجل الصلاح والإصلاح والنماء والحق والعدل والرخاء، إلا بوضع حد للطائفية تدريجيا ومن الأسس. وهي فرصة عظيمة تتاح للعراق وإمكانية كبرى قد تأتي معها كل المخارج وكل الحلول. ولذلك نقول: يا عراق، لا علاج للطائفية إلا الوحدوية؛ الوحدوية واسعة الآفاق.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع