على مدى أيام عاشوراء، توزّع في مجالس العزاء التي تقام في الضاحية الجنوبية عشرات الآلاف من عبوات المياه البلاستيكية التي تنتهي غالباً طُعماً لنيران المكبات العشوائية أو تُطمر في مطامر النفايات... من دون فرز أو من يفرزون.
و«لأن عاشوراء ليست للنّدب واللطم فقط، بل هي مدرسة في الإصلاح»، بدأت جمعيتا «حياة بالأخضر» و«لين» نشاطًا لنشر ثقافة الفرز وإعادة التدوير انطلاقًا من المجالس العاشورائيّة الليليّة في عدد من مجمّعات الضاحية. المشروع الذي انطلق العام الماضي من «مجمّع المجتبى»، في منطقة سان تيريز، توسّع هذا العام ليشمل 4 مجمّعات أخرى هي: «مجمّع السّيدة زينب» في بئر العبد، «مجمّع الكاظم» في حي ماضي، «مجمّع سيّد الأوصياء» في برج البراجنة و«مجمّع الإمام الخميني» في تحويطة الغدير.
في شهر محرّم من العام الماضي، تمكّن المشروع من فرز نحو 15 ألف قنّينة مياه بلاستيك فارغة على مدار الليالي التّسع من «مجمّع المجتبى» وحده. هذا العام، يتوقّع القيّمون على المشروع أن يصل العدد إلى 200 ألف قنينة من المجمّعات الخمسة والمجالس الخاصّة.
تشرح آية فضل الله، من جمعيّة «حياة بالأخضر»، أنّ الأمر «لم يكن سهلاً في اليومين الأوّلين لأنّ الناس غير معتادين على الأمر». وعن آليّة العمل، توضح: «مع خروج الحاضرين من المجلس، يقف متطوعون قرب المستوعبات التّي قدّمها اتّحاد بلديات الضاحية الجنوبيّة، وخصّصناها للقناني البلاستيكيّة الفارغة، وندعو إلى التخلص من القناني برميها في المستوعبات». تشير الى أن «كثيرين لم يتعاملوا مع الأمر، بداية، بجدية الفرز بسبب غياب ثقافة الفرز وإعادة التدوير بشكل شبه كامل عن عادات اللبنانيّين اليوميّة، لكن الأمر أصبح أسهل مع مرور الأيام، بعدما اعتاد روّاد المجمّعات وجود المستوعبات في مكانها، فأصبحوا يحتفظون بالقناني لرميها فيها».
تلفت غدير سلامة، من الجمعية نفسها، الى أن كثيرين من الرواد يأتون أحياناً بقنان فارغة عثروا عليها في طريقهم الى حضور المجلس. ونوّهت بالتعاون الذي أبدته الجهات المسؤولة عن المجمّعات والهيئات النسائية في حزب الله، فيما عرض اتحاد بلديّات الضاحية الجنوبيّة تقديم كل ما يلزم لإنجاح المشروع. وتُشدّد على أنّ الاستجابة للمشروع لافتة، «فقد وردتنا اتصالات من أفراد يرغبون في فرز نفاياتهم في منازلهم، كما تلقّينا اتصالات من جهات عدّة تطلب منّا توسعة المشروع ليشمل مجمّعات أخرى. لذلك نأمل أن تكون ثقافة الفرز حاضرة في كل المجمّعات والمجالس الحسينيّة العام المقبل».
بعد الانتهاء من فرز القناني، تنقل في أكياس إلى مستودع خاص. بحسب فضل الله، «واجهنا العام الماضي مشكلة في التخلص من القناني. إذ إن شركات تعمل في مجال إعادة التدوير طلبت مقابلاً مادياً لنقلها إليها (!)، فيما رفضت أخرى نقلها بحجة أنها لا تدخل الى الضاحية. وهذا العام اتفقنا مع شركة على نقل القناني مجاناً».
ورغم النجاح الذي يحقّقه المشروع على صعيد نشر ثقافة الفرز وإعادة التّدوير، يبقى يتيمًا في ظلّ غياب خطّة بيئيّة رسميّة شاملة لفرز المخلّفات من المصدر وتقليص حجم النفايات العشوائيّة التي تأخذ طريقها يوميًّا إلى محارق الموت.