كما كان متوقعًا تمامًا، لم تلقَ جريمة الأهواز أي ردّ فعل من جهة النوّاحين الحزانى بالإيجار. فأرباب عملهم ومواقفهم يقعون في جهة المرتكبين للجريمة. لذا ما اهتز لهم جفنٌ أمام مشهد شهداء وجرحى الأهواز بالأمس. تمامًا كما لم يهتزّ لهم نبض في حضرة جراح اليمن.
لم نسمع أحدهم مغرّدا في شجب استهداف الدولة التي تقود محور الحق في وجه العدوان الأميركي على مختلف وجوهه واشكاله.. الدولة العظمى التي تعين وتموّل وتدعم كل مقاومة حرّة دون أن تنتظر "جزاءً ولا شكورا"..
جميعنا ندرك أن شجبًا صادرًا عن مرتزقة وأبواق أميركا لن يغيّر في معادلة المواقف شيئًا. وجميعنا يعلم أيضًا، أن الشجب كما المديح لا قيمة له في ساحة المعركة. والجمهورية الاسلامية في ايران هي ساحة معركة منذ اتخذت قرارها ودورها في قيادة محور يدرك الاميركيون قبل غيرهم أنه لا يخرج من معاركه إلا منتصرًا.
طاول الارهاب الجمهورية الإسلامية في ايران. مرّ الخبر بشكل شبه عاديّ في قنوات محسوبة، زورًا، على المقاومة. تحدّث بعض الاعلام عن التفجير في الأهواز بلغة تكاد تقول للإيرانيين "هو الثمن الطبيعي لدوركم". وهذا، بشكل أو بآخر صحيح. فالإيرانيون يعلمون أنهم يخوضون حربًا عالمية، ويتحلقون حول قيادتهم بثقة ويقين جميل، لذلك لم نسمع أحدا هناك يخرج مزايدًا على وجع أهالي الشهداء والجرحى قائلا: "لولا تدخّل إيران في الحرب... " كما كنّا نسمع بعض "الزعماء" في لبنان يتباكون علينا بعد كل انفجار طاول الضاحية: لولا تدخل حزب الله في سوريا!
الآن، دعونا نتخيّل لو أن هذا التفجير الإرهابي وقع في باريس مثلا، أو في واشنطن، أو في أي زقاق أميركي أو أوروبي. كنا سنقضي اليومين الأولين بعده في كفكفة دموع المتضامنين، لا سيما أولئك الذين يدّعون أنهم حياديون فيما خصّ الصراع ولكن إنسانيتهم تؤلمهم عند حدوث تفجيرات من هذا النّوع. حتى هؤلاء، غابوا عن التضامن مع ايران. وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ، بوقاحة، على كذبهم في ادعاء الحياد، ويضعهم في خانة المغردين في السرب الأميركي، تحت قناع اسمه "الحياد" أو تحت شعار اسمه "الإنسانية"!
مقاربة موضوع التضامن لا تعني مطلقًا العتب على من لم يتضامنوا. وبطبيعة الاحوال لا تعني أن تضامن هؤلاء يجدي المحور نفعًا. لكنه مناسبة لا بأس بها للحديث عن انتمائهم الحقيقي، واصطفافهم الواضح في الجانب الآخر للصراع، سواء علموا ذلك وتقاضوا عليه أجرًا، ككثير من الإعلاميين والساسة، أو لم يعلموا.
جريمة الأهواز واضحة المعالم. الجهة التي ارتكبتها معروفة. أهدافها واضحة أيضًا. تشبه كل جريمة يرتكبها الصهاينة في فلسطين، والسعوديون في اليمن، وفي سوريا وإن تحت مسمّى "داعش" وأخواتها. أوجعتنا تماما كما اوجعنا كل جرح أصاب البلاد، بلادنا الممتدة من يمن العزّ إلى شام الصبر، ومن فلسطين العشق إلى عراق الجود.. أوجعتنا تماما كما جرح عامل في خد الأرض ذات احتلال، وكدمنا في الضاحية ذات تموز أو حين انفجار.. أوجعتنا لأنها أصابت قلبًا يحبّنا.. لذلك نحن لا يمكن أن نكون من المتضامنين، نحن أهل الوجع الذين نعلم أنّه سيُردّ إلى مصدره مضاعفاً.. هكذا علّمتنا تجارب المقاومة التي وضعتها الجمهورية الاسلامية في عيونها.. وهكذا نبقى، بكل فخر ومباهاة، أهل المقاومة وناسها.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع