على هيئة مغناطيس متفحمِ الأهداف والنوايا فاق سوادُ باطنه الظاهر، تم اجتذاب نفوسهم الحديدية المتصدّئة، كشَتاتٍ يأتون أفواجاً، يُزرعون شوكاً طُفيليَّ النوعِ لا يربو إلا على دماء الأبرياء.. 
هكذا لُملم وجُمع الصهاينة من شتّى أصقاع العالم ليُغرَسوا قنبلةً موقوتةَ وممقوتةَ، لا تمتلك أي مقومات الاستئناس مع سائر أبناء البشر.. جاؤوا بتلمودهم وحقدهم ليفتتِحوا صفحاتِ كتابهم المقدس المخطوطِ بمخالبهم، ويَتْلُوا على مرأى التاريخ ومسمعِهِ مجازرَهم على مذبح ديانتهم المزعومة.
نعقُ مزاميرهم التلمودية أرفقَ بأوركيسترا غربية البُوق.. آزرت وناصرت واستشرست في تثبيت أوتادهم في رمالٍ وصخورٍ وترابٍ، شهد على طُهرِهِ وطهرِ من داسَهُ أهلُ السماءِ قبلَ أهل الأرض.
ولعلها الصفقةُ الأوقحُ في تاريخ البشرية جمعاء.. أن يمنحَ من لا يملك، من لا يستحق. وبذلك تبدأ نواة تلك الدولة المزعومة، لقيطةَ الأصل عنصريةَ النظرةِ، مُؤسسةً عرشها على بقعة مغتصَبَةٍ، وما أُخذ غصباً فهو حرام. 
نعم لا يختلف اثنان على تلك الحقيقة.. لكن ليست كلُّ حقيقة تُقرأ بحق.. فكم من خائنةِ أعينٍ أسدلتْ ستارها على بصيرتها، فتعامتْ وصَمَّتْ وتعمدتِ البُكم كفديةٍ تُسيِّجُ بها ما غنمته من ممالك وإمارات. 
ولأن الارضية خصبة عمادُها هذا النوعُ من الخونة، جاء التطبيع كأداةٍ أوقحَ من السطوِ نفسه، واغتصابِ الأرضِ نفسِها.. فعليك أيها العربي أن تؤمِن بشراكة ذلك الكيان ومجاورته ووجوده في محيطك الذي لا يتجانس معه.. عليك أن تفبركَ عضلات تفكيرك وتبرمج معتقداتك بما يتناسب مع قبول وجود ذلك الجسم الغريب.. بل والتهليل لكل ما في جعبته وما أظهرَ حتى يومنا هذا وما أخفى.. 
فماذا يعني أن الصهيوني ذبح الطفولة؟ طالما هناك أم وَلود، ومن ذُبحوا سيُعوضون بأطفال آخرين.. 
ماذا يعني أن الأعراضَ استبيحت؟ الأمر بسيط.. أحداثٌ مضت، وحتى لو كانت قابلة للحدوث في أي لحظة.. 
ماذا يعني أن البيوت اقتُلعَ منها من بَنَوها وبَنَوْا أحلامهم وأحلام أجدادهم فيها؟ الأمر بسيط.. فبلاد الله واسعة.. فليتخذوا من أي بقعة لم تصل بعدُ إليها أيادي المستعمرين بنياناً لهم.. 
وماذا يعني أن الأرض استبيحت.. فلتستبَح طالما أن العروش مصانة بصمت ظاهر ومؤازرة ودعم باطني.. 
ماذا وماذا وألف تبسيط وتبسيط وألف تبرير وتبرير.. من الأعراب قبل الاغراب..
لكن مهلاً! توقف يا طُرفةُ بن العبدِ هنا.. ولا تتلُ على مسمعي بعضاً من قصيدك.. ولا تقل لي "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهندِ".
فأبواق التطبيع ليست من ذوي القربى.. وليس الجبناء والأنجاس أعراباً كما يزعمون.. وليس كلُّ من حمل الاسلام حروفا على بطاقةٍ، حملَ القضيةَ بندقيةً بوجه الاحتلال.. 
أفِقْ أيها المطبع! فلست إلّا صدىً لمعزوفة باتت مهترئة بفعل أهل العزم والبأس.. لست إلا صوتاً صهيو-أمركيًا لا يصلك من ترجيعِ الصوت إلّا حفْناتٍ من الدراهم والدنانيرِ تمرُّ على جثث أطفالك وكرامتك ومصيرك.
استيقظ من سباتك فاليوم مطَبِّعٌ وغداً مُستباح.. 
أفق.. وانفض غبار التّذاكي الذي تتنعمُ فيه فالحبل على الجرار.. 
أفق.. قبل أن تستفيق على نحرِك وأنت تردد " قتلتُ يوم قتل الثور الابيض".

المصدر: خاص

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع