ظريف: آلية مشتركة مع أوروبا بوجه العقوبات… وأردوغان: المماطلة السعودية لحماية شخص
إعلام الاحتلال: انتفاضة الجولان انتصار للأسد وإفشال للتطبيع الخليجي
إنكار الأحجام وتعطيل الحكومة: بعد عناد جنبلاط والقوات… عناد الحريري

 

المحرّر السياسيّ – البناء

 

بين مشهد يواصل الحضور ومشهد آخر يستعدّ للحضور يتقاسم الساحة السياسية والإعلامية عنوانا، التحقيق في مقتل جمال الخاشقجي بين الرياض وأنقرة والمناخات الدولية المحيطة، والتحضير للعقوبات على إيران في الحزمة المتشددة والاستعدادات الإيرانية لملاقاتها. وبينما تتصاعد المطالبات في أوروبا والمنظمات الحقوقية بتحقيق دولي، وترتفع بين الكونغرس الأميركي والحكومات الأوروبية الدعوات لوقف تصدير السلاح لحساب السعودية، صعّد الرئيس التركي رجب أردوغان موقفه بالحديث العلني عن مماطلة سعودية مهمتها حماية شخص، والمقصود طبعاً هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وكلام أردوغان يأتي بعد يومين من الفشل في التعاون القضائي السعودي التركي، لم ينفع في تبديد الشكوك وبناء الثقة بين طرفيه تأجيل النائب العام السعودي لسفره وتسليم نسخ من التحقيق مع المتهمين السعوديين للمدعي العام التركي أملاً بالحصول على التسجيلات التركية، التي بقيت بحوزة أنقرة، على قاعدة أن معيار التعاون السعودي هو الكشف عن مكان جثة الخاشقجي وعن اسم المتعاون المحلي الذي يقول التحقيق السعودي إنه تسلم الجثة.

على ضفة العقوبات الأميركية على إيران كان الحدث إعلان وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف عن إنجاز التفاهم مع أوروبا على آلية مالية تتيح مواصلة بيع النفط الإيراني للسوق الأوروبية، والكمية التي تبيعها إيران لأوروبا تمثل أكثر من ثلث إنتاجها حيث تبلغ مليون برميل يومياً، فيما ستتولى شركة أوف شور روسية أنشأتها غاز بروم مهمة إعادة بيع نصف مليون برميل من النفط الإيراني يومياً للدول والشركات المتضرّرة من العقوبات خصوصاً في الهند والصين.

في المنطقة كانت انتفاضة الجولان هي الحدث، رغم خطورة ما يجري في شرق سورية من تسليم لمناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية لحساب تنظيم داعش بقرار أميركي، وجاءت الانتفاضة رفضاً للانتخابات المحلية التي ينظمها الاحتلال ويفرض فيها على سكان الجولان التأقلم مع ضم المنطقة المحتلة إلى كيان الاحتلال. وقد نجح أبناء الجولان العربي السوري وهم يرفعون علم الدولة السورية ويلوّحون بصور الرئيس بشار الأسد، بإغلاق قراهم وبلداتهم وإقفال صناديق الاقتراع التي وضعتها وحرستها قوات الاحتلال، مؤكدين عروبتهم وهويتهم السورية. وكانت ردود الأفعال التي أجمعت عليها أغلب المقالات والتقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تلتقي على اعتبار الانتفاضة انتصاراً للرئيس بشار الأسد، وانتكاسة لمسار التطبيع الذي أطلت عليه «إسرائيل» بإنجازات من عواصم الخليج.

لبنانياً، بدت الحكومة تبيت ليالي في بيت الوسط بعدما باتت آخر لياليها في معراب، وبات واضحاً أن مسار إنكار معايير التمثيل في الحكومة على قاعدة نتائج الانتخابات النيابية جامعاً مشتركاً بين العقد التي تنقلت بين محطاتها الحكومة، بعدما عطّلها عناد النائب السابق وليد جنبلاط بقبول الشراكة في تمثيل طائفته، ثم ارتضى القبول بالواقعية في مقاربة الملف الحكومي، ليعود عناد رئيس القوات اللبنانية فيعطلها برفض القبول بحجم يوازي ويزيد قليلاً على حجم كتلته النيابية قبل أن يرتضي ما عرض عليه. وتستقر العقدة ذاتها اليوم عند الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الذي يُنكر على النواب الذين يمثلون بعددهم وحجم ناخبيهم ثلث طائفتهم أن يشاركوه ويشاركوا تيار المستقبل بتمثيلها في الحكومة، بينما تقول مصادر في قوى الثامن من آذار إن أصل المشكلة كان بالتخلي عن التوزيع السياسي للمقاعد الحكومية بين كتلتين نيابيتين متساويتين وتملكان تمثيلاً نيابياً في كل الطوائف، لقوى الثامن من آذار وقوى الرابع عشر من آذار، والذهاب للتوزيع الطائفي فتبخّر مفهوم حكومة الوحدة الوطنية وسقط تمثيل القوى اللاطائفية، ومُنح الطائفيون فرص تصنيع العقد وتعطيل ولادة الحكومة.

الحريري لعون: لن أوزِّر سُنّة المعارضة من حصّتي…

لم تكتمل الأجواء الإيجابية التي رافقت مفاوضات ربع الساعة الأخير بإخراج الحكومة الى النور يوم أمس كما كان متوقعاً، إذ إنّ الرياح جاءت معاكسة لسفن بعبدا وبيت الوسط، فحَلّت الذكرى السنوية الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون وبدأت السنة الثالثة من العهد وما زالت الحكومة أسيرة رفض الرئيس المكلف سعد الحريري تمثيل سنة 8 آذار بعدما بقي أسير شروط القوات اللبنانية طيلة خمسة أشهر، ورغم أحقية تمثيل نواب اللقاء التشاوري استناداً الى نتائج الانتخابات النيابية فضلاً عن تأييد الرئيسين عون ونبيه بري لهذا المطلب. ما يدعو للتساؤل عن أسباب عدم اعتراف الحريري بهذه الحقيقة التمثيلية وحصر تمثيل الطائفة السنية به وبتياره فقط؟ وما يدعو للاستغراب أكثر هو أين مصلحة الرئيس المكلف بتعليق الحكومة والبلاد على وزير واحد بينما يحتفظ لنفسه برئاسة الحكومة وخمسة وزراء آخرين من تياره السياسي الى جانب 6 وزراء من حلفائه القوات اللبنانية والاشتراكيين؟ فهل وجود وزير من اللقاء التشاوري في الحكومة يشكّل تهديداً لموقعه الرئاسي أو معرقلاً لسياساته المالية والاقتصادية؟ وهل مَن نزل عن رضى القوات لتلبية مطالبهم لا يستطيع حل عقدة تمثيل وزير واحد؟

وكانت العقدة المتبقية «سُنّة 8 آذار» محل بحث ونقاش بين الرئيسين عون والحريري خلال زيارة قام بها الأخير الى بعبدا بعيداً عن الإعلام، وبحسب المعلومات فقد أبلغ الحريري عون «رفضه توزير سنيّ من خارج تيار المستقبل في الحكومة من حصّته»، مضيفاً ان «هؤلاء يشكّلون 8 في المئة فقط من الشارع السني، كما أنهم ليسوا كتلة واحدة ولا ينتمون الى حزب واحد»، مؤكداً أن «مَن يُصرّ على توزيرهم، فليوزِّرهم من حصته»، كما قدّم الحريري الى عون تشكيلة حكومية تتضمّن أسماء الأطراف المشاركة في الحكومة باستثناء أسماء وزراء حزب الله الذي رفض تسليم أسماء وزرائه قبيل حلّ عقدة تمثيل سنة المعارضة. ولفتت مصادر مقربة من الحريري لقناة الـ»أو تي في» إلى أن «الحريري قال لرئيس الجمهورية ميشال عون إنّ الصيغة الحكومية جاهزة بالحقائب، ولكن الأسماء غير مكتملة والجهود مستمرّة لاستكمالها». وقد طلب الحريري من عون المساعدة على إيجاد الحل المناسب لهذه العقدة. وبحسب المعلومات فقد نشطت الاتصالات لتأمين مخرج مناسب يُرضي الجميع. من جهة أخرى رفضت مصادر بعبدا رمي كرة العقدة السنية في ملعب رئيس الجمهورية، نافية توجّه عون الى حلّ العقدة عبر تمثيلهم من حصة رئيس الجمهورية.

وقد رفضت مصادر 8 آذار اتهامات المستقبل بأن حزب الله يريد عرقلة تأليف الحكومة، نافية لـ»البناء» أي علاقة بين هذا الأمر وظروف خارجية فرضت موقف الحزب، كما نفت الحديث عن أن هؤلاء النواب المنتخبين يتبعون إلى حزب الله بل لديهم تمثيلهم في المجلس النيابي، مشيرة الى أن من انتظر أشهراً عدة لإرضاء القوات يمكنه انتظار بضعة أيام لحل العقدة الأخيرة.

وفي غضون ذلك، حطّ النواب السنّة المستقلون في عين التينة حيث اجتمعوا الى رئيس مجلس النواب نبيه بري وقد غاب منهم عبدالرحيم مراد وقاسم هاشم بداعي السفر. وبعد اللقاء، قال النائب الوليد سكرية «رئيس المجلس يُصرّ على تمثيلنا والمسألة عند الحريري ليوجد الحلول لذلك»، مضيفاً «لا بدّ من تمثيل اللقاء المستقل بوزير في الحكومة. والمسألة لدى الحريري». وقال «على الحريري إيجاد الحلّ للعقدة و»تيار المستقبل» يُريد إلغاء الآخرين ومن حقّنا الحصول على مقعد سنّي في الحكومة من أصل 6 ونحن ندافع عن حرية ناخبينا». ولدى وصوله الى عين التينة قال النائب جهاد الصمد «إذا أخذنا حقنا «في حلحلة» وإن لم نأخذ حقنا «فلا حلحلة».

كما انتقل الوفد الى الضاحية الجنوبية، حيث التقوا المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل. وقال النائب فيصل كرامي على الأثر، إننا متفائلون بأن الجميع سيعمل بسرعة لتذليل كل العقبات وتشكيل الحكومة في أسرع وقت. أما خليل فقال: إنه مطلب محقّ لهم ولا أعتقد أنهم يأخذون من حصة أحد، بل من حصة أهلهم وشعبهم. لذا نقف الى جانبهم. وأشار الى أنه ليس مطروحاً البحث عن بديل للرئيس الحريري. وما يسمّى بعقدة السنة المستقلين ليست أكبر من العقد التي حُلّت. وأضاف: في كل المعايير التي وضعت للتشكيل، مطلبهم محق. ونحن لسنا من هواة «الهوبرة» في الإعلام والمطلب كان من اللحظة الأولى.

وقالت مصادر الوفد لـ»البناء» إننا تلقينا دعماً مطلقاً من الرئيس بري وحزب الله بتمثيلنا ولو طال أمد التأليف، مشدّدة على أن «لا نريد حصة من أحد، بل نريد حقنا، مؤكدة أنهم لم يطلبوا حصة من الثنائي الشيعي ولا من رئيس الجمهورية».

وبحسب مصادر بيت الوسط، فإن الحريري لا يزال على موقفه من تمثيل سنة المعارضة وعمدت دوائر الحريري الى توزيع أرقام مشوّهة ومزوّرة عن نسب الأصوات التفضيلية التي نالها النواب السنة الستة، وذلك لتبرير رفض تمثيلهم، وقد تداعى أعضاء كتلة المستقبل الى بيت الوسط للتشاور في المستجدّات الحكومية، وأشارت أوساط نيابية مستقبلية لـ»البناء» الى أن «اجتماع النواب حصل بغياب الحريري الذي كان في هذا الوقت في بعبدا، وبالتالي لم يبحث المجتمعون في الوضع السياسي ولا ما يُسمّى العقدة السنية بل بأعمال الكتلة الإدارية». وأوضحت الأوساط أنه «إذا كان حزب الله مصراً على تمثيل النواب السنة المحسوبين عليه فليتكفل بهم من حصته، فالرئيس المكلف وضع معايير للتمثيل وهذا الأمر من صلاحياته الدستورية وليس لأحد آخر. وهو وضع تشكيلة حكومية تراعي الأحجام والحصص لكل الكتل بعدما استمع لكل الأطراف ومَن يطرح عقد تمثيل السنّة فليتحمل مسؤولية تأخير الحكومة». ونقلت المصادر عن الحريري قوله إنه لن يترأس حكومة إن أجبره الآخرون على تمثيل النواب السنّة المعارضين من حصته»، وعن تأكيد حسين الخليل أن ليس مطروحاً بديل عن الحريري لتأليف الحكومة، ردت الأوساط المستقبلية: «إذا كان حزب الله متمسكاً بالحريري فلماذا يضع شروطاً إضافية ويُحرج الحريري؟». مضيفة أنه «رغم الخلاف السياسي العميق مع الحزب ارتضينا المشاركة معه في الحكومة وربط النزاع لما فيه مصلحة البلد»، وعن تأييد الرئيسين عون وبري مطلب تمثيل سنة المعارضة ردّت: «لكل طرف الحق في إبداء رأيه، لكن لن يُجبَر الحريري على ذلك قسراً، متسائلة «لماذا استفاق الآخرون على ما يُسمّى العقدة السنية بعدما حُلّت جميع العقد لا سيما المسيحية؟».

وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل قد أشار في تصريح له لدى وصوله الى عين التينة إلى أن «جوّ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يدل على أن الأمور معقدة في ما يخصّ العقدة السنية».

من جهته أكد تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه الاسبوعي برئاسة الوزير جبران باسيل في المقر العام للتيار الوطني الحر في سنتر ميرنا شالوحي، «الحاجة الى سلطة تنفيذية فاعلة ومنتجة، لذلك يبدي التكتل كل إيجابية، ويعلن أن يده ممدودة لجميع الكتل لتكوين حكومة منتجة، لا سيما أن عنوان المرحلة المقبلة هو الإنتاج وكل شيء يرخص للوصول الى هذا الهدف الذي يحتاجه اللبنانيون».

الى ذلك، وفي الذكرى الثانية لانتخابه، يتوجّه رئيس الجمهورية إلى اللبنانيين في حوار إعلامي مفتوح ومباشر عبر محطات التلفزة والإذاعة، ابتداء من الساعة الثامنة والنصف مساء اليوم، وسيتحدّث الرئيس عون عن سنتين من عمر لبنان ويرسم تطلعاته للسنوات الأربع المقبلة.

المصدر: البناء