مرّت أيّام يا أمل.. يا كلّ طفولة اليمن، والحريق ما زال يأكلنا كما أكل الجوع من نبضك حتى شبع.. نمتِ يا صغيرة وما زال هدوء وجهك ساعة انفصال الروح يعرّي أرواحنا ويرمينا في برد من ضجيج لا يُقال.. نمتِ وقد شربتِ الموت قطرةً قطرة، وشربنا أمام صورتكِ فيض العجز فينا حدّ الغرق.. وبعض الدّمع اعتذار يا ابنتي، فاعذرينا..
أمل، طفلة اختصرت أطفال اليمن.. ماتت جوعًا.. ماتت جوعًا يا أيها الكوكب الميّت.. على مرأى عينَي أمّها وعيوننا وعيون وحوش.. ماتت ولم يُشفَ غليل آل سعود ولا حقدهم.. فموت رفاقها وتبعثر الاشلاء التي سبقتها إلى الموت في القصف وفي العدوان لم يعد تكفيهم أو يشبع ظمأهم إلى دمنا.. فكان القتل جوعًا وحصارًا اسلوبهم الجديد في التعبير عن جبنهم في مواجهة الحرّ اليمني المقاتل.. لم يتمكنوا من بطل يمتشق روحه خنجرًا وينادي: يا سعودي أنت محاصر، فحاصروا طفولة اليمن وغرزوا في خاصرتها سيفًا من جوع وعطش.. وموت بطيء!
وبعد، هي الحرب التي تكتب زوال آل سعود.. هذا يقين. هي المقاومة التي ترسم وجه العالم خاليًا من وحوش الأرض.. وهذا يقين. وهي المعركة الأصعب والقتال الأشدّ مرارة والذي لن يتوقف قبل جثة بن سلمان تحت اقدام الأحرار.. يقين أيضًا.. لكن، لا يمنعنا اليقين من اطلاق صرخة وجع، من أنين مرّ خجول، من دمعة نتمنى لو يحملها الغيم قطرة ماء تهوّن الموت عطشًا.. لا يمنعنا ايماننا بالنصر في المعركة الأخيرة من تقدير اتساع جرحنا، من الإقرار بأن الارواح التي حصدها الموت أخذت قطعًا من أرواحنا نحن الذين ما زلنا على قيد التفرّج، على قيد التأمل في الوجع، وعلى قيد العجز الكلّي عن المشاركة في رفع السكين عن مواضع الجراح..
في المشهد المقابل لصور أطفال اليمن، صورة ابن سلمان والحقد مرسوم على وجهه ضحكة من الف شيطان جبان.. صورته وقد أغرقه الجبن في بحر من دم مظلوم، ودموع تملك حريّتها وعيون الحق العالية، فيراها ويلمح من خلالها ارتهانه وسفالته ودناءة السلالة التي تحدّر منها، وستنتهي في عهده.. تلمحه متبجّحًا بذلّه في محضر ربّه الأميريكي، ومتماديًا في ظلمه بحق من لا يملكون الا الحق سلاحا ويقاومون. تراه وقد اكتسى بكل لعنات التاريخ، يمشي إلى نهايته طائعًا، ذليلًا كما بدأ.. لا يمكن لقلبك أن يهدأ وينام بعد جوع أمل، الا إن ذهبت في خيالك إلى المستقبل القريب.. هناك حيث يمكنك أن تشهد كيف أن كل هذا الوجع سيحلّ أضعافا على سلالة القتلة التي توارثت الحقد، وتناقلت الاجرام، وتبادلت الخبرات في فقدان الروح الإنسانية جيلا بعد جيل.. ستراه يموت جوعًا وتشمت.. ستراه يزفر زفرات الموت وتشمت، رغما عنك ستشمت.. ستراه يتململ في نزيف روحه ويموت، وستخبره بأعلى صوتك أن قدر القاتل القتل.. فكيف بحامل دم سلالة من قتَلة السافك لدم آلافٍ من المظلومين.. سترى دمه الاسود النتن على خنجر يمنيّ حرّ، خنجر قد ينطق في ساعة اعجاز ويقول: آن زوال آل الشر.. آن زوال آل سعود.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع