مرَّ يومان على خطاب السيّد حسن نصر الله في يوم الشهيد، وما زالت "الردود" تسعى إلى لفت النظر، لا سيّما بعد أن تحسّس الجميع حجمه، واكتشف ضآلته التمثيلية في مواجهة الأعلى تمثيلًا وقوّةً، فأراد تسجيل حضور له في حملة الردود، عسى يزيده ذلك قليلًا من الظهور، الذي يثمّنه سفيرٌ من هنا أو قنصلٌ من هناك.
المهم، صحت أسماء من غيبوبتها لتردّ على السيد نصر الله، وبدون أي موقف مسبق، يمكن تقييم جميع "التغريدات" والمواقف بالهزيلة المضحكة، خاصة أنها لم تعد على مطلقيها إلا بالسخرية، حتّى من قِبل متابعيهم ومناصريهم، إن وُجدوا.
اعلاميون وسياسيون ومدانون معفى عنهم تهافتوا إلى الرد. التحق بهم أبناء وأقارب عملاء ومضلَّلون ومضلِّلون. جميعهم حاولوا أعلى ما في استطاعتهم في صياغة ردٍّ يثبت للسيّد نصر الله أنّهم يستحقون لفتة منه في خطابه المقبل. وإن اتخذوا في بعض الأحيان وضعيات هجومية طفولية، فذلك ليس أكثر من استعراض عاد عليهم بعكس ما ارادوا. كلّ ذلك لم يُنتج جملة مفيدة واحدة يعوّل عليها "مناصروهم" للمرحلة الآتية. فعادوا إلى الدوران حول أنفسهم، لعلّ وعسى يجدون في تاريخهم، القريب أو البعيد، شيئاً يغرون به محيطهم، أو يخيفونه، كي يكفَّ عن النظر إليهم باستخفاف، كي لا نقول باحتقار.
لقد أراد مطلقو الردود أن يدخلوا نشرات الأخبار من باب الندّية، (وحاشاك يا سيد المقاومة والشرف أن يكون من بينهم لك ندّ)، فخرجوا من باب وسائل التواصل بوجوه شاحبة، ولسان حالهم: تبهدلنا!
أمّا الجهبذ وريث الفشل والافلاس السياسي، الذي كلّفته بالتكافل والتضامن الصيغة اللبنانية وتواضع الكبار بتشكيل الحكومة، فهو يتوعّد بردٍّ قاسٍ، وبالمناسبة، هذا الوعيد كان "نكتة" اليوم. للأمانة، لقد نجح سعد بن رفيق آل حريري في أن يكون عنوانًا اخباريًا اليوم كونه بالتهديد بالردّ قد شغل الناس ضحكًا واستعجالاً للغد، الموعد الذي قال فيه إنّه سيردّ.
وبذلك، يمكن القول إن من بين جميع من حاولوا الردّ ثمة واحد فقط تمكّن من لفت الأنظار بانتظاره صياغة ردّه، والتلويح به، فبدا وكأنه كلّف جميع مستشاريه بعصف أذهانهم والتكافل لكتابة نص، وقد اعتاد أن يقرأ ما يُكتب له، سواء قرأه طوعًا أو مرغمًا. وهنا، لا يمكننا إلا أن نتمنى أن يكون النص المقروء خاليًا من الأخطاء الإملائية، وسهل التهجئة، ويحوي مضمونًا يليق بمكلّف، حتى الآن، بتشكيل حكومة بلد يهدّد الصهاينة بالردّ على أيّ اعتداء "حتمًا حتمًا". هذا التهديد، الذي في مصداقيته وجهوزيته هو أكثر ما أثار حفيظة جماعة "الردود" المتعجّلة، لسبب أو لآخر.
قال السيد كلمته.. ذكّر الجميع بأحجامهم الحقيقية، بعد أن ظنّوا أن تواضعه يجعلهم كبارًا.
قال حقيقة الأشياء كما هي، فوجدوا أنفسهم عراة حتى من الكرامة الوطنية، ومن الحس بالمسؤولية تجاه "ناسهم" على الأقل، فلم يستتروا بل خرجوا إلى العلن يتبجّحون بمعاصيهم.. وغدوا أضحوكة ناسهم، وسائر الخلق.. غدًا، موعدنا مع المكلّف المسافر العائد. نتمنى أن يردّ بجملة مفيدة يعوّل عليها، وإلّا فليصمت لأجله، ولأجل صفة "رئيس حكومة سابق" التي يحملها، وإن بدت أحيانًا فضفاضة عليه.. وكي لا يلتحق ردّه، بالشكل والمضمون، بسائر الردود التي صغّرت أصحابها أكثر فأكثر.. فنحن في النهاية، لا يمكننا أن نكمل مسيرة العيش المشترك مع كائنات مجهرية أو مع جمع من الصغار الصغار..
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع