على النقيض من غرفة الموك الشهيرة التي أغلقت أبوابها في عمّان، والتي كانت تجمعُ إلى جانب الخبراء الإسرائيليين والأمريكيين محترفي الفتنة من أنظمةِ الخليج ومحور الاعتلال لهدفٍ واحد هو تدمير الدولة السورية أحد الأضلاع المهمة في جبهة المقاومة، فإن غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة كانت تصنعُ التاريخ بالعمل الكفاحي المتّحد بوجه الصهاينة.
عملية التسلّل الفاشلة التي حاولت قوات الاحتلال تنفيذها قبل أيام (أنصارية غزة) بواسطة المستعربين المدرّبين الوصول لبعض الأهداف، يبدو أن أحد أهدافها كان زرع الفتنة بين الفصائل من خلال الإيحاء بأن ما حصل هو احتراب بين المقاومين، لكن اليوم بعد هذه الجولة من صراعنا مع بني صهيون رأى العالم أن الجيش الذي لا يقهر ومن ورائه أمريكا والغرب وأموال آل سعود عاجزٌ عن التوغل في غزة المحررة عندما يسود منطق المقاومة والجهاد.
هنا صار لزاماً على أهل فلسطين والمقاومين تمييز الصديق من العدو، حيث يهرول أدعياء العروبة للتطبيع مع عدو فلسطين الذي دنّس القدس، لكن التاريخ يسجّل أن الفعل المقاوم في غزة أجبر نتنياهو على التراجع واستجداء التهدئة ليس فقط نصرا على اليهود الغاصبين بل على العربان كذلك الذين حرفوا بوصلة الصراع وزوروا التاريخ لحماية حاملة طائرات الغرب ومخزن أسلحتهم في قلب عالمنا الإسلامي.
ها هي معادلة الردع تتعزز في وجه إسرائيل المعتدية ونصل اليوم الى مسار يهدد وجودَ هذا الكيان المسخ بعد أن سقطت نظريةُ الحرب الخاطفة التي كانت تتباهى بها إسرائيل والمحور في عوامل هذا السقوط هو الجهد الداخلي المقاوم والمضحّي، لكننا أيضا نستذكرُ هنا ما قاله أمين عام حركة الجهاد الاسلامي رمضان عبد الله قبل سنوات في ذكرى استشهاد المقاوم عماد مغنية :"إن بصمات عماد مغنية ستظهر في كل صاروخ يُطلق على العدو الإسرائيلي من داخل غزة".
لقد كان مغنية في مرحلة ماضية مهندس تحطيم الجبروت الصهيوني من خلال نقل السلاح وهو جهد لم يتوقف إلى يومنا هذا في الحرب أو السلم، وعندما تسد كل الأبواب كان خبراء جبهة المقاومة لا يبخلون بنقل التكنولوجيا وحتى أسرار التصنيع لمهندسي المقاومة الفلسطينية بهدف الإنتاج المحلي.
في الأمس شاهدنا كمين العلم حصرياً على قناة الميادين المقربة من محور المقاومة، كمينٌ بعملية نظيفة وغير مكلفة وبأسلوبٍ مبتكر استخدم سارية علم مفخخة، أوقع ستة جنود بين قتيل وجريح، وعقب بث مشاهد العملية أهدى الأخ أبو مجاهد الناطق باسم لجان المقاومة العملية الى شعب فلسطين والى محور المقاومة الداعم، ما يعني أن الساحات مفتوحة اليوم بين الحق والباطل بين الكيان الغاصب وأحذيته في عواصم العمالة من جهة وبين أطراف جبهة المقاومة من طهران إلى غزة دون إغفال اليمن العربي العظيم الذي يقارع نظام القبيلة الوهابي ذراع إسرائيل الأيمن في المنطقة.
النظام الثوري الواعد في صنعاء هو السباق دوماً لاستنكار كل عدوانٍ إسرائيلي على فلسطين ولا تمر مناسبة إلا وتمتلئ شوارع المحافظات اليمنية نصرة لفلسطين وتحت شعار الموت لإسرائيل، ولم تتردد كذلك المقاومة العراقية وفصائل الحشد الشعبي بالإعلان أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء العدوان على غزة وهي مقاومة تمسك بمساحات كبيرة من الصحراء -خط إمداد المقاومة- وقد قارعت من قبل الاحتلال الامريكي ومن ثم أدواته التكفيرية الداعشية التلمودية المكلفة اليوم بحراسة حدود الصهاينة مع مصر وقد قامت بقتل المجاهدين الذين ينقلون السلاح الإيراني إلى داخل القطاع.
السلام على الجنود المجهولين الأحياء منهم والأموات ناقلي السلاح إلى المقاومة في غزة، السلام على عماد مغنية وسامي شهاب وعلي ديب وجهاد جبريل وعلي صالح وغالب عوالي ومحمود المبحوح والعميد في الجيش السوري محمد سليمان والمجد لكل أصدقاء فلسطين الصادقين.
(كاتب فلسطيني)
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع