الرياض تعلن عزمها إعدام خمسة متهمين بقضية الخاشقجي… وأنقرة تتّهمها بالتخلص من شهود
وقفُ حرب الحُدَيْدة يلاقي… هزيمة «إسرائيل» في غزة بفشل يمني للسعودية
حراك حكومي بلا مقترحات عملية… والحملة الحريرية مستمرّة
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
خلال ثمان وأربعين ساعة، تلاحَقَ تدحْرُج حجارة المخططات السعودية والإسرائيلية بالتتابع، وتدحرجت رؤوس مسؤولين في النظامين، وبدا التزامن أكثر من مجرد صدفة كما بدا أن حجم الانهيار يعبر عن وصول الخيارات الحاكمة في الكيانين إلى طريق مسدود، فنهاية حرب غزة قبل أن تبدأ بسبب قوة توازن الرعب الذي فرضته فصائل المقاومة، بدا نقطة ضعف قاتلة لمكانة السعودية التي لم يعُد لها حليف تستند إليه بقوة في حسابات المنطقة وتوازناتها سوى «إسرائيل»، بينما بدا فشل السعودية في حرب اليمن وتهوّرها بصورة أصابت مكانتها الدولية بضربة قاضية، بمثابة إصابة قاتلة للرهان الإسرائيلي على حلف مع السعودية يواجه إيران.
في تطورات قضية قتل الخاشقجي قدّمت الرياض قراءة للعملية نسبتها لنتائج تحقيقاتها، سرعان ما تحوّلت إلى مصدر لتساؤلات وصلت حد السخرية من الرواية والسيناريو الخيالي الذي قدّمته، والأهم النتيجة التي خلص إليها التحقيق بالتمهيد للتخلص من خمسة من المشاركين الرئيسيين في العملية تحت شعار معاقبتهم على الجريمة بالإعدام، وهو ما وصفته تركيا وقوى حقوقية أوروبية بالتخلص من شهود الإثبات على تفاصيل العملية ومسؤولية ولي العهد السعودي عن اتخاذ القرار بتنفيذها.
بالتوازي مع محاولة تفادي مخاطر قضية الخاشقجي وجد الحكم السعودي نفسه مضطراً، للسير بمحاولة تخفيف الأثقال في حرب اليمن، بعدما سُدَّت الطرق على تحقيق إنجاز عسكري، وباتت الحرب عبئاً عسكرياً وهي بالأصل عبء معنوي وسياسي، لم يعُد المجتمع الدولي قادراً على تقبّلها، رغم وجود حلفاء وشركاء للسعودية في الحرب وتغطيتها، لكنهم بلغوا جميعاً ساعة اليقين بأن أكلاف هذه الحرب صارت أعلى من عائداتها المتوقعة والمرتجاة.
لبنانياً، ورغم تكسر السيوف والرماح الإسرائيلية والسعودية المتلاقية على إضعاف المقاومة وحلفائها، والعبث في ساحتها، لا يزال الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مصراً على تجاهل تمثيل نواب اللقاء التشاوري من حصة طائفتهم التي تقاسموا تمثيلها مع تيار الحريري بثلث مقابل ثلثين، فتواصلت حملته عليهم وتصاعد إشراك شخصيات جديدة في الحملة كان أبرزها كلام رئيسين سابقين للحكومة هما فؤاد السنيورة وتمام سلام، وأعقبتها ردود من نواب اللقاء كان أبرزها كلام النائب فيصل كرامي برفض وصف النواب المستندين إلى إرادة شعبية بأحصنة طروادة، أما الحراك السياسي المستمر والذي يقوده رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل فبقي محاولة لفتح الطريق لحوار حول العقدة، من دون تقديم مخارج عملية قابلة للتسويق لدى الطرفين المتقابلين، الحريري واللقاء التشاوري، ودون النجاح في وقف الحملات التي يقودها تيار المستقبل على نواب اللقاء التشاوري.
جبهة مسيحية لحصار باسيل؟
رغم الترحيب الذي لاقته المصالحة بين تيار المردة والقوات اللبنانية من القيادات اللبنانية والارتياح الذي ساد الساحة المسيحية، إلا أن الأهداف السياسية لاتفاق «طي صفحة الحرب» كامنة بقوة في حسابات الطرفين السياسية وليست بعيدة عن تطلعات «أعداء الأمس» الى بعبدا. ليس الأمر تشكيكاً في نيات أطراف المصافحة والمصارحة، بل الأكيد أن التوقيت السياسي ليس بريئاً… فلماذا فُعلِت لجنة المصالحة «القواتية» «المردية» «الكنسية» عملها منذ عامين ونيّف أي بعد وصول الرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية على «زعل» بين فرنجية والتيار الوطني الحر؟ ولماذا أتت مصالحة بكركي بعدما ثبُتَ بالعيون العونية – القواتية المجردة انهيار اتفاق معراب من بوابة الحكومة الحالية ووقائع ومجريات مفاوضات الحكومة المرتقبة؟ فهل نحن بطور تشكيل جبهة مسيحية جديدة عنوانها حصار التيار الوطني الحر ورئيسه المرشح الرئاسي جبران باسيل؟ وهل تقاطعت مصالح فرنجية – جعجع حول هذا الهدف؟ وهل باتت القوات اللبنانية أقرب الى تيار المردة من التيار الحر؟ فماذا يجمع «المرديين» و»القواتيين» غير الجغرافيا والطائفة؟ على ماذا يلتقون في السياسة المحلية والاستراتيجيا والفكر السياسي؟ ما هي مصلحة جعجع بهذا الاتفاق غير «تلميع صورته المسيحية والوطنية» وتعزيز جبهته المسيحية والرئاسية في وجه التيار الحر وما هي حاجته الى اتفاق كهذا إن كان لا يزال يؤمن ويقتنع بـ «الجدوى السياسية» لاتفاق معراب مع العونيين؟ واستطراداً ألم يبدأ الحوار بين الرابية ومعراب بالمصالحة المسيحية وطي صفحة الحرب وانتهى باتفاق معراب السياسي على كرسي بعبدا وتقاسم المناصب والمواقع في الدولة؟..
مصادر سياسية مسيحية مطلعة ترى أن المصالحة رغم أهميتها للمسيحيين، لكنها ليست بعيدة عن نيات الطرفين بعثرة الأوراق السياسية وخربطت التحالفات على الساحة المسيحية لإعادة تجميعها قبيل نهاية ولاية الرئيس عون بعامٍ أو أكثر في إطار تحضير وإعداد التحالفات للانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة، وتوضح لـ«البناء» بأن «جمع حاصل القوة النيابية لكل من المردة والقوات ربما يصل في الانتخابات النيابية المقبلة الى 20 نائباً فماذا لو شكلوا كتلة واحدة في وجه تكتل لبنان القوي الذي ربما يتراجع مدّه الشعبي والسياسي طبيعياً في نهاية العهد العوني؟». بكل بساطة تضيف المصادر «ذلك إن حصل فسيشكل سداً منيعاً أمام وصول باسيل الى بعبدا»، وتلفت المصادر الى أن «التيار الحر لن ينظر بخوف تجاه المصالحة الآن، لكنه بالتأكيد سيجد نفسه أمام كتلة سياسية شرسة إن تُرجِمت المصالحة بتحالف أو اتفاق سياسي انتخابي».
وفي أول موقف من المصالحة المسيحية المسيحية، نقل زوار قصر بعبدا عن رئيس الجمهورية عون، ارتياحه للمصالحة معتبراً أن «اي توافق بين الاطراف اللبنانيين لا سيما الذين تواجهوا خلال الاحداث الدامية التي عصفت بلبنان، يعزز الوحدة الوطنية ويحقق المنعة للساحة اللبنانية ويغلب لغة الحوار السياسي على ما عداها ويقوّي سلطة الدولة الجامعة».
من جهته، هنأ باسيل المردة والقوات اللبنانية قائلاً: «بكركي هي المكان الطبيعي للمصالحات السياسية التاريخية فهي مرجعية وطنية كبيرة وقد أخذنا بركة البطريرك اليوم بعد أخذ بركة سماحة المفتي أمس». وأكمل: «العقدة مهما كان توصيفها هي في النهاية وطنية».
وبعد زيارته البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، بحضور أمين سر تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان. أضاف: «كنا نخشى صداماً كبيراً سيضرّ اللبنانيين وبعد أن هدأنا الأجواء سنحول الأفكار العامة الى أفكار عملية فلا أحد يستفيد من الصدام». وعن توقيت الزيارة قال باسيل: «الموعد كان محدداً سابقاً، لكن شاءت الصدف ان يكون غداة مصالحة القوات والمردة»، وتمنى «على الجميع أن نتساعد لتشكيل الحكومة ونعدكم بالخير».
اما رئيس مجلس النواب نبيه بري فأجرى اتصالات بالبطريرك الماروني وبفرنجية وجعجع، مهنئاً بالمصالحة.
«اللقاء»: الحريري بات عاجزاً عن الحكم بالسيف السعودي
على صعيد الحراك الباسيلي لحل العقدة السنية، لم يُسجل أي جديد، رغم بعض اللقاءات الخجولة التي عقدها مع كل من الوزير السابق محمد الصفدي وعضو اللقاء التشاوري النائب عدنان طرابلسي.
وأكدت مصادر قناة الـ»أن بي أن» أن «حراك باسيل لم يحرز تقدّماً ملموساً يؤدي إلى تأليف الحكومة »، مشيرة إلى أن «المخارج موجودة ولا تحتاج إلا إلى تنازل الأفرقاء كل من جهته».
وفيما أكدت مصادر حزب الله لـ«البناء» الى أن «العقدة السنية على طريق الحلحلة، لكنها تحتاج الى وقت لإيجاد الحل الذي يقبل به سنة اللقاء التشاوري». قالت مصادر اللقاء التشاوري لـ«البناء» إن «اللقاء لا يزال مصراً على موقفه في تمثيل أحد نوابه ولن يتنازل عن حقه مهما كلّف الأمر»، مشيرة الى أننا «نقدر محاولات الوزير باسيل معالجة الأزمة، لكن لن نقبل بتسوية تضيع حقنا»، وعن اقتراح تمثيلهم بأحد المقرّبين من اللقاء، نفت المصادر أن «يكون أحد «عرض علينا هذا الاقتراح»، موضحة بأننا «مصرّون بأن نتمثل بأحد نواب اللقاء وثانياً من حصة الطائفة السنية وليس من حصة رئيس الجمهورية، لأن الرئيس سعد الحريري يريد تمثيلنا من الحصة التي يقايض رئيس الجمهورية عليها، ما يعني اعتبارنا من حصة عون، وبالتالي خارج الطائفة السنية ما يطيح نتائج الانتخابات النيابية»، ومتهمة السعودية بالوقوف خلف موقف الحريري الرافض لتمثيلنا، مشيرة الى أن «السعودية لا تريد سُنة في لبنان مع المقاومة بل تريدهم جميعهم ضد المقاومة كورقة تفاوض تستعمل السنّة ضد حزب الله وإيران وابتزاز بالفتنة المذهبية»، وعن طلب اللقاء موعداً من الرئيس المكلف لفتت الى «أننا لن نطلب موعداً من الحريري بعد موقفه الأخير في بيت الوسط، فما هي فائدة اللقاء إن كان كل منا على موقفه؟ فضلاً أن هو مَن عليه دعوتنا والحوار معنا كما فعل مع الآخرين، فلماذا يتعامل بدونية وفوقية وإقصاء مع شركائه في الطائفة السنية الواحدة؟ فعليه أن يعي بأن زمن الإقصاء قد ولى الى غير رجعة ولا يستطيع حكم لبنان بالسيف السعودي».
وأكد النائب فيصل كرامي «أنني لم أستقو بأحد ولكن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وقف معنا في مطلبنا. وهذا فخر لنا وليس هو فقط من وقف جانبنا بل الرئيس بري والوزير فرنجية »، معتبراً أن «ما قاله الحريري عن أننا «أحصنة طروادة» وأنا أقول: نحن أحصنة الوطن ولسنا أحصنة طروادة ولينظر الى أحصنة طروادة داخل فريقه الخاص الذي لم يسانده يوم وقعت الأزمة معه ومع السعودية ».