على وقع الأزمة الاقتصادية والمالية، لا يزال تأليف الحكومة متوقّفاً عند رفض الرئيس سعد الحريري تمثيل النواب السنّة من خارج تيار المستقبل بمقعد وزاري، مقابل إصرار حزب الله على دعم حلفائه في الحصول على التمثيل الذي يعكس نتائج الانتخابات النيابية
لم يحمل يوم أمس أي تطوّر لافت على صعيد حل عقدة تمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل في الحكومة المنتظرة، إلا أن اللقاءات بين القوى استمرت واستمر معها البحث في مخارج الأزمة. وفيما بات الرئيس المكلّف سعد الحريري يعلن أمام زوّاره أنه لا مانع لديه من تمثيل هؤلاء من حصّة رئيس الجمهورية ميشال عون، التقى الحريري النائب السابق وليد جنبلاط مساءً، بعدما كان قد استقبل وزير المال علي حسن خليل في مكتبه ظهراً، وناقشا الوضع المالي للدولة. وجاء لقاء الحريري وخليل لبحث الأزمة الناشبة بسبب رفض مصرف لبنان الاكتتاب بسندات الخزينة (أي تسليف الدولة أموالاً بالليرة)، فيما تحجم المصارف عن الخطوة ذاتها، على اعتبار أن مصلحتها تكمن في الاكتتاب بشهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي بفائدة 10.5%، بينما لا يتجاوز سعر الفائدة على سندات الخزينة عتبة الـ 7%. وهذا الرفض يفتح الباب على احتمال حصول أزمة في تمويل الدولة بسبب عجز الموازنة الكبير. لكن مصادر وزارة المال تؤكد أن الخطر ليس داهماً لأن هناك أموالاً متوفرة في حساب الخزينة، وهذه الأموال قريبة من المعدل المعتاد، أي نحو 2500 مليار ليرة. ويريد مصرف لبنان رفع الفائدة على سندات الخزينة، ما يعني تأمين أرباح إضافية للمصارف، وزيادة عجز الموازنة وحجم الدين العام وخدمته (راجع «الأخبار»، ملحق «رأس المال»، الاثنين 22 تشرين الأول 2018).
من جهته، التقى الرئيس ميشال عون أمس نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط فريد بلحاج والمدير الإقليمي ساروج كومار، وتناول البحث «التعاون القائم بين لبنان والبنك الدولي»، فأكد بلحاج «دعم البنك الدولي للبنان والجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية لتحقيق الإصلاح على مختلف المستويات، ولا سيما في الملف المالي». غير أنه نُقِل عن بلحاج وكومار ليلاً، قولهما إن «الإصلاحات في لبنان تفقد الزخم، وتعهدات المانحين في خطر».
وفي ما خصّ تأليف الحكومة، فإن الكلام الذي نقل عن الحريري، لناحية عدم ممانعته تمثيل النواب السنة من حصة عون «لأن رئيس الجمهورية حر بتسمية وزرائه»، يفتح باباً للحل ويضع الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، الذي يملك وحده مفاتيح الوصول إلى تسوية، في ظلّ تمسّك كلّ من الحريري وحزب الله بموقفه.
وبالتوازي، كرّر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم موقف الحزب، مؤكّداً أنه «قدمنا كل التسهيلات لتشكيل الحكومة، ومن اليوم الأول ذكرنا مطالبنا ولم تكن معقدة وقبل رئيس الحكومة بهذه المطالب الخاصة في تمثيل الحزب بثلاثة وزراء، ثم بعد ذلك جرى نقاش في البلد حول الحصص، وعمل رئيس الوزراء المكلف ليل نهار لخمسة أشهر من أجل أن يرضى الأطراف الذين يريدون حصصاً ومكاسب أكبر». وأضاف قاسم إن «القرار اليوم بيد رئيس الوزراء المكلف، لأن المشكلة منه والحل معه، هو الذي يستطيع أن يحسم بأن ينسجم مع القاعدة التي وضعها بأن يمثل كل فريق بحسب نجاحه في الانتخابات النيابية، فيمثل المستقلين السنة في اللقاء التشاوري بوزير واحد وتنحل المشكلة، ليس لدينا ما نقدمه أكثر من ذلك». كلام قاسم استدعى ردّاً من الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، الذي أكّد أن «المشكلة عند حزب الله والحل عند الرئيس المكلف وفقاً لصلاحياته والقواعد الدستورية»، قائلاً إنه «بعد 6 أشهر من جهود الرئيس الحريري، الحكومة جاهزة منذ أسبوعين ولا ينقصها إلا أسماء وزراء حزب الله الثلاثة، فإن قدم أسماء وزرائه الثلاثة اليوم تتشكل اليوم، وإن بعد أسبوع تتشكل بعد أسبوع، وهو يتحمل المسؤولية الكاملة في الانتظار».
بدوره، كشف النائب وليد سكرية بعد اجتماع «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين»، أن «الوزير جبران باسيل لم يتواصل معنا حتى الآن، ولم يعرض علينا خطة». وأضاف سكرية باسم اللقاء، إن «تعددية التمثيل التي أقر الرئيس المكلف بها أخيراً داخل المكون السني لا يجوز الالتفاف عليها بتسويات في غير محلها أو بتمثيل مكونات من خارج أعضاء اللقاء لا تمتلك ما لدى اللقاء عددياً وتمثيلياً على امتداد الوطن». واعتبر أنه «إذا كان الرئيس المكلف حريصاً على التعددية في تمثيل المكون السني، فيقتضي أن يكون للنواب العشرة السنّة من خارج تيار المستقبل وزيران على الأقل؛ من ضمنهم وزير للقاء التشاوري الذي يضم ستة نواب سنّة، ووزير للنواب الأربعة الآخرين».