يجري التداول بمعلومات متناقضة داخل فريق 8 آذار، عمّا إذا كان حزب الله سيختار وزيراً حزبياً لوزارة الصحة، أو سيلجأ إلى تسمية شخص من «جوّ الحزب». الأمر الوحيد الذي يتفق عليه مسؤولون عدّة في «8 آذار»، أنّ الوزير الجديد من البقاع، وهو مُلمّ بملفه
منذ تكليف سعد الحريري تأليف الحكومة، لم تكن وزارة الصحة جزءاً من العُقَد التي واجهته. حُسم منذ البداية، أنّ هذه الوزارة من حصّة حزب الله. وقد اتُّفق على ذلك، رغم كلّ الأصوات التي ارتفعت والتهديدات التي لُوّح بها، من «قصاص» أميركي سيُطبّق على صعيد المساعدات الطبية أو الأدوية المستوردة، إن أتى على رأس الحقيبة وزير ينتمي إلى حزب الله. لم يُدَر الظهر وحسب لما يُحكى عن تهديدات أميركية، بل إنّ حزب الله أصبح له «موطئ قدم» داخل «الصحة»، إذ يُتابع ملفاتها فريقٌ عن كثب، وتوضع خطّة العمل لتكون جاهزة للتطبيق فور إصدار مرسوم تشكيل الحكومة، وحصول التسليم والتسلّم. إلا أنّ النقاش عاد ليُفتح من جديد بشأن هوية الوزير، هل يكون عضواً في التنظيم الحزبي أم من «جوّ الحزب»، في تكرار لتجربة الوزير طراد حمادة والنائب السابق بلال فرحات؟ داخل فريق 8 آذار السياسي، تتنوع الإجابات. هناك مسؤولون يجزمون بأنّ «وزير الصحّة حزبي»، وآخرون يؤكدون أن الوزير جديد، وسيكون مُقرّباً من حزب الله، «بينما فريق عمله من الحزبيين». النقطة الوحيدة التي يتفقان عليها، أنّ «الوزير الجديد من منطقة البقاع»، ومن المُرجَّح ألّا يكون أيّاً من الأسماء الثلاثة التي جرى التداول بها طوال الأسابيع الماضية، أي النائب السابق ومدير مستشفى الرسول الأعظم الطبيب جمال الطقش، ورئيس جامعة المعارف الدكتور علي علاء الدين، ورئيس جمعية وهب الأعضاء الطبيب عماد شمص.
السبب الذي قد يدفع حزب الله إلى عدم اختيار حزبي، «أنّه يعرف كيف يُنظّم حركة جديدة للمواجهة حين يكون هناك مصلحة بذلك، لكنّه في الوقت عينه، ضنين بالدولة وبالشعب وبمصالحه»، يقول مسؤولون في فريق 8 آذار، مؤكدين أنّ وزير الصحّة سيكون مُقرباً من حزب الله. ويُضيفون أنّه «انطلاقاً من هذا الحرص، سيلجأ الحزب إلى هذا الخيار». ما يُعبّر عنه هؤلاء، سبق أن طرحه فريق رئيس الحكومة على مسؤولين أميركيين في بيروت، كاقتراح «وسطي» ليكون «مخرجاً» والتفافاً على أي عقوبات قد تُطبّق، وقد أتى الجواب في حينه سلبياً، بمعنى عدم تفريق الأميركيين بين وزير حزبي أو غير حزبي، ما دام حزب الله سيسمّيه. يردّ المسؤولون في «8 آذار» بالتقليل من لجوء الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الغربي إلى «تصعيد الضغوط لحدّ معاقبة كلّ الشعب، بموضوع حسّاس كالصحة والأدوية». لكن ماذا لو نفّذت واشنطن تهديداتها؟ «عندئذٍ تكون قد قرّرت أن تذهب في حربها مع حزب الله إلى النهاية، وفي هذه الحالة لا شيء يمنعه من اللجوء إلى خيارات يمكن وصفها بـ«قلب الطاولة»».
في المقابل، يقول مسؤولون آخرون في «8 آذار»، بلغة أقرب إلى الجزم، إنّ «الوزير حزبي ومن منطقة البقاع»، قبل أن يُشيروا إلى أنّ «القرار قد يكون مُتخذاً ونحن لا نعرفه». لا يكتفي هؤلاء بنفي المعلومات السابقة، بل يذهبون إلى حدّ القول إنّ «خبرية العقوبات أُثيرت فقط في الإعلام، ولم يتعرّض أي فريق سياسي لضغوط من أجل منع حزب الله من تسلّم وزارة الصحة». فمنذ البداية، «سُلّم مطلب الحزب للرئيس ميشال عون والحريري، ولم يكن لدى الأخير أي مانع». ولكن، من يهدف إلى إثارة جوّ سلبي تجاه حزب الله، «كان سيلجأ إلى ذلك أيّاً تكن الحقيبة الوزارية».
ما بين الرأيين السابقين، ثمة ثالث يُزاوج بينهما، يقول إنّ «الوزير سيُسمّيه الحزب وسينضم إلى كتلته الوزارية، بصرف النظر عمّا إذا كان حزبياً أو لا، فهذا ليس المعيار. علماً أنّ الاسم لم يجرِ اختياره رسمياً حتى الآن». الأكيد أنّه سيكون من البقاع «بسبب التوزيع الجغرافي للحقائب، ولا سيّما أنّ من المفترض أن يُمثّل بيروت وجبل لبنان محمود قماطي، والجنوب محمد فنيش». وكلّ الأسماء البقاعية المتداولة «حظوظها ضعيفة، حتى لا نقول معدومة». وتُضيف المصادر أنّ الطبيب المُختار «ليس من التنظيم أو لديه مهمات كقماطي أو فنيش أو أي من المسؤولين والكوادر المعروفين. وفي الوقت نفسه، ليس «صديقاً» بعيداً عن هذا المناخ، بل هو في خطّ المقاومة ويُمثّل حزب الله».