حين قال سيد النّصر إن زمن الهزائم قد ولّى، وقف العالم محاولاً تفكيك العبارة، والتشكيك فيها، وكسرها، عسى الزمن يعود إلى الوراء، إلى زمن العقل الانهزامي الذي تجلى في لبنان بشعار رخيص: العين لا تقاوم المخرز.
قاومت العين مخرز الجيش الذي لا يُقهر. انتصرت عليه ذات أيار. كسرت هيية نخبته في تموز. وصرنا كلّنا شهود زمن الانتصارات، زمن كتابة التاريخ كما وجب أن يُكتب. فالكلمات صاغتها اقدام الأبطال والحبر دمهم. هل يرتضي التاريخ كلمات أقل من تلك التي تحار في توصيف العز والفخر الذي يعلو جبيننا كلما اتجهنا جنّوبًا، وعرفنا أن الخطوة التالية إلى فلسطين؟
بعد هذا النهار الحافل براحة البال وخفّة الدم مقابل رعب الصهاينة وذعرهم، كان لا بد من لفتة حب متجددة للقوة العظمى التي اسمها "حزب الله"، والتي اتاحت لنا أن نفرح فيما تخرجنا من أزقة المحليات التافهة، إلى نفق يؤدي إلى الحرية، حتى ولو شاء اعلام الصهاينة والمتصهينين صياغة الخبر بلغة الحرب النفسية ضدّنا.. فقد شكّل ذلك بابًا فرعيًّا إلى تجديد النكات وتوسيع دائرتها لتطال كل من آلمه أن يرى الصهيوني يجهّز ملاجئه في صفد ويعلن عن عملية سمّاها "درع الشمال" (وكأنها مرحلة من لعبة "درع الجزيرة" الفاشلة).
ثم قام بتعديل اعدادات اللعبة بما يتناسب مع ماء وجهه لتصبح مجرد تمرين عسكري وأنه غير معنيّ بالتصعيد في جنوب لبنان.
ثم حاول فيما كان يتلمّس هزيمته النفسية أن يحوّلها إلى انتصار وهمي يعبر صفحات التواصل الاجتماعي. تهديد وتهويل ووعيد، بلغوا قمة الاضحاك إذ لم يجدوا اذن طفل تصغي إليهم أو تخاف.. بدوا كمن يرفعون أسرة نومهم رعبًا من أن يكون وصل تحتها نفق حفرته أيدٍ مقاومة.. مباركة.. مقدسة! ظهروا كفأر يرتعد خوفًا ويقفز محاولاً مداراة خفق قلبه الظاهر بالتغريد الموحي بالقوة، وما وجدوا الا سخرية الأشراف وتعاطف المرتزقة المحليين والحلفاء الدوليين.
هو يوم جميل.. يوم اتاح لنا فيه حزب الله أن نشهد عزّنا في ارتباك وجوههم، وأن نلمس بالقلب وبالعين المجردة طريقًا سالكا إلى حبيبة الشهداء والأبطال، فلسطين.. بدا الجليل أقرب أقرب.. وبدت كل السهول الفلسطينية مكتظة بالعائدين، ولو في خيال ندري وكلنا يقين أنّه في أقرب نقاط تحوّله إلى واقع سنعيشه، قريبًا.. ذاك وعد نصر الله، ومثله لا يخلف وعدًا!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع