لم يتمكن العدو الإسرائيلي من أن يبث الرعب في نفوس الجنوبيين، على مدى اليومين الماضيين، من خلال الخروقات الجوية والبرية التي نفذها. على العكس تماماً، فتحركاته وتهديداته فعلت فعلها بين قاطني المستوطنات الشمالية، الذين أخذوا بنصح جيشهم والتزموا الملاجئ. تلك التحركات والتهديدات نفسها كانت سلوى أهالي القرى الجنوبية النائية في عطلة نهاية الأسبوع. توافد إلى محيط بوابة فاطمة بين كفركلا والعديسة عدد من الجنوبيين لمشاهدة ورشة الأشغال التي أطلقها جيش العدو، قبل أيام، بحثاً عن «أنفاق» حفرتها المقاومة. حقول كروم الشراقي، في خراج ميس الجبل، جذبت العديد من الزوار الذين جاؤوا لمشاهدة جنود العدو الذين اخترقوا الخط الأزرق، محاولين تثبيت أجهزة تجسس، ومستحدثين دشماً وسواتر ترابية بعمق نحو 40 متراً داخل الأراضي اللبنانية، وتحديداً في المنطقة المتحفظ عليها. لم يتورع الجنوبيون، برجالهم ونسائهم وأطفالهم، عن أن يقتربوا من البراميل الزرق لاستفزاز جنود العدو والاستهزاء بهم. أكثر أسباب الاستهزاء بجنود الجيش القلقين، تمثل في الصور التي بثها «الإعلام الحربي» لهؤلاء الجنود المُلتقطة مِن خلفهم. «طالعلك يا عدوي طالع»، هذا بعض ما أنشده شبان لبث الرعب في صفوف الجنود، الذين كانوا على بعد أمتار قليلة منهم. سبب آخر للاستهزاء، تمثل في إعلان العدو عن «سرقة» رشاشين من نوع «ماغ» تركهما الجنود في الكروم، لكنهم، عندما عادوا بعد ساعات، لم يجدوهما.
كان جيش العدو قد استقدم قوة من ستين جندياً، معززين بآليات عسكرية، لمحاولة استحداث سواتر ترابية خارج السياج التقني باتجاه الأراضي اللبنانية، ما استدعى استنفاراً من الجيش اللبناني الذي استقدم قوة في المقابل واكبت فريق الشؤون الجغرافية للتأكد من عدم خرق الأراضي المتحفظ عليها وتغيير معالمها. من جهته، علق الناطق باسم قيادة «اليونيفيل» أندريا تيننتي على تطورات الحدود، قائلاً «إن اليونيفيل منتشرة في المنطقة وإسرائيل لم تخرق الخط الأزرق». أما الجيش اللبناني فأوضح في بيان أن قواته «على جاهزية تامة لمواجهة أي طارئ».
إشارة إلى أن العدو شيد جداراً في سفح جبل، تحت موقع العاصي العسكري قبالة كروم الشراقي في آب الماضي، وذلك بالتزامن مع تشييد جدار رأس الناقورة في المنطقة المتحفظ عليها بعمق 200 متر، علماً بأن المنطقة هي واحدة من نقاط ترسيم الخط الأزرق الثلاث عشرة المتنازع عليها.