جرياً على عادتها، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية وقوفها إلى جانب إسرائيل و«حقها في الدفاع عن نفسها» في مواجهة حزب الله. جاء ذلك على خلفية «اكتشاف الأنفاق» عند الحدود مع لبنان، لكن أميركا، من جهة أخرى، رفضت طلب تل أبيب فرض عقوبات على الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني. رفض الطلب هذا جاء في موازاة طلب آخر صدر عن تل أبيب، أمس، مفاده أنّه على «اليونيفيل» واجب التصدّي لحزب الله بفاعلية وصرامة، ومنعه من الإضرار بإسرائيل. رفض أميركا للطلب الإسرائيلي الأخير جاء بعدما حمّلت إسرائيل، رسمياً، الحكومة اللبنانية والجيش «مسؤولية عن حفر أنفاق من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، وذلك في انتهاك للقرار الأممي 1701» (الصادر عن مجلس الأمن الدولي).
الطلب الإسرائيلي ورد، كما يؤكد مصدر إسرائيلي رفيع لصحيفة «هآرتس»، على لسان رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بروكسل الأسبوع الماضي. أي أن ذلك كان قبل يوم واحد من إطلاق عملية «درع شمالي» ضد «الأنفاق على الحدود مع لبنان». ويضيف المصدر: «أن الولايات المتحدة رفضت مساواة حزب الله بالدولة اللبنانية، لكنها وافقت على فرض عقوبات قاسية على حزب الله، من شأنها أن تضغط اقتصادياً».
خلال الأيام القليلة الماضية، أطلق عدد كبير من الوزراء الإسرائيليين تهديدات ضد الساحة اللبنانية، مع التشديد على أن إسرائيل لا تفرق بين حزب الله والدولة اللبنانية ومؤسساتها، التي «ستكون عرضة للاستهداف في حال تجددت الحرب في مواجهة حزب الله». أما الجيش الإسرائيلي فقد أكد في بيانه أن «المسؤولية عن حفر الأنفاق تقع على عاتق الحكومة اللبنانية». وبحسب تأكيد المصدر الإسرائيلي الرفيع، فإنّ «الولايات المتحدة ترفض الصيغة الإسرائيلية، وكأن حزب الله والدولة اللبنانية جسم واحد، وتؤكد في المقابل أن علاقات عسكرية وثيقة تربطها بلبنان، ولا توجد أي مصلحة في الدفع والتسبب بتقويضها».
الرفض الأميركي يعكس بطبيعة الحال التباين في أسلوب مواجهة الأعداء المشتركين، وإن كان الهدف واحداً لدى الجانبين. النظرة إلى مواجهة حزب الله، من ناحية الولايات المتحدة، تأتي في سياق دائرة أوسع من المصالح، فيما دائرة الاهتمام الإسرائيلي أضيق، إذ تسعى إلى تحقيق النتيجة المطلوبة بأي ثمن ممكن، دون الثمن العسكري المباشر، خصوصاً إن جاء عبر طرف ثالث. في تقدير ابتدائي للرفض الأميركي، يتبين، في حد أدنى، أن خيار معاقبة لبنان والانفصال عنه مرفوض، لأن إخفاقه في تحقيق النتيجة المطلوبة منه لا يعني فقط خسارة خيار من خيارات متعددة ومتاحة لدى الأميركيين، بل ضرب للاستراتيجية الأميركية المفعلة حالياً في الساحة اللبنانية، التي ما زالت واشنطن تراهن عليها وتعمل على تطويرها، وهو إخفاق قد يستعصي لاحقاً على إمكانات ترميمه. بالطبع، تدور سجالات حول هذه الاستراتيجية في واشنطن، وهي مدار أخذ ورد، لكن كما يبدو فإن الإدارة الأميركية تعمل، أيضاً حتى الآن، على التمسك بهذه الاستراتيجية، وهذا ما تبين في الموقف المسرب عبر صحيفة «هآرتس» رداً على الطلب الإسرائيلي.
في موازاة الإخفاق في دفع الأميركيين إلى فرض عقوبات على الدولة اللبنانية والمؤسسة العسكرية، برزت مطالبة تل أبيب في الدفع لتغيير مهمة وتفويض قوة «اليونيفيل» لمواجهة حزب الله. فخلال استقبال نتنياهو نائب رئيس الحكومة الإيطالية، زعيم اليمين الإيطالي المتطرف ماتيو سالفيني، قال إن «الأنفاق عمل عدائي واضح من قبل حزب الله (موجه) ضدنا، وضد معايير المجتمع الدولي. قائد اليونيفيل إيطالي، ونحن نعتقد أنه على اليونيفيل لعب دور أقوى وأكثر حزماً، لكن في نهاية الأمر هذه مسؤولية المجتمع الدولي. على اليونيفيل منع حزب الله من القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل».
إيطاليا «تتنصّل» من سالفيني
أثار نائب رئيس الحكومة الإيطالية، ماتيو سالفيني، موجة انتقادات في العاصمة الإيطالية بعد تصريحات أدلى بها في إسرائيل، تضمنت هجوماً كلامياً على حزب الله ووصفه بالمنظمة الإرهابية. وزارة الدفاع الإيطالية سارعت إلى الرد لتدارك ما قيل في الإعلام الإيطالي، عن مساوئ وأخطار قد يتسبب بها المسؤول الإيطالي بعد تصريحاته غير المسؤولة في إسرائيل، لافتة إلى إنها »صديقة للطرفين على جانبي الحدود»... كما شددت على أنها «لا تريد أن تثير سجالاً حول التصريحات، من شأنها أن تعمق من تداعياتها السلبية». في بيان الدفاع الإيطالية تأكيد على أن تصريحات سالفيني هي «تصريحات مقلقة»، وأن إيطاليا «لا تريد أن يثار أي جدل وسجال حولها، لكن هذه التصريحات تتسبب بصعوبات ومشاكل لجنودنا المشاركين في قوة اليونيفيل في الجنوب (اللبناني) على طول الخط الأزرق. دورنا (هناك) ثابت، قريبون من إسرائيل ومن الشعب اللبناني».