"متى قلنا إننا سنقوم بتدمير اسرائيل؟" جملة وردت على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وجرى إخراجها من سياقها تمامًا ليضاف إليها وحولها الكثير من علامات التعجب والاستفهام، لا سيّما وأن العقيدة الإيرانية الخمينية غير قابلة للتأويل، وبشكل خاص في ما يتعلق بإزالة اسرائيل.
قد يكون ذلك مثالًا شديد الوضوح عن كون الصحافة سلاحًا فتّاكًا في عصرنا الحالي، ليس في ما يتعلّق بالانتقائية بالصّور والمواقف، انّما ايضاً في ميدان الكلمة والاجتزاء.
حسنًا، لمن يحاول أو سيحاول بناء تحليلات تخدم عداءه لإيران بناء على الجملة الواردة اعلاه، نتمنى عليك أن تقرأ النص كاملاً، كما ورد في مجلة "le point". مع العلم أنّه ليس نص المقابلة حرفيًا انما هو المقال التحليلي المبني حول الجملة وأصدائها.
أما بالنسبة لمن بدت لهم الجملة وكأنها خروج ظريف، الدبلوماسي الأشهر والأكثر تمسّكًا بعقيدته، عن مسار السياسة الإيرانية، أو اعتبرها اشارة ايرانية إلى بدء مرحلة مختلفة من ادارة الصراع، فليعد قراءة المقال بنيّة أصفى.
حسنًا، وردت الجملة في سياق الحديث عن مخاوف ماكرون، الرئيس الفرنسي، من برنامج ايران البالستي. بدبلوماسيته الشديدة الذكاء، قلب ظريف السؤال إلى مسألة تزيل عن وجه ماكرون قناع الخائف على "الإنسانية" من التسلّح: "هل يمكن لفرنسا أن تبيع لإيران طائرات كتلك التي باعتها للسعودية وللإمارات العربية كي ندافع عن أنفسنا أم أن ماكرون لا يرغب ببساطة بأن نتمكن من الدفاع؟". السؤال هنا ليس طلب تسلّح بطبيعة الأحوال، انّما هو تأكيد على حق الجمهورية الاسلامية في ايران بالتسلّح دفاعا عن النفس. 
هنا، ذهب المحاور إلى حقيقة أن هذه الدول العربية لم تدعُ يومًا لإزالة اسرائيل. بكلام اخر، ذهب إلى حيث أشار إليه كبير الدبلوماسيين.
هنا، وعلى الرغم من الاجتزاء، يبدو السياق الذي جاءت فيه جملة ظريف، ان سلّمنا جدلاً إنه قالها بهذه الصيغة.. سأل ظريفُ محاوره: متى قلنا إن ايران تنوي تدمير اسرائيل؟ فأورد المحاور احاديث للرئيس السابق أحمدي نجاد وأخرى للرئيس روحاني وكذلك جملة للإمام الخامنئي، وجميعها تقول بما معناه أن اسرائيل غدة سرطانية تجب إزالتها. فردّ ظريف بأن نتنياهو هدّد بتدمير إيران أثناء تواجده في مفاعل ديمونا في شهر آب من العام الحالي، متسائلا لماذا لم يستفز هذا الكلام الرئيس ماكرون.
هنا يبدو السياق جليًّا وواضحاً. علما أن مقال "le point" اورد معظم النصوص الايرانية بشأن زوال اسرائيل، وقام باجتزاء حديث ظريف بشكل واضح النوايا، والتي أقلّها رفع المبيعات وزيادة عدد المتصفحين، وصولا إلى محاولة افتعال شرخ ايراني-ايراني لا سيما داخل منظومة ايران الدبلوماسية. بكلام آخر، يفتعل المقال بقعة من الماء العكر تتيح لمن له مصلحة الاصطياد والتأويل.


 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع