كما انتهى عام 2018، يبدأ عام 2019. مزيد من الوعود بتأليف سريع للحكومة، من دون أن يقدَّم حل نهائي لمشكلة تموضع ممثل اللقاء التشاوري. بعد لقاءات أمس، ولا سيما لقاء الرئيس سعد الحريري مع الوزير جبران باسيل الذي يقوم مقام رئيس الحكومة في مفاوضات التأليف، أعيد إسقاط اقتراحي رفع عدد الوزراء إلى 32 و36
انقضى عام 2018 من دون حكومة، فلم يحصل اللبنانيون على «العيدية» التي وُعدوا بها. لكن رغم ذلك، طمأن حزب الله على لسان عضو المجلس السياسي محمود قماطي، إلى أن هذه «العيدية ما زالت قائمة، وهي لن تتأخر».
والتفاؤل الذي عبّر عنه حزب الله، في زيارة المعايدة التي قام بها وفد منه للبطريرك الماروني بشارة الراعي، عكسته أيضاً الحركة الناشطة التي بدأت، مع بداية العام، بزيارة معايدة طويلة قام بها الرئيس سعد الحريري لبعبدا، تخللها نقاش مفصّل بمسألة تشكيل الحكومة، ثم تلتها أمس زيارة للوزير جبران باسيل لبيت الوسط للقاء الحريري، فضلاً عن إجراء باسيل اتصالاً بالرئيس نبيه بري لمعايدته بحلول رأس السنة، وهو الاتصال الذي لم يخلُ من البحث بالشأن الحكومي. كذلك، عقد وزير الخارجية لقاءً طويلاً، بعيداً عن الإعلام، بمسؤول رفيع المستوى في حزب الله.
يجزم مرجع سياسي بأن قوة الدفع هذه المرة كفيلة بإنجاز التشكيلة الحكومية، اعتماداً على الاتفاق الذي أُبرم قبل الأعياد، وأدى عملياً إلى سحب فيتو الحريري عن تمثل اللقاء التشاوري، وموافقة اللقاء على تمثيله من خارج النواب الستة، وموافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وباسيل على أن يكون ممثل اللقاء من حصة الرئيس.
وعليه، مع بروز الخلل المتعلق بتموضع الوزير الجديد، وإصرار باسيل على أن يكون عضواً في تكتل لبنان القوي، ينصبّ الجهد حالياً، بحسب المصدر، على البحث في دور ممثل اللقاء ودوره، وبالتالي تموضعه. علماً أن أفكاراً كانت قد طرحت قبل رأس السنة، من قبيل التشبّه بحزب الطاشناق، أي أن يكون الوزير عضواًَ في اللقاء التشاوري وفي «لبنان القوي» معاً، إلا أن مصادر «اللقاء» تجزم بأن هذا الاقتراح مرفوض، ولا يتناسب مع المبادرة التي قضت بتخلي رئيس الجمهورية عن وزير من حصته لمصلحة اللقاء، مقابل تخلي الأخير عن تمثيله بواحد من النواب الستة. لكن، حتى اللحظة، لم يُقدّم أي اقتراح رسمي إلى اللقاء لمناقشته. وتشير مصادر معنية بالمفاوضات إلى أن الحريري وضع «فيتو» على اسم حسن مراد مرشَّحاً لـ«التشاوري»، من دون أن يعلّق إيجاباً ولا سلباً على اسمي المرشحَين الآخرين، عثمان مجذوب وطه ناجي. وبعد أن يعلن الحريري موقفه من الاسمين، سيتبلّغ اللقاء التشاوري بذلك. وإذا وضع الحريري فيتو على الاسمين، فسيكون على «التشاوري» أن يقدّم اسماً جديداً.
بعد زيارته الحريري، قال باسيل إنه طرح عليه «أفكاراً عديدة في ما يخصّ الحكومة، وقلنا إننا لن نعدم وسيلة أو فكرة دون أن نقدمها». أضاف: «اتفقنا على أن أستكمل العمل والاتصالات اللازمة مع كل شخص معني بهذا الموضوع، ثم نلتقي ونقيم الموضوع». وقد أوضحت مصادر مطلعة على اللقاء أن باسيل قدّم خمسة اقتراحات للحريري، من بينها رفع عدد الوزراء إلى 32 وإلى 36 وزيراً، وهو ما يرفضه الحريري مطلقاً. وفيما أكّدت المصادر أن وزير الخارجية عاد إلى طرح اسم جواد عدره، واعداً بالتداول بشأنه مع حزب الله، على أن يكون منتمياً إلى اللقاء التشاوري وإلى تكتل لبنان القوي معاً، رفضت مصادر التيار الوطني الحر تأكيد ذلك أو نفيه.
من جهته، كان الحريري قد قال، بعد لقائه رئيس الجمهورية أول من أمس: «تأخرنا كثيرا بتشكيلها، ويجب أن تولد هذه الحكومة، وفخامة الرئيس وأنا مصممان على ذلك، وسنجتمع لإنجاز هذا الموضوع والوصول إلى نهايته بأسرع ما يمكن، لأن البلاد لا تستطيع أن تكمل من دون حكومة». وكان لافتاً تأكيد الحريري أنه «لا تزال هناك عقدة وحيدة يجب أن ننتهي منها ونبدأ بالعمل»، وهو ما فُسّر بأنه إقفال للباب أمام العقد التي كانت قد استُحدثت على خلفية رغبة باسيل في استبدال بعض الحقائب.
ولأن التجربة تؤكد أن الإفراط بالتفاؤل لم يعد جائزاً حكومياً، ذهب رئيس مجلس النواب نبيه بري، في لقاء الأربعاء النيابي، إلى دعوة حكومة تصريف الأعمال إلى إقرار الموازنة، اعتماداً على اجتهاد اعتمد عام 1969 أيام حكومة تصريف الأعمال التي كان يرأسها الرئيس الشهيد رشيد كرامي. وأشار إلى أن «اعتبار الموازنة مسألة ضرورة، فرض هذا الاجتهاد، ويمكن اعتماده اليوم أيضاً». علماً أن بري، الذي أمل تشكيلاً سريعاً للحكومة، أعلن أنه أجرى اتصالاً بالحريري، وأبلغه الاستعداد للسير في هذا الاجتهاد.