يتمسّك حزب الله باستمرار الرئيس سعد الحريري في موقعه كرئيس مكلف، أقله في هذه المرحلة. وهو رغم التباينات الكثيرة معه حول ملف التأليف، وتحديداً في ما يتعلق بتمثيل سنّة 8 آذار، ومن ثم موقفه من توزير علوي، إلا أن الحزب يؤكد أن لا قرار ولا نية عنده للهجوم على الحريري
بدأت مواقف المسؤولين في فريق الثامن من آذار تتخّذ منذُ أيام منحى تصعيدياً تجاه الرئيس المكّلف سعد الحريري، على خلفية تعامله مع عقدة تمثيل سنّة هذا الفريق في الحكومة، وتحمّله مسؤولية ما آلت اليه الأمور. وهو ما طرح علامات استفهام حول الهدف من هذه «الحملة»، بعدَ أن صبّ التركيز سابقاً على أداء وزير الخارجية جبران باسيل في هذا الملف. ولم يسلَم حزب الله، كما في كل مرّة، من توجيه سِهام الاتهامات الموجّهة إليه بأنه أوعَز الى المسؤولين فيه، كما إلى حلفائِه، بالهجوم على الحريري، في ظل الحديث عن بدء البحث عن بديل للأخير، وعمّا إذا كان في وارِد الاعتذار. لكنّ توجّه حزب الله لا يوحي حتّى الآن بأي تغييرات في نظرته تجاه الحريري، إذ أكد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل لـ «الأخبار» أن «لا قرار ولا نية عند قيادة الحزب بالهجوم على الرئيس المكلّف»، مشيراً إلى أن «الحزب لا يزال مقتنعاً رغم كل شيء بأن الحريري هو رئيس حكومة المرحلة»، معتبراً أن «المواقف الأخيرة لبعض المسؤولين ليسَت مؤشراً على وجود أمر عمليات بذلك».
وعلى حدّ اعتبار مصادر متابعة للملف الحكومي، فإن الكلام الذي صدر عن مسؤولين من حزب الله (كالنائب حسن فضل الله الذي دعا الحريري إلى القبول بما هو مطروح عليه حالياً لأن «البعض ربما يبدّل رأيه بعد شهر أو شهرين») ليسَ سوى «تعبير عن الامتعاض من رفض رئيس الحكومة المكلف مطلب وزير الخارجية بتأليف حكومة من 32 وزيراً»، والأهم «رفضه القاطع لتوزير علوي في هذه الحكومة»، على قاعدة أن «من غير المعقول التصرف بهذه العقلية، واعتبار توزير علوي هو قفز فوق الطائف كما يروّج الحريري، فهي طائفة موجودة، ويحق لها التمثّل كما الأقليات». وبينما تتصّرف جميع القوى السياسية كأنها عاجزة عن حلّ لغز أصل المشكلة الحكومية، قالت المصادر إن «الاتصالات مجمّدة، وإن الطرح الأخير كان لوزير الخارجية الذي اقترح توسيع الحكومة (32 وزيراً)، لكن الرئيس الحريري لا يزال يرفض الأمر بشكل قاطع، كما لا يزال يرفض أن يكون حلّ العقدة السنية من حصته». وعلمت «الأخبار» أن الرئيس المكلّف أبلغ موقفه هذا إلى باسيل وإلى القوات اللبنانية.
وكان لافتاً أمس تصعيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي ربط التعثر الحكومي بوجود «حملة مبرمجة من أبواق النظام السوري لتعطيل تشكيل الحكومة، تارة عبر التشاور وتارة أخرى عبر بدعة زيادة وزيرين، وغيرها من الحجج الواهية»، مشيراً الى أن «كل ذلك لتعطيل القمّة الاقتصادية وتدمير مناعة الجسم اللبناني لمزيد من الهيمنة». ويظهر موقف جنبلاط الإصرار على إبقاء لبنان خارج التوجه العربي بالعودة إلى سوريا. ففيما تمضي الدول العربية، الواحدة تلوَ الأخرى، الى دمشق لإعادة تفعيل العلاقات السياسية والدبلوماسية معها، يُصرّ خصوم سوريا في لبنان على مكابرتهم، محاولين تحميلها مسؤولية التعطيل. وفي هذا الإطار يجزم الخليل بأن «الرئيس السوري بشار الأسد لا يتعاطى بالتفاصيل اللبنانية على الإطلاق، وهو ينصح زائريه من لبنان ممَن يتناقشون معه في الملف اللبناني «بمشاورة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله»».
وفي السياق عينه، علمت «الأخبار» أن الوزير باسيل اقترح على الحريري أن يبادر لبنان، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب المقبل، إلى الدعوة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، مُحاولاً إقناعه بأنّ الطرح سيلقى تأييد غالبية الدول العربية. وقال باسيل للحريري إن الموقف الأقصى الذي يمكن أن تتخذه السعودية هو الامتناع عن إبداء الرأي، فيما ستؤيد الاقتراح غالبية الدول الخليجية ومصر والسودان والجزائر والعراق وتونس وموريتانيا والأردن... إلا أنّ الحريري رفض اقتراح باسيل.