وحيدين، وجد النازحون السوريون أنفسهم في مخيماتهم العشوائية، في وجه العاصفة «نورما» وصقيعها، بعدما قلّصت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساعداتها منذ نحو ثلاث سنوات، وأفل نجم الجمعيات المحلية والعربية التي كانت ناشطة في بداية الحرب السورية. كثيرون منهم أغرقت الأمطار الغزيرة خيمهم وفرشهم الإسفنجية وأشياءهم المتواضعة، ودفعتهم للجوء إلى أقرب مدرسة أو مسجد.
131 مخيماً عشوائياً في ضواحي عرسال يقيم فيها نحو 56 ألف نازح غمرتها الثلوج، ناهيك عن أكثر من ثمانية آلاف يقطنون في البلدة نفسها ويفتقدون أيضاً المساعدات، وسط معاناتهم من نقص شديد في وقود التدفئة. ووصفت «لجنة صوت اللاجئ السوري» وضع مخيمات عرسال بـ«المأسوي»، محذّرة من أن «النازحين يعانون من الموت الزاحف إليهم، بسبب نقص الطعام ووسائل التدفئة والأدوية وانقطاع الطرق».
نائبة رئيس بلدية عرسال، ريما كرنبي، وصفت الوضع بـ«الكارثي». وانتقدت وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي الذي «عدّد المخيمات التي تضررت من العاصفة من دون ذكر مخيمات عرسال التي تعيش كارثة مأسوية». كما انتقدت الجمعيات المعنية بملف النازحين والهيئات الدولية، «فمنذ نحو شهر حذّرت الأرصاد الجوية من هذه العاصفة من دون أن يحرك أي من هؤلاء ساكناً لتدارك هذه الكارثة». وناشدت الوزارات المختصة والمؤسسات الإنسانية «التدخل السريع لأن الوضع لا يحتمل أي تأخير. وهناك حاجة ماسة إلى المازوت والمواد الغذائية والأدوية».
وفي البقاعين الأوسط والغربي، غمرت الفيضانات والسيول نحو 20 تجمعاً عشوائياً يسكنها نحو خمسة آلاف نازح عند ضفتي نهر الليطاني، في زحلة وبر الياس والمرج، وجرفت الخيم. كما أغرقت السيول المخيمات في الدلهمية وقب الياس وجب جنين. ولم يكن وضع المقيمين في مخيمات سهل بلدة حوش الحريمة، في البقاع الغربي، أفضل حالاً. إذ غمرت المياه بالكامل ثلاثة من المخيمات وهجّرت قاطنيها.
«الشكوى لغير الله مذلة»، يقول إبراهيم العبدالله النازح من الرقة، مشيراً إلى مدى تقصير الجهات المانحة. وأوضح أن أكثر من 50 عائلة كانت تقيم في أحد المخيمات الثلاثة التي لم يعد الوصول إليها ممكناً إلا سباحة!
عبدالله العبدالله الذي شردته العاصفة من مخيم رقم 040 في حوش الحريمة إلى كاراج قيد الإنشاء مع عشرين آخرين، قال: «والله مو قاعدين بكيفنا، مجرد تتحرر بلادنا وتكون آمنة راجعين»، فيما روى محمد طلاخ أن المياه داهمت المخيم صباحاً، و«ما طلّعت معي غير ولادي وأوراقنا الثبوتية وثيابنا اللي لابسينها. وكل ما بقي غرق».