يحصي الصهاينة بالدقائق ساعات صمت السيد نصر الله.. على عدّاد الرعب الحقيقي، يتحلّق محلّلون وساسة وصحفيون حول انتظار ما قد يقول.. يحاولون تمرير زمن خوفهم باللعب أحيانا، يرمون بإشاعة إلى مواليهم هنا، عسى ينجحون في استفزاز كلمة ما منه.. أو يقضون لياليهم في افتعال بطولات من وهم ووهن، عسى يصدّق نصف عاقل أنهم لا يزالون في مراتب القوى التي لا تقهر..
دام رعبه، بالصمت يؤدبهم ويؤدب معهم مرتزقتهم في كل مكان، واقعا وافتراضا.. أولئك الذين كانوا يمحصّون خطاباته مستنفرين، يستفزّهم الآن أنه تركهم في تيه الخوف والفراغ وابتسم مؤكدا، بمجرد صورة لتبسّمه، أنه وحده يقرّر متى يحين الكلام.. وبعض الصمت صواريخ في الحرب النفسية.
إذن، يتخبط الصهاينة أكثر من أي وقت مضى. يعلو فيهم منسوب اليقين أنهم وكيانهم إلى زوال، لا سيما أنهم قد بلغوا مرحلة يصرحون فيها بعجزهم عن مواجهة رجال الله في ميادين الحرب.. بشكل أو بآخر، يقتربون من خط النهاية، نهايتهم التي ظنّوها بعيدة، وبالروح، "بالروح التي تقاتل" نبصرها.
أما بعد، كيف حال "الشركاء في الوطن" (مع التحفظ على الصيغة مضمونًا والمفردتين شكلا) الذين تمادوا في التطبيع السافر، قولا وفعلا، وظنوا، أن ولائهم، ولو ضمنيا، للصهاينة سيجعلهم في الجهة التي لن تقوى عليها زلازل المقاومة؟ كيف حال من قالوا ذات عمالة وارتزاق أن العين لا تقاتل المخرز وهم يلمحون شتات وتخبط شظايا المخرز أمام ما سمّوه صمت سيد المقاومة؟ هم ليسوا بخير بلا أدنى شك، ولن يكونوا بخير.. فبعض الخيارات لا يمكن نيل الطهر منها، ولو اغتسلوا بألف حريق. وهم يدركون تماما هذه الحقيقة. لذا نراهم يهربون إلى الأمام، يبالغون في إظهار الثقة بنهائية الإحتلال واعتبار كيانه أمرا واقعا. يذهبون إلى نقض البديهيات، ليس البديهيات التاريخية وحسب، بل حتى البديهيات الملموسة المنظورة. يزايدون على بني صهيون وآل سعود ضمنًا، بمنح الولاء، المجاني أحيانا للقاتل، عسى يحفظون لهم مكانا في ركبه يوم ينوي الرحيل.. ولا يتذكرون قول العميل "لحد" : "توقعنا ننكحت بس بشرف!"..
أما نحن، "أشرف الناس" كما أكرمنا بالتسمية سيد الشرفاء، نعترف أن الشوق إلى منسوب الحق والحب في كلمات السيد يجعلنا في انتظار موعد لقلوبنا وعيوننا مع خطاب أو حديث له، ونقرّ بأن وحده يزيل عنا الهموم التي تنال من أيامنا الحافلة بتقصير ما سمّي "بالدولة" في كل نواحي حياتنا، وبأنه وحده يرفعنا من فخ الاشتباكات الكلامية على وسائل التواصل التي تكاد أحيانا أن تزيل عنّا جدارتنا بوصفه لنا.. لكننا نراقب تخبط من دجّن كراماتهم الاحتلال وهم يحارون في تفسير صمته، تنبض قلوبنا على هيئة وشم من شرف وعهد وولاء: لبيك يا من صمتك يرعبهم!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع