بتوقيت نصر الله، هدأ ضجيج الأحياء والأزقة.. خلت البيوت إلا من صوته، وابتسامات القلوب في حضرة الأمين عليها.
لا كلمات تصف حالة العشق التي تربط السيد بناسه، وبالبيوت التي تشعر أنه أحد أفرادها، والأعزّ.. هو الأب الأمين القوي، والشقيق السند والابن البكر الرصين، والجد الذي من عاطفة وحكمة ويقين.. لا كلمات تكفي لترجمة النبضات التي تتداخل وتتناغم لتشكل صيحة من حب و"لبيك"..
"ادخلوها بسلام آمنين" الرسالة الأولى.. والثانية البسمة التي حلّت في القلوب كما المطر بعد شوق.. بهدوء يثير صفارات الإنذار في أرواح الصهاينة وأعوانهم، ويحلّ في قلوب المحبين كما المواقد..
فتح السيد النار على الجبهة النفسية، سخر من نتنياهو وقيادات اركانه، ومن انجازهم الوهمي المسمى بـ"درع الشمال"، بكلمات الواثق الذي في موقع القوة، القوة المستمدة من روح تقاتل، وتنتصر. سأل المستوطنين في الجليل إن كانوا متأكدين من زوال خطر الأنفاق.. وبعلو المتيقّن العارف، ترك موضوع الأنفاق مفتوحًا على كل الاحتمالات في الذهن "الصهيوني". هل أجمل من أن نعيش الزمن الذي يسمع فيه الصهيوني صوت "شاكوش" يقرع صخر الحدود، فيزيد أرقه، وتتضاعف طمأنينتنا؟ قل هل أجمل من أننا نعيش زمن نصر الله؟
إلى الزمن الذي تضع فيه الـ"قد"، في خطاب مقاوم، قواعد اشتباك لن تتغير إلا حين تحين الـ"قطعًا" في مواجهة ما سمّي "الجيش الذي لا يُقهر". يقول السيد بهذه الكلمات البسيطة كما الحقيقية كما حقول القمح في عيون أهلها: إن الصهيوني العاجز المهزوم هو اليوم أعجز حتى من أن يغيّر قواعد اشتباك.. كيف لا، "وكل فلسطين المحتلة" في ميدان الحرب القادمة!
يتحدث عن الصواريخ، يمازح متوجهًا إلى الصهاينة.. ونتخيلهم حين طلب إليهم أن يتمنوا أن تكون لدى المقاومة فقط صواريخ دقيقة، كي لا تخطىء الصواريخ العادية إصابة القواعد العسكرية. يمكن أن نلمحهم محملين بما خف حمله من حاجاتهم وهم يهرعون نحو بلاد منشأهم.. أمكن لنا بمزحة أراد بها السيد رسالة أن نرى زوال الكيان الصهيوني من الوجود، وأن نشهد مرة جديدة أن النصر حكاية قرار، وحتمية تقود إليها إرادة الحق، الإرادة التي يمكن لنا أن نرى وجهها وحقيقتها في شخص الأمين عليها في هذا الزمن، الذي صار اسمه في التاريخ "زمن الانتصارات".
الزمن الذي تتلعثم فيه القنوات "الاسرائيلية" في وصف مزاج السيد وحس الفكاهة لديه، أي الزمن الذي أصبحت فيه هذه البسمة سلاحاً!
بعدها، ذهب بنا إلى سوريا، إلى حيث "أفضل حال منذ ٢٠١١".. هناك، وفي صوته، لمحنا جميعا صفوفًا من الشهداء ينظرون إلينا كأنهم يقولون لنا إننا الآن، أرض وأعراض، بأمان. ولمحنا الشام تنفض عنها حريق الإرهاب وتؤكد للكون الذي اجتمع عليها، أن فوح الياسمين الآن أشهى وأعتق.
استضافنا سيد بيوتنا وقلوبنا في بيوتنا اليوم.. سهر معنا، تحدّث إلينا من المسافة صفر المؤثثة بالحب وبالثقة وبالأمان، ومن المسافة صفر أيضًا تحدّث إلى الصهاينة، وأثّثها بالتهديد الهادىء وبالحقيقة المنظورة وهو العارف أنهم يصدقونه أكثر بكثير مما يصدقون قياداتهم.. ومن أراد من غير الصهاينة، سواء في الداخل اللبناني أو في غيره، أن يحذو حذوهم حذرًا وامتعاضًا ورعبًا وانزعاجًا من ثقة السيد بما يقول، فليجد لنفسه ملجأ منذ الآن.. قبل أن تحين "قطعًا" ونشاهد جموع الحب وهي تعبر إلى الجليل.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع