صوت المراسلين والصحافيين في آخر لحظات المخاض الحكومي يوحي بالبهجة التي تلي خبر الولادة، وبالتوتر الذي يسبق الاطمئنان إلى الوالدة ورؤية المولود. المشهد بحد ذاته يجعل من الاشهر التي بدأ تعدادها منذ تكليف الحريري سعد، أشبه بحمل عسير ووحام "صعب" مع ما ترافق من مخاوف بأن يكون الحمل كاذباً.
طيب، يمكننا أن نستعير من وجوه الشبه جملة "مبارك ما اجاكن" تليها تمتمة "قال يعني جابوا وليّ العهد!".
بعيدا عن تسخيف "الحدث العظيم" وبغض النظر عن علمنا بأن الخلف لن يختلف عن السلف، فكيف ان كانا واحدًا، لا يمكن أن لا يستوقفنا التفاعل الرسمي مع اعلان ولادة مجلس وزراء جديد وكأن حقا تشكيل الحكومات هو انجاز يجب أن نشكر القيّمين عليه.
اجرائيا، قد نشهد بعض التغيرات التفصيلية والتي قد لا تتعدى ملفات محددة ومحدودة الأمد، بحيث تنتهي مفاعيل "التغيير" مع بداية حمل تكليفي آخر ومخاض جديد واعادة ترسيم للحصص في داخل المنظومة ككل. علماً أن الأزمات ومن ضمنها الفساد تكمن في اصل المنظومة وليس في تفرعاتها.
المهم، دعونا نتجول قليلا في الشأن "الوزاري". حكماً يساورنا الاطمئنان إلى هذه المرحلة في ما يخص وزارة الصحة. لكن ذلك تفصيل أيضًا. وبطبيعة الأحوال سنصاب ببعض الغثيان عند ورود بعض الاسماء، وبالاستغراب المطعّم بالسخرية عند اسماء أخرى. وندري أننا سنشيح بوجوهنا عن فوضى الابتهاج الذي بلا جدوى، ونمضي بقلوبنا إلى حيث وجهتها، هناك، حيث السيادة فعل تخطى مرحلة الردع ليتخذ موقعا متقدما في التهديد، وحيث المنظومة ارتفعت وتعالت فوق اسوار الحدود ومضت إلى حيث يجب أن تكون. هنا، يأخذنا الغرور برهة. منظومتكم، التي تريدنوها وارادها الغرب، نهائية، أوهن من أن تنجز ادنى مقومات السيادة، أما المنظومة التي ترابها قلوبنا، فعينها على الشمس، وكل العيون الحرة حصّتها.
لكم فرح الابتهاج بإنجازكم الهزيل، ولنا عز الانتماء إلى انجازات بحجم ضحكة اطفالنا اذ يرجمون الحدود.
لن نفسد عليكم امالكم أن الزير في صباح الغد سيخرج من "البير". واحلامكم الطيبة بأن كل ازرار الحلول ستضيء بعد ساعات ايذانا ببدء العمل. قد نتمنى ذلك معكم بعيدا عن وهم الحلول السحرية، لكن يسكننا يقين بأن العقل الاستراتيجي الذي يرسم المرحلة الى ما بعد بعد المنظومة يتكفّل برفع الوجع عنّا وعنكم.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع