بالتماهي مع المواقف الاسرائيلية والأميركية الأخيرة من حزب الله، منذ زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل إلى لبنان، منتصف الشهر الماضي، ثم وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي الأسبوع الماضي، بدأت القوات اللبنانية حفلة تحريض علنية، في العاصمة الأميركية، ضد حكومة «محور حزب الله - ميشال عون - جبران باسيل».
«المركز اللبناني للمعلومات» في واشنطن، وهو أحد أذرع الفريق الأمني القواتي الذي توزّع بين الولايات المتحدة واستراليا بعد حل حزب القوات عام 1994، وصف في بيان نشره في 31 الشهر الماضي الحكومة الجديدة بأنها «أبعد ما تكون عن حكومة وحدة وطنية. (وهي) تخضع بشكل مقلق لإملاءات تحالف مزعزع للاستقرار، يتألف من محور حزب الله والرئيس ميشال عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل». وحث واشنطن على العمل مع «الرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية، الحليفين الوحيدين الموثوقين للولايات المتحدة في لبنان، لمنع سيطرة هذا المحور وداعميه الاقليميين، ايران وسوريا، على لبنان».
المركز الذي يرأسه «رئيس مقاطعة أميركا الشمالية في القوات اللبنانية» جوزف الجبيلي، تربطه علاقات وثيقة بعدد كبير من أعضاء الكونغرس الأميركي ومسؤولي وزارة الخارجية الأميركية. وهو يشير بوضوح على موقعه الالكتروني الى انه «مصدر موثوق للمؤسسات الاعلامية والسياسية الأميركية» في ما يتعلق بالشأن اللبناني، ويعمل ضمن «المجلس الاستشاري لمكتب مدير الامن القومي». ويشغل «مدير الأمن القومي» المنصب الاستخباري الأعلى في الولايات المتحدة، إذ يرأس المجلس الذي يضم رؤساء 16 جهاز استخبارات اميركي ويتولى التنسيق في ما بينها. وجرى إنشاء هذا المنصب كأحد «الإصلاحات» التي أقرّت بعد 11 أيلول. كما تربط المركز القواتي علاقات وثيقة بعتاة المحافظين الجدد، وأبرزهم جون بولتون «الشجاع في وجه قوى الشر بمن فيهم الارهابيون الايرانيون» على ما وصفه في بيان، عقب تعيينه مستشاراً للأمن القومي الأميركي في نيسان الماضي.
البيان الذي أصدره المركز في 31 الشهر الماضي، فور إعلان تشكيل الحكومة، أشار الى أن «محور حزب الله - عون - باسيل» قد «ناور على مدى تسعة اشهر للوصول الى حكومة يكون فيها لرئيس الجمهورية وتكتله النيابي حق الفيتو بالحصول على ثلث مقاعد الحكومة، وسعى الى احتكار تمثيل المسيحيين في الحكومة عبر تهميش حزب القوات اللبنانية، وليفرض على رئيس الحكومة الذي وقف ضد حزب الله إعطاء حلفاء الحزب وزيراً من حصة السنة في الحكومة. وللأسف نجح هذا الثلاثي في الأهداف الثلاثة». ولفت الى أن «حزب الله حصل على حقائب وزارية مهمة من بينها وزارة الصحة العامة التي تمتلك اكبر موازنات القطاع العام وتحصل على مساعدات من الحكومة الأميركية ومنظمات دولية. وتعزّز تأثيره على وزارة الدفاع عبر تعيين الياس أبي صعب المعروف بتعاطفه مع الحزب على رأس هذه الوزارة». كما ان للحزب «وزيرين تابعين له ضمن الـ 11 وزيراً الذين يزعم جبران باسيل انهم حصة تكتله في الحكومة».
ولفت الى أن الحكومة الجديدة «تأتي في توقيت مقلق، مع تراخي القبضة الأمنية الداخلية والخارجية. فالجيش اللبناني طُرد من منطقة بعلبك (؟) معقل حزب الله. كما أن الجنود اللبنانيين والدوليين التابعين لليونيفيل يقفون متفرجين، فيما يواصل الحزب توسيع حضوره العسكري على طول الحدود الجنوبية مع اسرائيل. وقد قامت هذه الميليشيا بحفر أنفاق عبر هذه الحدود في خرق للقرار الدولي 1701، ما يثير مخاوف من نزاع جديد ومدمر بين البلدين».
بيان «جماعة القوات» في أميركا لفت الى «تحديات كثيرة» أمام الحكومة، «أولها الاتفاق على البيان الوزاري الذي سيصر حزب الله والمقربون منه على ان يتضمن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، التي تعني منح الدولة اللبنانية تغطيتها لأنشطته. ومع توسع قوة الحزب في لبنان، سيكون تضمين هذه العبارة في البيان الوزاري أكثر خطورة من أي وقت». و«للحفاظ على العلاقات الوثيقة بين لبنان والولايات المتحدة، بما يحفظ مصالح البلدين»، دعا المجلس الحكومة الأميركية الى الزام الحكومة الجديدة، «وأقوى الشخصيات تأثيراً فيها، وتحديداً عون وباسيل»، الى «الالتزام بسيادة لبنان عبر احترام القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة، ونزع أسلحة الميليشيات، والتوقف عن تعزيز قوة حزب الله بمنحه غطاء حكومياً، ومقاومة الضغوط التي يمارسها الحزب في التعيينات في المراكز العسكرية والأمنية». كما حثها الى العمل بشكل أوثق «مع معارضي محور حزب الله - عون - باسيل، وتحديداً مع الحريري والقوات اللبنانية (...) وألا يوفروا أي جهد لمنع سيطرة هذا المحور وداعميه الاقليميين». وفي الوقت نفسه، «على الولايات المتحدة العمل على فرض سيادة لبنان عبر انسحاب اسرائيلي من قرية الغجر، ومساعدته في مفاوضاته على الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل لكي تعطي للبنان حقوقه».