اسبوع القادة الشهداء يلف الزمان بوشاح من يقين كلّما تعتّق فاض نصرًا. يتلو علينا بصوت الرصاص آيات النصر المبين.. يرجم الأعداء بحجارة التاريخ الذي صار اسمه "زمن الانتصارات"، ويعد الدنيا، كل الدنيا، بالنصر الآتي. هو اسبوع الشيخ راغب حرب، السيّد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية. اسبوع الشّهادة المخضّبة بالنصر، والدّم الذي فاض حرية، وبيد الله سقط..
في حضرة الذكرى، يصعب الحديث بغير العاطفة. العاطفة التي تودّ لو تعادل قطرة من بحار قلوبهم التي اتسعت لتحوي كل مستضعف في الأرض، وتدافع عنه حدّ الشهادة اغتيالًا، حين ظنّ العدو أن بقتلهم يعلو رصيده من الوجود الآمن، واكتشف متأخرا أن دماءهم كتبت زواله، وزلزلت عرشًا كان اسمه قبلهم "الجيش الذي لا يُقهر"!
الشيخ راغب، الذي زرع المقاومة عبوّة في أرض عامل، وأيقن بحاسة الحرية أنها ستنمو، لا بدّ من عليائه يبسم لورد الانتصارات وقد لامست أغصانه حدود السماء.. ربما، بلهجته الجنوبية الآسرة، يخاطب كل الشهداء مباركًا التحاقهم بقافلة العزّ، مشيرًا إلى أرض عامل وكل البلاد: انظروا دماءكم تعجّل زوال الكيان الذي اغتصب ارض فلسطين..
السيّد عباس، أبو ياسر، الآتي من شقاء البقاع وصلابته، المنتصر للحق الذي بحياته واستشهاده انتقل بالمقاومة من شتلة تنمو في شوك المشاريع التي ترمي إلى نزع سلاحها، إلى جذع صلب يزهر سلاحًا وقوّة كلما زاد الشوك حدة وفجوراً، يحدّق في أهل الشهداء من نافذة سماوية، يبلسم بالبسمة جراح الاهل الذين اكتوت قلوبهم برؤية أجساد أبنائهم وقد جرّحها العدو.. يخبرهم بعينيه المفعمتين بالعطف وبالخجل عن ياسر..
أما العماد، الشّبح الذي أقلق سنينَ مخابرات الدول الغربية، وأصاب في كل تشكيلات العدو ألف مقتل، ذاك الشّفاف الشّجاع الذي اطمأن قبل استشهاده إلى جيش من رجال الشمس، سلاحه العشق وذخيرته اليقين، وكلّفه بإعلان النصر من مآذن القدس ولو دونها ألف حرب وألف قتال، والذي ما غفا يومًا إلا وأودع نبضه في أزقّة فلسطين وبيوتها، فهو كعادته منهمك في التجهيز للمعركة القادمة.. نلمحه في اسبوع الذكرى وفي كل يوم، يقول للشباب كلمة السرّ التي تستعجل تصويب نبض زنادهم نحو جبين العدو: "اتكلوا على الله!".
هو اسبوع الشهداء الذين قادوا معركة الاخلاق والانسانية والولاء للحق وللحرية إلى مشارف زمن الانتصارات، ولم يخشَوا في يقينهم بالنصر لومة لائم.. هو اسبوع ارتحالنا إلى حكاياتهم، نشرب منها قطرات تملؤنا عزًّا وامتنانًا وخجلًا وإيمانًا بأن "الروح يلي بتقاتل" لا تموت..
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع