وصار اسمه في مثل هذا اليوم مكتوبًا بخليط من دم ودمع وحزن يجترح من الوجع عزًّا.. نطقت به القلوب دمعًا وذهولاً وفخرًا.. الشوارع والبيوت والعيون والهمسات، بل الصرخات: "قتلوا عماد مغنية!".. سرى الخبر كالنار في أرواح رأته بعين عشق المقاومة.. وربما بكت السماء فيما التراب من دمشق إلى بيروت يذرف الندى دمعًا يرحّب بالشهيد الذي لقّن الأميركي وكل أدواته درسًا من بارود.. وامتد جسرٌ من دمع غاضب ونزف متوهج بين الضاحية وعامل.. بين البقاع وكل الحدود.. في مثل هذا اليوم، شهد الغيم كيف عيوننا فاقته مطرًا وهطولا، وبرداً.. في مثل هذا اليوم، جاء الخبر: استشهد عماد مغنية.
زفت قناة المقاومة الخبر بصوت ودمع الحاج علي المسمار، بعد أن كان اسم العماد، بل اسماء العماد، تعبر اصوات الناس طيلة الليل، بذهول يرتدي الصبر والغضب.. يعود القلب إلى ساعات 12 / 13 شباط التي من وجع ورضا يبلغ الحمد.. يعود إلى السؤال الذي كتبته النبضات بتلعثم الحزن الأبي: هل حقًا استشهد العماد؟ هل حقا "غفا الجنوبي"؟ ويعود إلى السيد نصر الله في تأبين الصديق ورفيق درب المقاومة: إلى الرضوان يا رضوان!
في مناسبات بهذا العلو، تحاصرنا التفاصيل التي لم تغب أصلا.. تصير الحكاية التي كتبها بقلبه العاشق حكاية تاريخ من عز نما في رحم الأرض، وقبلته في كل صلاة بالرصاص، فلسطين..
أما بعد، يا أهل الأرض، يا كل المستضعفين في الأرض.. في مثل هذا اليوم، غادر الأرض مقاوم برتبة عماد، عاشق أمميّ صادق، بطل من خامة التراب الحر.. ساحر أعاد المعتدين الى بلادهم بالتوابيت.. حالم كتب بعرقه وبدمه العبور الى فلسطين وعدًا مفعولا.. وفي مثل هذا اليوم حلّ اليتم على السلاح برهة، فانتفض الغضب الجريح وصارت كل وجوه المقاومين مغنية.. وجيش الحب الذي الرضوان قائده يشهد!
الساحر، حاج فلسطين، الشبح، الثوريّ الأمميّ البطل العاشق منذ الطلقة الأولى وإلى الأبد، ما زال يتمشّى في الشياح، المدينة الصغيرة التي عرفته شابًا يحتوي بعينيه الثورة وذراعيه امتداد للسلاح.. وما زال يجول بين "شباب الرضوان" يمدّهم بالحب وبالعزم، وباليقين الذي كصوته عميق وواضح، وحاسم.. ما زال يصوّب طلقات عينيه صوب فلسطين، والنبض فيه يحمّل إليها السلاح عتادًا وعهداً.. وأنفاق غزّة الأبية تشهد.
هو يومك يا وجهة النبض التي تقودنا حتمًا حيث حطّت عيناك، وحيث وطئت قدماك وجيشك.. يا فيض الدمع من عيون الرجال الرجال، ومن قلوب الفطرة الطاهرة الأبية..يا قلبنا الذي يزاول النبض ويبث فينا روحًا تقاتل، تتخذك أيقونة عشق وعزم، وتنتصر.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع