أسعد بشارة – الجمهورية

ما حصل في جلسة الحكومة يصلح لأن يكون نموذجاً لنمطٍ سيُفرض على عمل الحكومة، فمن حيث الشكل وسَير المناقشات، قُمِعَ في الجلسة وزراء حاولوا الإدلاءَ برأيهم في موضوع التطبيع مع النظام السوري، وخرج رئيس الجمهورية ميشال عون بانتصار ضرب اليد على الطاولة، الذي تمّ استثمارُه لاحقاً باعتباره جزءاً من عمل الرئيس القوي للمرة الأولى في دستور «الطائف».
في الشكل تمّ تأخير الملف السياسي الخاص بالنازحين والتطبيع مع النظام، وفي آخر الجلسة طلب وزراء «القوات اللبنانية» الكلام وما أن بدأوا حتى كان عون بكل الجهوزية للانقضاض عليهم باسم حماية الدستور، ولما حاول الوزيران وائل أبو فاعور وجمال الجراح الكلام، تكلّما للحظات من دون أن يستطيعا تحريكَ صمت الصامتين، أو وقف اندفاعة عون التي انتهت بختم الجلسة بالشمع الأحمر، علماً أنّ رئيس الجمهورية كان في استطاعته ترك أيّ من وزرائه يرد، إلاّ انه لم يفعل وتولّى ذلك بنفسه، كأنه يقول لـ«القوات اللبنانية» ولغيرها: الأمرُ لي.

كان المطلوب عدم التجرّؤ على فتح ملفات لا يراد لها أن تُفتح على طاولة مجلس الوزراء إلّا من باب تأييد سياسة العهد بالانفتاح على النظام وتعويم رئيسه، عبر خلط «شعبان النازحين برمضان التطبيع»، في حين لا يوجد أيُّ رابط بين الملفّين إذا كان النظام السوري جاداً في إعادتهم من دون ابتزاز لبنان بإلزامية التطبيع.

عن هذا الملف تعتبر «القوات اللبنانية»، وفق مصادرها، أنه «يُراد تحت ستار العودة المحقّة للاجئين أن يتمّ تمهيدُ الطريق الى التطبيع مع النظام السوري، فمَن منع حلفاءَ النظام من إعادتهم، ومَن منع اللواء عباس ابراهيم من إتمام هذه العودة إذا كان في الأمر جدّيَة؟».

وتضيف «أنّ الحملة على «القوات اللبنانية» حاولت حرف القضية الى اتّهام «القوات» بمعارضة عودة اللاجئين فيما النظام السوري هو الذي يرفض هذه العودة».

وتشير المصادر الى «أن في كل مرة يُطرح فيها التطبيع مع النظام في الحكومة سيكون لنا موقف وهذا الموقف ليس السببَ في افتعال المشكلة بل مَن يفتعلونها هم مَن يمرّرون التطبيع تحت ستار عودة النازحين».

وتؤكد «أنّ تعويم الأسد على حساب لبنان مرفوض، وإذا كان هناك من تواصل عبر الحدود لترجمة هذا التطبيع على طاولة الحكومة فنحن نحتفظ بحقّ مواجهة هذا الامر في كل مرة يُطرح فيها، فالحكومة هي مصدر القرار، والبيان الوزاري هو برنامج عملها، الذي يُفترض بالجميع الالتزام به، وما تحجّج به النائب الياس بوصعب في ادّعائه الاستناد الى مقرّرات جامعة الدول العربية مُلفت، إذ كان الأحرى به أن يتوقف عند قرارات الجامعة التي تدين تدخّل إيران في سوريا وغيرها، وكان الأحرى به هو والوزير صالح الغريب أن لا يمسّا النأيَ بالنفس الذي توافق عليه الجميع».

بدورها تختصر أوساط «التيار الوطني الحر» الموقف بالقول: «هناك رئيسٌ للجمهورية يفرض هيبته وصلاحياته، ويحمي المصلحة العليا للبلد، ونترك للمستائين ممّا قام به الرئيس عون أن يعرفوا أنّ البطريرك بشارة الراعي زار بعبدا من دون موعد مسبق لكي يعلن تأييدَه لمواقف رئيس الجمهورية في شأن النازحين، كذلك نترك لهم ايضاً التوقف عند امتناع الرئيس سعد الحريري عن مواجهة الرئيس عون على طاولة الحكومة، لا بل امتناعه عن مساندة وزرائه عندما حاولوا الكلام، وفي هذا إشارة الى أنّ العلاقة بين عون والحريري تخطّت كل اختباراتها، وأنّ التفاهم على إدارة البلاد يطاول معظم الملفات، في السياسة الخارجية وفي إدارة الدولة، وهذا التفاهم لن يهتزّ على وقع مشاغبات لـ«القوات اللبنانية» تهدف الى تسجيل المواقف على حساب الحريري والتسوية».