إيران تتمسّك بظريف وزيراً لخارجيتها… والتصعيد يتواصل في إدلب
تغيّب وزير التربية فتعطّلت ملاحقة التوظيف غير القانوني
السنيورة يشنّ هجوماً استباقياً على حزب الله والتيار الوطني الحر
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
تبدو الاستقالة التي أطلقها وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في طريق التراجع بعدما رفضها رئيس الجمهورية الإيرانية الشيخ حسن روحاني، مقدماً لظريف تقديراً لأدائه ناقلاً عن الرئيس السوري بشار الأسد تقديراً موازياً، فيما رجح وفقاً للكثير من المتابعين فرضية ربط الاستقالة بعدم تنسيق زيارة الرئيس السوري إلى طهران مع وزارة الخارجية ومع الوزير بصورة ترتّب عليها غيابه عن لقاءات الرئيس السوري، وهو ما فُهم من حديث ظريف لصحيفة جمهوري إسلامي عن دفاعه عن مكانة وزارة الخارجية عبر الاستقالة، كما أشار كلام الرئيس روحاني إلى إشادة الرئيس السوري بالوزير ظريف إلى صلة الزيارة بالاستقالة، بينما ردّت مصادر إيرانية أسباب عدم التنسيق إلى كون الزيارة مفاجئة ولم تسبقها ترتيبات بروتوكولية كافية بسبب مراعاة الاعتبارات الأمنية لزيارة ضيف على هذا المستوى من الخصوصيّة، وعرضة للاستهداف من أطراف دولية وإقليمية عديدة، لكن التحليلات الغربية للاستقالة ورفضها لم تقنعها الأسباب المذكورة فاعتبرها الكثير من المعلقين رسالة أولية شديدة اللهجة لأوروبا لعدم دفع إيران للخروج من التفاهم النووي، ولتسهيل مهمة الوزير ظريف في إنجاح ما تبقى من التفاهم النووي، وقد استند هؤلاء في استنتاجاتهم إلى تركيز ظريف نفسه وهو مستقيل على كون أوروبا لم تقدّم ما يكفي لبقاء إيران تحت سقف التفاهم.
إقليمياً، كان الوضع في سورية بعد الزيارة التاريخية للرئيس السوري إلى طهران، موضوع مراقبة ومتابعة من الأوساط الغربية، التي سجلت إشارات الاقتراب من الحسم العسكري في إدلب مع تصاعد الوضع العسكري على محاور القتال بصورة عالية الوتيرة، كما توقف المتابعون أمام استبدال الرئيس التركي رجب أردوغان، الحديث عن رفض أي حديث عن منطقة آمنة لا تكون تحت السيطرة التركية بالحديث عن رفض المنطقة الآمنة التي تديرها قوى لا تثق بها تركيا، ما يعني فتح الباب لخيار الشراكة الروسية في تطبيق اتفاق أضنة كضامن للطرفين السوري والتركي في ظل غياب الثقة بينهما، بصورة يتمركز فيها الروس على الخط الحدودي ونقاط مراقبة تضمن أمن الحدود للطرفين، بينما تتجه الاهتمامات لمتابعة زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو اليوم، لمراقبة ما سيقوله الروس بعد لقاء طهران السوري الإيراني، وما سيفعله نتنياهو بعد الزيارة.
لبنانياً، إشارتان سياسيتان لمحاولة تعطيل المناخ الذي سجلته جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة، حول مكافحة الفساد، فمن جهة بدا أن تحرك لجنة المال والموازنة للتدقيق في ملفات التوظيف للقانون سيتعرّض لمحاولات تعطيل برزت طلائعها بغياب وزير التربية عن الجلسة المخصّصة للاستماع إليه حول حجم التوظيفات التي تمّت في الوزارة خلال العامين الماضيين، رغم نص قانون الموازنة وقرار مجلس الوزراء بوقف التوظيف، ومن جهة مقابلة بدأ الرئيس السابق فؤاد السنيورة حملة استباقية ستتواصل الجمعة بمؤتمر صحافي مهاجماً حزب الله والتيار الوطني الحر كشريكين في استهدافه واستهداف ما وصفه بإرث الرئيس رفيق الحريري، وتولت قناة المستقبل تبنّي موقف السنيورة في مقدمة نشرتها الإخبارية، واضعة حملة حزب الله التي تترجمها مواقف النائب حسن فضل الله في إطار الاستهداف السياسي، ما سيجعل المعركة حول الفساد تنفجر في سجالات سياسية وتوترات شعبية بما يهدّد فرص بلوغها التحقيقات القضائية الشفافة، عندما يتكفل النظام الطائفي بتقديم الحماية من أي ملاحقة لملفات الفساد.
فيما يتحضّر البرلمان البريطاني للتصويت يوم الجمعة المقبل على تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، لم يُحسم بصورة نهائية استعداد بريطانيا لحظر الجناح السياسي لحزب الله، فالخطوة تحتاج لتصديقها في البرلمان عبر تصويت من المفترض أن يجري يوم الجمعة، علماً أن هذه الخطوة تلقى معارضة، حيث أعلن حزب العمال البريطاني المعارض أنه يتعيّن على وزير الداخلية ساجد جاويد تقديم الأدلة التي تبرّر قراره توسيع حظر حزب الله ليشمل جناحه السياسي. وقال المتحدث باسم حزب العمال «على وزير الداخلية أن يظهر أن هذا القرار اتخذ بشكل موضوعي وحيادي، وبناء على أدلة واضحة وجديدة، وليس بسبب طموحه في الوصول للقيادة».
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن السياسة البريطانية ليست بعيدة عن السياسة الأميركية تجاه حزب الله. ولفتت المصادر الى ان القرار البريطاني لن يغير في واقع الأمور على الإطلاق، علماً أن التصويت لصالح القرار لم يحصل بعد وهناك معارضة لقرار وزير الداخلية البريطاني. وشددت المصادر على أن علاقة لندن بيروت الرسمية لن تتأثر، اسوة بعلاقة واشنطن مع القيادات السياسية. ولفتت المصادر الى أن موقفي الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، يؤكدان أن هناك اتفاقاً محلياً بين الأطراف اللبنانية على تجنيب لبنان أي توتر نتيجة بعض القرارات الخارجية او التطورات الإقليمية، فحزب الله هو ممثل اساس في الحكومة والبرلمان. لم تستبعد المصادر ان تلجأ بريطانيا في مرحلة لاحقة الى قطع المساعدات على وزارات يتولاها حزب الله، من دون أن يعني ذلك قطع المساعدات عن الجيش والمؤسسات الأمنية.
وأشارت مصادر السفارة البريطانية في لبنان الى ان المملكة اعتمدت عدم التواصل مع الجناح السياسي لـ«حزب الله» منذ سنوات وغير مقبول التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري.
وقالت المصادر للـ «ال بي سي» إن المملكة تدعم لبنان حالياً بأكثر من 200 مليون دولار أميركي عبر مساعدته بالسيطرة على الحدود مع سورية. وأكدت أن القرار ضد «حزب الله» لا يعني فرض المزيد من العقوبات على لبنان، وأضافت أن المملكة ستبقي كل الخيارات قيد المراجعة.
وأوضح وزير الصحة جميل جبق، أن «تداعيات القرار البريطاني على حزب الله سينسحب على نظام حكومة الوحدة الوطنية التي تُعنى بالشأن الداخلي كما أن الحزب يشكل شريحة كبيرة من الشعب». ولفت الى أن «عمله في وزارة الصحة «خدمي ولا علاقة له بالعمل السياسي والعسكري الداخلي في حزب الله»، مستبعداً في الوقت عينه أن «تكون هناك تداعيات على الوزارة بعد القرار البريطاني». وإذ شدّد على أن «الأطراف اتخذت القرار بالحرب على الفساد»، أشار إلى أن عمله في وزارة الصحة «سيخضع للشفافية على أن يؤمن نظاماً استشفائياً كريماً للشعب اللبناني».
وطمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان القرار البريطاني بتصنيف حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري إرهابياً لا علاقة له بالقطاع المصرفي ولن يؤثر على الأوضاع المصرفية. وأشار إلى أن المعيار الأساس الذي ستنظر إليه هيئة الأسواق هو السيولة. والمهم وفي ظل ما شهدته المنطقة المحيطة بنا وفي لبنان بشكل خاص، فإن هيئة الأسواق مستعدّة لترجمة المبادرات كافة إلى نتائج ملموسة وحشد الإمكانات لدعم القطاع المالي وقطاع المعرفة.
واعتبر تكتل لبنان القوي أنّ قرار بريطانيا تصنيف حزب الله على لائحة الإرهاب لا يعني لبنان، بل يعني بريطانيا ولن يؤثر على العلاقة اللبنانية – البريطانية، مشيرًا إلى أنّ حزب الله هو أحد مكونات الحكومة والمجلس النيابي. ورأى التكتل بعد اجتماعه الأسبوعي أنّه لا لزوم للتذكير بأولوية ملف النازحين، مؤكدًا الإصرار على أي عمل ومبادرة توصلنا الى نتيجة.
وشدّد على أنّ العملية تتعلق بسيادة لبنان والقوانين اللبنانية والمصلحة الوطنية، وعلى أننا لا نتفق مع كل سياسة تتعارض مع هذا المسعى.
من ناحية أخرى، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فريدريكا موغيريني أن «لبنان سيواصل العمل لإعادة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في سورية ولن ينتظر الحل السياسي للأزمة السورية الذي قد يطول»، مجدداً «التأكيد على العودة الآمنة لهؤلاء النازحين»، مشيراً الى «حرص لبنان على عدم تعريض السوريين العائدين لأي مخاطر، علماً أن المعلومات التي ترد الى بيروت تشير إلى أن العائدين يلقون رعاية من السلطات السورية التي وفّرت لهم منازل جاهزة وبنى تحتية ومدارس، وهذا ما يمكن للاتحاد الأوروبي وغيره من المنظمات الدولية التأكد منه».
ولفت الرئيس عون موغيريني الى «وجود مقاربتين متناقضتين لمسألة النزوح السوري، فالاتحاد الاوروبي يتخذ قرارات سياسية، في حين ان قرارات لبنان أسبابها اقتصادية اجتماعية». وجدد التأكيد على «التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية على لبنان بفعل استمرار وجود مليون و500 ألف سوري على أراضيه»، مقترحاً ان يصار الى «دفع المساعدات الدولية الى النازحين بعد عودتهم الى أرضهم تشجيعاً لعودتهم، لأن توزيع المساعدات على النازحين في لبنان، بالإضافة الى الاعمال التي يقومون بها وينافسون اليد العاملة اللبنانية من دون أن يرتب ذلك أي موجبات للدولة اللبنانية، فكل ذلك يدفعهم الى البقاء حيث هم، ويؤدي الى تزايد هجرة الشباب اللبناني إلى الخارج».
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي زارته موغيريني أثار موضوع الحدود البحرية لكون لبنان على تخوم الاتحاد الأوروبي، مؤكداً ان استكشافه واستثماره ثرواته هو الأمل الأكثر جدوى لنهوض لبنان اقتصادياً وسداد دينه. وطالب الاتحاد بلعب دور فاعل في هذا الخصوص لتحديد الحدود البحرية، مشدداً على ضرورة تفهم الموقف اللبناني في حاجته مع الاخوة السوريين لإعادتهم. وأجرت موغيريني مع رئيس الحكومة سعد الحريري محادثات ثنائية تناولت التطورات والأوضاع في لبنان والمنطقة وسبل تعزيز العلاقات الثنائية والخطوات اللازمة لتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» والمشاريع التي يحتاجها لبنان في المرحلة المقبلة، واستكملت المباحثات الى مائدة غداء أقامها الرئيس الحريري في المناسبة.
من ناحية أخرى تعقد هيئة مكتب المجلس اجتماعاً في عين التينة يوم غد الخميس برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للاتفاق على جدول اعمال الجلسة. وقال مصدر نيابي في هيئة مكتب المجلس لـ«البناء» إن جدول الأعمال سيضم بنوداً تتصل بمؤتمر سيدر بالإضافة الى بنود مالية لها علاقة بالسماح للحكومة إصدار سندات خزينة لضرورات مالية مهمة وإعطاء سلفة طويلة الأجل للكهرباء والصرف على القاعدة الاثنتي عشرية، لا سيما أن قانون الموازنة لن يقر قبل شهر أيار، هذا بالإضافة الى 39 بنداً لم تناقش في جلسة تشريع الضرورة التي عقدها المجلس منذ أسابيع، وصولاً الى تشكيل الهيئة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ويشدّد المصدر على ان المجلس النيابي سيواكب عمل الحكومة في المرحلة المقبلة وقد وعد الرئيس بري بعقد جلسة كل 3 أشهر لمساءلة ومحاسبة الحكومة، مشدداً على ان المجلس النيابي سيطلق ورشة نيابية تشريعية وسيعمل على تفعيل وتنشيط عمل اللجان المشتركة من أجل عقد جلسات تشريعية كل شهر للتعويض عن الفترة السابقة التي دخل فيها المجلس بحالة تشبه الركود لظروف عديدة.
من ناحية أخرى توقفت كتلة المستقبل بتوتر عند كلام النائب حسن فضل الله حول الحسابات المالية، وشدّدت على أن «الكتلة التي تقف في الخط الأمامي للعمل على وضع الإصلاحات المالية والإدارية موضع التنفيذ السريع، وترى فيها بداية للمسار الصحيح لمكافحة الهدر والفساد والتطاول على المال العام، تجد في بعض المطالعات التي استفاقت مؤخراً على وجود هدر وفساد في الإدارة اللبنانية، افتراء لن يمر للاقتصاص من النهج الذي ساهم في إعمار البلد وتطوير الاقتصاد وتوفير مقومات الاستقرار الاجتماعي في البلاد». وفي دفاعها عن الرئيس فؤاد السنيورة من دون أن تسمّيه أكدت أن «هذا النهج تولاه رجال كرّسوا حياتهم لخدمة لبنان والدفاع عن مصالح اللبنانيين في أصعب الظروف، على الرغم من حملات التجنّي والتضليل وتركيب الملفات التي لم تفلح في قلب الحقائق».
وفيما اعتبرت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن حملة حزب الله ضد الرئيس السنيورة مردها موقف الأخير السياسي المناوئ لسياسة حزب الله وتدخلاته في الشؤون الإقليمية، لفتت الى ان حزب الله يريد افتعال الخلافات في البلد، مشدّدة على ان السنيورة سيعقد مؤتمراً صحافياً صباح يوم الجمعة سيشرح فيه كل التفاصيل بالأرقام، وسيرد على كل الاتهامات والاستفسارات، لافتة الى ان الأموال التي ذكرها النائب فضل الله جرى صرفها من أجل تسيير العمل في مؤسسات الدولة اللبنانية وتلبية حاجات المواطنين.
في المقابل، أكدت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» أن لا مستندات تؤكد أن السنيورة أنفق هذه الأموال في الإطار القانوني، لافتة الى ان ما إنفاق السنيورة الـ11 ملياراً أظهر حجم الهدر، مشددة على ان الصرف تم آنذاك من دون إذن المجلس النيابي، وبالتالي فإنه مخالف للقانون. ولفتت المصادر الى أن حزب الله مصرّ على معركته في وجه الفساد ولن يُحرَج أمام أي فريق قد يكون أشخاص منه متورّطون في ملفات فساد وهدر المال العام، فكل ما يقوم به من أجل إنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية والمالية.
الى ذلك يصل إلى بيروت اليوم رئيس البعثة الفرنسية لمتابعة مقررات «سيدر» السفير بيار دوكان للاطلاع من المسؤولين اللبنانيين على التحضيرات لتنفيذ مقررات «سيدر» والاستعداد لبدء ورشة المشاريع المقرّرة.