نتنياهو يتحدّث عن مواصلة العمل لمنع إيران من تحقيق أهدافها… بعد لقائه بوتين 
بري لتشكيل مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء… وجلسات المساءلة 
حزب الله لن يُستدرَج لاستفزاز السنيورة: ملف الـ 11 ملياراً إلى القضاء

 

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

 

بدت زيارة رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، رغم كونها الأولى منذ شهور وتأتي بعد جهود إسرائيلية مضنية للحصول على موعد للقاء نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ إسقاط الطائرة الروسية قبالة اللاذقية، كحدث عادي، فيما بقي لقاء القمة الذي جمع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي مع الرئيس السوري بشار الأسد موضوع التعليقات والتحليلات في الصحافة العالمية، خصوصاً لجهة ما يتصل بنيات محور المقاومة تجاه الرد بقوة على أي عدوان إسرائيلي جديد على سورية، ووضع معادلة ردّ موازٍ كماً ونوعاً على أي عدوان، تبلّغتها القيادة الروسية ونقلتها لنتنياهو مع نصائح بالتهدئة، والعمل لترسيخ اتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974 كإطار للأمن عبر حدود الجولان المحتل، ما دعا للتوقف ملياً أمام ما قاله نتنياهو بعد لقائه بالرئيس بوتين وما حمله الكلام من استبدال التعهّد بمواصلة الغارات العسكرية على ما يصفه بالقواعد الإيرانية في سورية إلى الإعلان عن مواصلة العمل لإفشال أهداف إيران في سورية، وما لفت أيضاً أنها ربما تكون المرة الأولى التي يذهب نتنياهو إلى موسكو ويعود ولا ترافق ذهابه أو عودته غارات إسرائيلية على سورية.

بالتوازي بقيت تردّدات زيارة الرئيس الأسد إلى طهران حاضرة في قراءة المشهد العسكري المتجه نحو عمل نوعيّ على جبهة إدلب، كما تقول التطورات الميدانية. وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى دمشق لمتابعة ما تم في لقاء الأسد – الخامنئي، بعدما عاد ظريف عن استقالته، ويستأنف مهامه بتلبية دعوة الرئيس الأسد لزيارة دمشق.

لبنانياً، يحتلّ ملف الفساد والمساءلة النيابية التي ظهرت عنواناً لجلسات مناقشة البيان الوزاري، صدارة الحضور السياسي والإعلامي، كامتحان أمام الرأي العام لدرجة الجدية في تنفيذ التعهدات، وفيما بدأت التعقيدات بالظهور، فظهر بتلكؤ الوزراء في الاستجابة لدعوات اللجان النيابية كحال وزير التربية مع لجنة المال والموازنة ما دفع برئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى التأكيد على مثول الوزراء أمام المجلس ولجانه، كما ظهرت الحملة الاستباقية الاستفزازية التي ستستكمل بمؤتمر صحافي غداً، للرئيس فؤاد السنيورة لنقل المواجهة مع حزب الله التي بدأت في فتح ملف الهدر المالي وقضية المليارات الضائعة في القيود المالية، إلى مواجهة سياسية وطائفية. وهو ما أكدت مصادر متابعة أن حزب الله متنبّه له وسيكون أشد انتباهاً لعدم الانجرار إلى فخاخ السجالات السياسية والطائفية. وقال النائب حسن فضل الله الذي يتولى الملف في حزب الله، إن الحزب يريد لملفات المالية العامة ومنها قضية المليارات الضائعة أن تصل ليد القضاء ليقول الكلمة الفصل، وليس للحزب أي أهداف سياسية أو استهداف سياسي من وراء ذلك.

الرئيس بري الذي يعتبر أن مصداقية المجلس النيابي على المحك أكد أمس، في لقائه النيابي الأسبوعي السير بتشكيل مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء الذي نص عليه الدستور، وكذلك بجلسات المساءلة الشهرية للحكومة.

في ما تمكّن إجماع لبنان الرسمي من امتصاص الإعلان البريطاني عن قرار بتصنيف الجناح السياسي لحزب الله على لائحة الإرهاب، من المتوقع أن يعقد مجلس العموم البريطاني جلسة يوم غدٍ للتصويت على القرار الذي أرسله وزير الداخلية الى المجلس، ورغم وجود معارضة شديدة داخل المجلس لهذا القرار، إلا أن مصادر مطلعة رجّحت لـ»البناء» مصادقة المجلس عليه، مشيرة الى ضغوط أميركية وإسرائيلية لتمرير القرار. وتحدثت المصادر عن «لائحة عقوبات أميركية جديدة ضد الحزب ستصدر قريباً لمواكبة القرار البريطاني بتفعيل الحصار على الحزب»، إلا أن مصادر رسمية لبنانية «قللت من تداعياته على الحزب ولبنان وعلى عمل الحكومة في ظل الموقف الرسمي الموحّد باحتضان المقاومة والحزب كشريك أساسي في مجلسي الوزراء والنواب».

وكشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن تأثره باللقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد، والمرشد الأعلى الإيراني السيد على خامنئي، خلال الزيارة السريعة التي قام بها الأسد إلى طهران يوم الأحد الماضي.

وجاء ذلك خلال لقاء داخلي وخاص عقده السيد نصر الله مع الهيئات النسائية في حزب الله بمناسبة ولادة السيدة فاطمة الزهراء. واستعرض نصر الله في اللقاء الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي، أمام الحاضرين بعض النماذج من محاولات حصار حزب الله من خلال فرض العقوبات عليه. وقال نصر الله للنساء الحاضرات: إن «العنوان الأول للمعركة القائمة هو الإفقار والتجويع والحصار المالي للضغط على بيئة المقاومة».

وأضاف: «إن الغاية هي إضعافنا بنية السيطرة علينا»، مشيراً إلى أنه «يجب أن تكون لدينا إرادة تحدٍّ».

حزب الله مستمرٌ بالمهمة

فيما نجحت الاتصالات على خط الرئاستين الأولى والثالثة بتوفير ظروف انعقاد آمن لجلسة مجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومي بعد السجالات الساخنة التي سادت الجلسة الماضية في بعبدا، يبدو أن المعركة التي أعلنها حزب الله على الفساد ستشهد توتراً سياسياً كبيراً مع اتجاه الرئيس السابق فؤاد السنيورة الى التصعيد في وجه الحزب في مؤتمره الصحافي غداً، علماً أن النائب حسن فضل الله لم يذكر اسمه لا خلال مداخلته في المجلس النيابي ولا في مؤتمره الصحافي الأخير في ساحة النجمة.

ما يطرح سؤالاً جوهرياً لماذا استنفر السنيورة واعتبر نفسه معنياً إذا كان يدّعي براءة الذمة من الـ 11 مليار دولار؟

وإذ سارع السنيورة الى تجميع أوراق المواجهة بضربات استباقية في بيان حمل اتهامات مقابلة الى الحزب بالفساد وزجّ اسم الرئيس الراحل رفيق الحريري في المعركة والاستعانة بالسلاح المذهبي، بدلاً من الركون الى القضاء وتقديم الأدلة إليه لتبيان براءته، كانت لافتة زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري في توقيتها الى عين التينة ومن دون موعد مسبق ولقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري على عجل لمدة ربع ساعة، ما يؤكد علاقة الزيارة بالسجال الحاصل بين السنيورة وحزب الله.

ولما رفض الرئيسان بري والحريري الإفصاح عما دار خلال اللقاء، أشارت المعلومات الى أن الحريري صارح بري بضرورة عدم إثارة اي ملف يؤثر على الاستقرار السياسي والحكومي في البلد، في اشارة الى الـ 11 مليار دولار، علماً أن الحريري لم يعلن موقفاً رسمياً حتى الآن حيال السجال القائم ولا كتلته النيابية ما خلا إعلام تيار المستقبل الذي تماهى مع بيان السنيورة الأخير.

وتُطرَح الأسئلة نفسها: هل السنيورة وحده المسؤول عن إنفاق هذه الأموال؟ أم أنه كان واجهة مالية لمشروع سياسي خارجي كان يهدف إلى تكبيد مزيد من الديون على لبنان ومفاقمة أزماته ليبقى رهينة لإرادة ومشيئة الولايات المتحدة ودول الخليج والمجتمع الدولي حتى تحين لحظة المقايضة بين سداد الديون وإنقاذ لبنان من الانهيار مقابل شروط سياسية تتعلق بسلاح المقاومة وموقع لبنان في الصراع في المنطقة؟ وهل كان يُنفق هذا المال بطرق غير شرعية من دون علم تيار المستقبل ورئيسه رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري؟

واستطراداً، هل سيسمح الحريري باستدعاء السنيورة الى التحقيق؟ أم سيجد نفسه معه في مركب واحد ومضطراً لحمايته؟ وهل سيتخلى الأميركيون والسعوديون عمّن كان رأس حربة المشروع الأميركي الخليجي في لبنان منذ اغتيال الرئيس الحريري في العام 2005 حتى العام 2010 وربما لا يزال؟ وأيضاً هل سيحُول التهديد بالفتنة المذهبية دون ملاحقة السنيورة قضائياً؟ وهل ستُطلب النيابة العامة المالية أصلاً استدعاءه الى التحقيق بعد تسليم فضل الله الملف كاملاً الى الجهات القضائية المختصة؟

تؤكد أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» بأن الحزب مستمر في عمله المهني والعلمي والموضوعي في كشف مكامن الفساد وكيفية ووجهة إنفاق المال العام بطرق مخالفة للقوانين»، مشيرة الى أن «الحزب لم يُثر الموضوع انطلاقاً من استهداف شخصي للسنيورة ولا لغيره وليس لديه أي مشروع سياسي، بل ما يقوم به هو تجميع المعلومات والمستندات التي تدل على فساد مالي وإداري وإيداعها القضاء المختص، فليس من واجب الحزب مقاضاة أحد أو التشهير به»، وإذ استغربت هذه الهجمة السنيورية الاستباقية، أكدت أن «هذه الحملة المضادة لن تؤثر في أداء المهمة التي تبنّاها الحزب ووعد جمهوره وكل الشعب بإنجازها، موضحة أن التلويح بفزاعة الفتنة مجدداً لن تنفع بعد الآن لا سيما في قضية فساد تعني مختلف شرائح الشعب اللبناني»،

وأكدت المصادر أن ما حصل خلال تلك المرحلة نهب منظم لأموال الدولة دون قيود وبلا رقيب ولا حسيب، ومبلغ الـ 11 ملياراً جزء من منظومة النهب لـ مئة مليار دولار وأكثر خلال العقدين الماضيين»، وتميز الأوساط «بين الفساد وبين الهدر المتمثل بتوظيف الآلاف في مؤسسات الدولة بطرق غير شرعية ومخالفة للقانون أو بغير حاجات المؤسسات، لكن الفساد هو سرقة موصوفة للمال العام ويجب كشف مكامنه مهما كان الثمن».

وأشار النائب فضل الله، من عين التينة الى ان «ملف الحسابات المالية سيأتي الى المجلس ويذهب الى القضاء الذي عليه تحديد أسباب الهدر والفوضى الحاصلة في الملف». فيما كشف النائب قاسم هاشم عن قرار بعدم إقرار الموازنة للسنة الحالية دون إجراء قطع حساب للموازنات السابقة.

وردّ وزير المال علي حسن خليل على سؤال عن السجال الحاصل بموضوع الحسابات المالية، فقال «عم يحكوا وما حدا فهمان شو صاير».

وفي ضوء السجالات المالية والاتهامات المتبادلة بالفساد، اندلع سجال بين وزيري المال علي حسن خليل والاتصالات محمد شقير، على خلفية موازنة مؤسسة أوجيرو.

جلسات تشريعية

وأكد الرئيس بري في لقاء الاربعاء النيابي «ان المجلس سيمارس دوره الرقابي بأقصى الدرجات»، معتبراً أن ما قبل جلسة الثقة شيء وما بعدها شيء آخر. وقال ان اجتماع 54 نائباً من كل الكتل النيابية على مكافحة الفساد يفترض إقران القول بالفعل والذهاب في هذا الموضوع الى النهاية. ونقل النواب عنه قوله إنه تشاور مع رئيس الحكومة وسيدعو الى جلستين متتاليتين في النصف الاول من آذار واحدة لإنتخاب المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والثانية تليها مباشرةً وهي جلسة تشريعية لإقرار القوانين المنجزة والملحّة.

وأضاف: إن المجلس سيعقد جلسة رقابية في النصف الثاني من آذار في إطار ما التزم به بعقد جلسات رقابية شهرية. وقال: لا توجد إهانة على الإطلاق في طلب أي وزير للمساءلة أو التحقيق في أي ملف من الملفات. وبالنسبة لموضوع التعيينات أكد الرئيس بري أن على الحكومة اعتماد الآلية التي اتبعت سابقاً.

وأكدت مصادر نيابية لـ»البناء» أن الرئيس بري جادّ في تعيين أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لكنها شككت في أداء عمله بسبب غياب آلية الملاحقة والمحاكمة، داعية الى تعديل قانون المحاسبة للرؤساء والوزراء ليصبح كمحاسبة المواطنين في القضاء العادي كما في معظم دول العالم».

ويتألف المجلس من 15 عضواً يعيّن مجلس النواب 7 أعضاء من النواب فيما يعيّن مجلس القضاء الأعلى ثمانية أعضاء آخرين من القضاء، وأشارت المصادر الى أن «الأعضاء النواب سيعيّنون من مختلف الكتل النيابية».

وعقدت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان جلسة في مجلس النواب، لمناقشة تقريري التفتيش المركزي والخدمة المدنية عن التوظيف في وزارة الشؤون الاجتماعية. وأعلن كنعان، بعد الجلسة عن «توجيه كتاب لديوان المحاسبة للتحقيق ووقف الصرف عن المخالفين في ملف التوظيف بموجب المادة 86 من قانون ديوان المحاسبة الذي بدأ التحقيق مشكوراً». وأعلن أن 15200 بين موظف ومتعاقد جرى التعامل معهم خارج التوصيف الوظيفي المطلوب، وما يخالف القانون يجب أن يتوقف».

جلسة للحكومة بلا بنود أساسية…

وعلى خطى الجلسة الماضية يعقد مجلس الوزراء جلسته الأولى في السراي الحكومي من دون إدراج البنود الأساسية على جدول الأعمال كملف الكهرباء والنفايات والتعيينات في المواقع الشاغرة، لا سيما رئاسة الأركان والمجلس العسكري وغيرها، أما الجديد فسيكون تمرير الجلسة بأجواء هادئة، بهدف تخفيف منسوب التوتر الحكومي. وفي السياق أكدت مصادر قواتية للـ»او تي في» أنّ السجال الذي حصل في الجلسة الماضية لن يتكرّر، وقالت: «لن يُطرح أي موضوع خارج البنود المطروحة في جدول الأعمال وما حصل في الجلسة السابقة مضى معها».

1300 نازح يعودون اليوم إلى سورية

وبعد سلسلة لقاءات عقدها وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب مع سفير روسيا في لبنان ألكسندر زاسيبكين ومدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تؤمن المديرية اليوم العودة الطوعية لحوالى 1300 نازح سوري من مناطق مختلفة في لبنان إلى سورية عبر مراكز المصنع والعبودية والقاع الحدودية.

وأعلن زاسيبكين، «أن هناك جاهزية في سورية اليوم لاستقبال مليون ونصف المليون نازح»، مشيراً الى ان «منذ انطلاق المبادرة الروسية تمّت إعادة بناء 350 بلدة ومدينة و118 مدرسة و5 جسور وحوالي لف كيلومتر من الطرق ومدّ ما يفوق الألف كيلومتر من خطوط الكهرباء». واعتبر زاسيبكين في حديث تلفزيوني، ان «بعض الجهات الدولية والدول، تطرح إشكالات، هدفها الماطلة في إعادة النازحين الى سورية».

وبعد تأييد الكنيسة المارونية المطلق لمواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأخيرة في مجلس الوزراء حيال ملف النازحين، دعا البطريرك مار بشارة الراعي أمس، الى «حماية لبنان من مخاطر الوجود السوري المرهق فيما ثلث سكانه تحت مستوى الفقر، و40 من أبنائه في حالة بطالة. ويجب على المجتمع الدولي، أن يفصل بين الحل السياسي في سورية وعودة النازحين وإلا كان مصيرهم مثل اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتظرون الحل السياسي منذ 71 سنة، والكل على حساب لبنان وشعبه. وهذا لا يمكن قبوله».