رئيسا أركان روسيا وأميركا في فيينا… ولافروف في الخليج… وسورية قاسم مشترك
بري: بند رفض التطبيع هو كل المؤتمر… والقدس الشريف عاصمة فلسطين
عون: لا حصانة لأحد في مكافحة الفساد… والمفتي دريان: السنيورة خط أحمر
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
على إيقاع المسرحيّة المكشوفة لمعارك الباغوز التي تخوضها واشنطن لنقل جماعات داعش بالتنسيق مع القوات الكردية والمخابرات التركية، عبر الرقة ومنبج وصولاً إلى إدلب، وإيقاع موازٍ لبدايات معركة إدلب بالنسبة للجيش السوري وحلفائه، تقترب ساعة الحقيقة السورية من دقّ أبواب الجميع، الأميركي الذي أراد المناورة ببقاء جزء من قواته في سورية، وساعة الرمل التي تتيح مدة هذا البقاء بحدود استباق نهاية معركة إدلب، وبات بحاجة لعروض مقايضات الانسحاب بسقوف أقل من مطلب الانسحاب الإيراني، بعد فشل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في إطلاق اليد الإسرائيلية بالعدوان على سورية، والتركي الذي يدرك بعد القمة التي جمعت الرئيس السوري بشار الأسد والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي أن ساعة معركة إدلب تقترب، وأن روسيا ليست بعيدة عنها، طالما يقول وزير خارجيتها أن اتفاق وقف التصعيد ومسار أستانة قد فشلا في تحقيق الأهداف والالتزامات التي أخذتها تركيا على عاتقها وأن سيطرة جبهة النصرة على إدلب تجعل المواجهة العسكرية مع الإرهاب خياراً حتمياً، والسعودي الذي تلاعب بقرار الانفتاح على سورية وعودتها إلى الجامعة العربية، ملتزماً بالسقوف الأميركية التي تضع أمن «إسرائيل» أولاً ولا تريد تظهير الانفتاح العربي على سورية كنصر لخياراتها.
بينما يبدو الأتراك في حال ارتباك مع التأقلم وعجز عن المواجهة، يتجه الأميركي للتدرّج في النزول عن شجرة التصعيد عبر اجتماع فيينا الذي جمع رئيس أركان الجيوش الأميركية جوزيف دانفورد برئيس أركان الجيش الروسي سيرغي غراسيموف، تحت عنوان التنسيق في سورية، وقالت مصادر متابعة إن الأميركي استبدل عرضه السابق بمقايضة الانسحاب الشامل للقوات الأميركية والإيرانية من سورية بعرض يغض النظر عن بقاء إيران في وسط سورية، مقابل مقايضة الانسحاب من الجنوب بمثله والانسحاب من الشمال بمثله، برعاية روسية، بينما كان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف يقوم بجولة خليجية، يبحث فيها عودة سورية إلى الجامعة العربية، على قاعدة أن التأخير يتسبّب بعزل الجامعة عن مسارات الحل السياسيّ في سورية، بينما كشفت تصريحات وزير
التتمة ص8
الدولة للشؤون الخارجية السعودية عادل الجبير عن ربط العودة السورية بتقدّم الحل السياسي عن بقاء الموقف الأميركي السلبي تجاه العودة، حتى يتم التوصل لتفاهم بصدد المقايضة الأميركية الجديدة المقترحة، أو مواصلة التجاذب بانتظار نتائج معركة إدلب قبل تعديل سقوف التفاوض.
الموقف العربي الرسمي الذي كانت منصة مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب في عمان فرصة لتظهير بعض منه عبر المواقف الرافضة لمنع التطبيع مع كيان الاحتلال تحوّل منصة معاكسة بفعل قيادة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري لجبهة حلفاء ضمّت رؤساء برلمانات سورية والكويت والأردن وفلسطين ونجحت عبر الاتصالات والمداخلات بفرض بند رفض التطبيع، وكانت للرئيس بري تدخلات واضحة في صياغة البيان الختامي للمؤتمر، كان محورها قوله «بند التطبيع هو كل المؤتمر» وإضافته للقدس الشريف عاصمة لدولة فلسطين بدلاً من القدس الشرقية.
لبنانياً، سحب من التداول مؤقتاً على الأقل، التوتر بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر بعد جولة مبارزة في مقدمات نشرات الأخبار بين تلفزيوني «المستقبل» والـ «أو تي في» حول الموقف من ملف الفساد وموقع الرئيس فؤاد السنيورة، بينما بدت الأمور ذاهبة رغم ذلك إلى المزيد من المواجهات، مع إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المضي في ملف مكافحة الفساد على قاعدة أن لا حصانة لأحد مهما علا شأنه، وكلام مقابل لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان من السراي الحكومي بعد لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري، بقوله إن السنيورة خط أحمر.
دريان: السنيورة خط أحمر…
وبعد تيار المستقبل والمملكة العربية السعودية أعلن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان دعمه للرئيس فؤاد السنيورة ضد الاتهامات التي تطاله بالفساد، معتبراً أن السنيورة خط أحمر.
وبعد زيارته الحريري في السراي، قال دريان، «موضوع محاربة الفساد يجب أن يعالج ضمن أطر مؤسسات الدولة، لأن هناك هيئات رقابية وهيئات محاسبة، عليها أن تقوم بواجباتها. اما موضوع المزايدة في هذا الأمر او النيل السياسي من هذا الملف او ذاك فهذا امر مرفوض. ان دولة الرئيس فؤاد السنيورة هو خط احمر، لانه هو رجل دولة بامتياز وهو الذي أعاد الى مالية الدولة الشفافية والمصداقية، وهو قيمة وقامة كبيرة، نحن نعتز بها وندافع عنها ضد أي افتراء».
واعتبرت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن «هدف الحملة المؤيدة للسنيورة هو تحويل الحرب المفتوحة على الفساد الى معركة سياسية مذهبية – طائفية، لافتة الى أن «هذه المحاولات لن تنجح في إنقاذ الفاسدين وهناك قرار حاسم من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب الله بفتح ملفات الفساد حتى النهاية». وردت المصادر على كلام المفتي دريان بالقول «إن أحداً لا يريد ملاحقة الفاسدين من خارج المؤسسات الدستورية والرقابية والقضائية، فحزب الله لم يكلّف شخصية حزبية بتعقب مكامن الفساد بل كلف نائب في المجلس النيابي لجمع المعلومات والمستندات وتسليمها للقضاء بناء على حقه الدستوري كنائب وبالتالي لم يتحرّك من خارج المؤسسات الرسمية المعنية».
عون: لا حصانة لأحد…
وردّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بشكل غير مباشر على مؤتمر السنيورة وحملات الدفاع عنه، وقال أمام وفد المجلس التنفيذي للرابطة المارونية إن «معركة مكافحة الفساد التي لطالما اعتقد البعض أنها معركة منسية، بدأت وإنْ تأخرت بعض الشيء حيث بوشر بفتح عدد من الملفات»، مضيفاً «ثمة اندفاع ومقاومة لمعركة الفساد كما لاحظتم في الأيام الأخيرة، إلا اننا مصمّمون على ربح المعركة مهما بلغت التحديات ولن تثبط عزيمتنا في ذلك، لا سيما أن لا حصانة لأحد مهما علا شأنه كما لن يكون فيها تمييز»، مشدّداً على «أهمية الرأي العام في ربح المعركة، الذي يميز بين المتهم والبريء».
احتواء السجال المستقبلي العوني
في غضون ذلك، سارع تيارا الوطني الحر والمستقبل الى تطويق ذيول السجال الإعلامي العنيف والمفاجئ الذي اندلع بين إعلام الطرفين «أو تي في» و»المستقبل» خشية انسحابه على العلاقة السياسية بين التيارين وتهديد التسوية القائمة، وقد عُلم أنّ رئيس التيار الوطني وزير الخارجية جبران باسيل أجرى اتصالاً بالحريري واضعاً مقدمة «أو تي في» في إطار الاجتهاد الشخصي لا السياسي، ومؤكداً انّ التيار لا يتبنّى ما ورد فيها، مشدّداً على «وجوب حصر الخلاف ومنع تمدّده او توظيفه سياسياً».
وأعلن وزير الدفاع الياس بو صعب، ان «لا قرار من قيادة التيار الوطني الحر بشنّ هجوم على المستقبل وما حصل من ردود إعلامية، نضعه في إطار إعلامي بين مؤسستين إعلاميتين»، وأكّد انّ العلاقة متينة بين الحريري وباسيل، كما هي العلاقة بين الحريري ورئيس الجمهورية، وسنشهد على التعاون بيننا قريباً من خلال موافقة الفريقين في الحكومة على التعيينات»، وأوضح انّ «ما كتب في الإبراء المستحيل قد كتب، وحين تأتي الأجوبة القضائية على الدعاوى المرفوعة، سنرى إذا كان ما كتب صحيحاً».
في المقابل اكّد الوزير السابق غطاس خوري انّ «مقدمة «المستقبل» لم تكن هجوماً على التيار الوطني بل جاءت كردّ على مقدمة نشرة أخبار «أو تي في». وشدّد خوري في حديث تلفزيوني على انّ «العلاقة بين الحريري وباسيل، ثابتة ويشوبها التفاهم والودّ»، وعكس كلام خوري موقف الحريري بإيداع ملف السنيورة القضاء، بقوله: «إذا كان هناك إثباتات ضدّ السنيورة فالقضاء مفتوح وسيقوم بواجبه في هذا الإطار أما اذا كانت الخلفيات سياسية فهذا موضوع آخر».
وأكدت مصادر نيابية في التيار الحر لـ»البناء» أنّ «السجال بقي في إطاره الإعلامي ولن يؤثر على العلاقة بين التيارين»، مشيرة الى أنّ «الجميع متفقون على كشف الفساد والفاسدين وإحالتهم الى القضاء»، أما من اعتبر نفسه معنياً، تضيف المصادر، فهذا شأنه في إشارة الى السنيورة، ووضع نفسه في موضع اتهام وبادر للدفاع عن نفسه عبر استدعاء الداعمين وشاهراً سلاح المذهبية، محذرة من «الاستعانة بالمحميات الطائفية في معركة القضاء على الفساد».
وردّت المصادر على دريان بالقول: «ليس هناك خط أحمر لا على السنيورة ولا غيره بل أموال وحقوق المواطنين هي الخط الأحمر». ودعت المصادر «القوى السياسية التي جاهرت ووعدت بمكافحة الفساد الى ترك عصبياتها وحساباتها المذهبية والسياسية جانباً».
وأكد المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم في حديث تلفزيوني، أنّ «التحقيق مستمرّ وسأستدعي أياً كان في إطار التحقيقات المالية إنْ لزم الأمر ولا شيء يمنعني من ذلك».
وفي سياق ذلك، أعلن وزير المال علي حسن خليل انّ «وزارة المالية أنجزت قطع الحساب وحساب المهمة نتيجة التدقيق وسيتمّ تحويلُهما الى ديوان المحاسبة ومجلس الوزراء بين لحظة وأخرى»، وقال: «على مجلس الوزراء أن يحوّلَهما الى مجلس النواب بمشروع قانون». ورأى خليل في حديثٍ لـ «ام تي في» أنه «سيُصار الى إقرار قطع الحساب والموازنة بالتزامن الأمر الذي لم يحصل منذ سنوات»، وأضاف: «يجب إقرار الموازنة اليوم قبل الغد».
حزب الله: القضاء هو الممرّ الإلزامي
وأكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، أنّ «حزب الله اليوم يتصدّى لمسؤولية جديدة ألا وهي مقاومة الهدر والفساد كما مقاومة الاحتلال والعدوان، وهذه مسؤولية دينية ووطنية، ولا نقصد بذلك أن ننتقم من أحد أو أن نتشفى من أحد أو أن نصفي حسابات مع أحد». وشدّد على أنه «لا يمكن بناء الدولة والسير في مسار الإصلاح إلا من خلال الممر الإلزامي الذي هو مكافحة الفساد ومراقبة الإنفاق المقبل في الحكومة اللبنانية».
وأكد النائب فضل الله في احتفال تأبيني في الجنوب أن «الممرّ الأساسي والطبيعي الذي لا بد منه لمكافحة هؤلاء الفاسدين هو القضاء، المعني بمحاسبتهم. ونحن في هذه المعركة خصمنا ليس أيّ قوى سياسية أو حزب سياسي أو جهة سياسية، وإنما خصمنا هو الفاسد أياً يكن، لأنه يجمع المال لنفسه، وعليه فلا يتحمّسن أحد للدفاع عن أيّ شخص آخر، سواء كان إبن حزبه أو طائفته أو منطقته أو عائلته، لأنه لا يأتيك منه شيء، لا سيما أنه يجمع النقود لنفسه ويعيش على حساب الآخرين». وأكد «أنّ حليفنا هو النظيف الكف أياً يكن، ولذلك نحن لم نسمِّ أحداً، ولسنا معنيين في أن نسمّي أحداً»، مؤكداً أننا «في ملف الفساد لن نميّز بين حليف وصديق وخصم».
التعيينات العسكرية على طاولة الحكومة
على صعيد ملف التعيينات في المجلس العسكري نجحت المشاورات التي أجراها فريقا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في التوصل الى صيغة توافقية حول الأسماء، بحسب ما علمت «البناء»، على أن تعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم الثلثاء لتعيين أعضاء المجلس العسكري، كلّ من العميد الركن أمين العرم لرئاسة الأركان، والعميد الركن ميلاد إسحاق لمنصب المفتش العام، والعميد الركن الياس شامية بصفة عضو متفرّغ. كما سيعيّن العميد الركن محمود الأسمر أمين سر المجلس الأعلى للدفاع.
عون إلى روسيا
الى ذلك، بدأت التحضيرات لزيارة رئيس الجمهورية المرتقبة لروسيا، حيث شكلت محور بحث خلال لقاء الوزير باسيل وسفير روسيا الكسندر زاسيبكين الذي أعلن بعد اللقاء انّ هذه الزيارة تُشكل حدثاً سياسياً كبيراً ومحطة هامة لتطوير التعاون الروسي اللبناني في المجالات كافة. وقال: «أكدنا تعزيز الحوار السياسي بين البلدين لإيجاد الحلول السلمية للنزاعات في المنطقة، وتنقية الأجواء استبعاداً لتصعيدات جديدة، وأشرنا الى ضرورة تكثيف الجهود لتقديم المساعدة لعودة النازحين من قبل المجتمع الدولي».