عودة بوتفليقة تخلط الأوراق في الجزائر… وتساؤلات حول إدارة معركة الباغوز ضد «داعش» 
استبعاد الحريري للغريب عن بروكسل يهدّد الوضع الحكومي وملف النازحين 
كلام حاسم من عون وبري ينتظر بومبيو حول التمسّك بالسيادة البحرية والمقاومة

كتب المحرّر السياسيّ – البناء

فاجأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة المراقبين بعودته السريعة إلى الجزائر جالساً في المقعد الأمامي للسيارة الرئاسية، بما يبعد الرهانات التي جرى الترويج لها إعلامياً حول وضعه الصحي الخطير، من دون أن يعني ذلك تعافيه بالقدر الذي يؤهله لممارسة المهام الرئاسية، لكن بما يكفي لخلط الأوراق التي بُنيت كثير من حساباتها على قرب رحيل الرئيس بوتفليقة وشغور كرسي الرئاسة. وتحدثت مصادر متابعة عن سيناريوات مختلفة لمستقبل الوضع في الجزائر بعد عودة بوتفليقة، وعرضه تولي الرئاسة للسنة المقبلة مع رزمة إصلاحات وعد بها، بحيث يشكل العرض فرصة للخروج من الأزمة فيما لو توافرت الضمانات اللازمة لتأكيد عدم التراجع عنها، بعد نيل بوتفليقة ولاية كاملة، ما طرح في التداول اختصار الولاية الجديدة بتعديل دستوري واضح لمدة عام أو عامين، يتخللها تشكيل حكومة انتقالية تشرف على التعديلات الدستورية، والتحضير لحوار وطني يسبق طرح دستور جديد على الاستفتاء وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على اساسه، على أن تكون الحكومة الانتقالية واسعة التمثيل لضم رموز المعارضة والموالاة والحراك الشعبي، وتسند رئاستها إلى شخصية عسكرية يسمّيها الجيش قد تكون رئيس الأركان صالح قايد علي.

على المستوى الإقليمي تدور تساؤلات حول صدقية المعركة التي تخوضها قوات سورية الديمقراطية مدعومة من واشنطن ضد بقايا تنظيم داعش في منطقة الباغوز في دير الزور، بعدما كثر الحديث عن أعداد المسترّبين من عناصر داعش وقياداتها، من العشرات إلى المئات فالآلاف، ما يشير وفقاً لمصادر أمنية معنية إلى ترتيبات تحت الطاولة أعدّها الأميركيون لإطالة أمد وجود داعش، وافتتاح معارك جديدة يخوضها التنظيم بعد أسابيع أو شهور في مناطق سورية وعراقية، تطابق الحديث الذي صدر عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، عن أن المعركة مع داعش لا تبدو قريبة النهاية، وما يبرر بالتالي احتفاظ الأميركيين بوجود قواتهم في سورية لمدة أطول، ويبرر تأجيل الجدل حول مستقبل وجودهم في العراق والمطالبات المتصاعدة برحيلهم.

لبنانياً، لا يبدو الوضع الحكومي بخير مع البطء في تناول الملفات الساخنة التي تحدثت الوعود عن سرعة البت بها خلال المئة يوم الأولى من عمر الحكومة، والتي يكون ثلثها قد انقضى مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من بروكسل، والحكومة لم تقم بخطوة واحدة باتجاه طرح خطط النهوض على طاولة مجلس الوزراء، بينما تشير الملفات السياسية إلى سعي الحريري لتظهير تمايز عن رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي في ملفي النازحين والعقوبات الأميركية على حزب الله، عشية زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بيروت الأسبوع المقبل، وهو ما ربطته مصادر متابعة بالحملة المركزة التي يشنّها إعلام تيار المستقبل على حزب الله على خلفية مقاربته لملف الفساد، متهماً الحزب بنهب المال العام وإدارة مرافق جمركية برية وغير جمركية غير شرعية، واستيفاء أموال الدولة، وهي اتهامات سبق أن تحدّى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مطلقيها بالتوجه نحو القضاء، اسوة بما يفعله حزب الله بما لديه في ملف الفساد، ليكون التصرف مسؤولاً، يحترم أننا في دولة يقول القضاء فيها الكلمة الفصل. ورأت المصادر المتابعة أن رئيس الحكومة الذي بدا أنه يقف وراء رسم «الخط الأحمر» حول الرئيس فؤاد السنيورة تراجع خطوة إلى الوراء عن التزاماته أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشية تشكيل الحكومة، في ملفي النازحين والعقوبات الأميركية، بصورة يضع فيها العودة إلى هذه الالتزامات بالحصول على ضمانات، تقول المصادر إنها مستحيلة، بتحييد الرئيس السنيورة عن أي ملاحقة في ملفات الفساد.

في هذا السياق جاء تشكيل الوفد الحكومي إلى مؤتمر بروكسل للنازحين برئاسة الحريري وعضوية وزيري التربية والشؤون الاجتماعية، الحليفين لتيار المستقبل والمنتميين لقوى الرابع عشر من آذار، واستبعاد الوزير المعني بالملف، لانتمائه سياسياً إلى خط سياسي مختلف، وتكتل لبنان القوي، بالرغم من نجاح الوزير صالح الغريب في مسؤوليته عن ملف النازحين بتحقيق نجاح لافت في التعاون مع الحكومة السورية ما انعكس تبدلاً في النظرة الأممية تجسد في الكلام الإيجابي لمفوض شؤون اللاجئين فيليبو غراندي تجاه المبادرة اللبنانية الداعية لتحرير ملف النازحين من أي شروط سياسية، وبالتوازي لم يُعرف ماذا ينوي الرئيس الحريري أن يقول لوزير الخارجية الأميركية الأسبوع المقبل، وقد جعل لزيارته عنواناً هو الحرب على حزب الله، معلناً دعوة لبنان إلى قبول الشروط الإسرائيلية لترسيم الحدود البحرية وما يتصل بها من ثروات النفط والغاز، بينما قالت مصادر مطلعة إن بومبيو سيسمع من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري كلاماً حاسماً في الملفين.

فيما يترقب المعنيون زيارة وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو الى بيروت منتصف الشهر الحالي والتي تأتي قبل سفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى موسكو في 25 آذار الحالي، اتجهت الأنظار أمس، الى مؤتمر بروكسل 3 الذي سيعقد في 13 و14 آذار الحالي. ووفق مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن بومبيو سيشدّد خلال لقاءاته على ضرورة التزام لبنان بالعقوبات المفروضة على حزب الله وإيران، مشيرة الى ان وزير الخارجية الأميركي الذي وضع في أجواء لقاءات نائبه ديفيد ساترفيلد مع فريق 14 آذار، يريد حث المعنيين في لبنان على ضرورة اعتماد سياسة التشدّد تجاه حزب الله داخل الحكومة لافتة الى أن بومبيو سيبحث ايضاً في ملف لا يقل أهمية ويتصل بالدور الروسي في لبنان.

وفيما عاد الرئيس سعد الحريري مساء أمس، الى بيروت بعد زيارة الى المملكة العربية السعودية في إطار زيارة عائلية، ليتوجّه يوم غد الثلاثاء إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر «بروكسل 3»، على رأس وفد وزاري وفريق من المستشارين والتقنيين يضم وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، ووزير التربية أكرم شهيب، والوزير السابق غطاس خوري ومستشار الرئيس الحريري نديم المنلا وهازار كركلا. فيما استثني من الدعوة الى المؤتمر المعني الأول وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي أكد أمس، «أنّ تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل، هو ليس تجاوزاً لشخصنا، بل لطريقة التفكير المغايرة والمقاربة الجديّة التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً». وقال الغريب: «يؤسفنا توجّه بعض القوى السياسية بغير المنحى المأمول منها وطنياً، حيث نرى أن هناك إصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين، وتجاوزاً لجميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسل».

غرّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي عبر حسابه على تويتر: «طالما أن رئيس الحكومة هو الناطق باسم الحكومة وأن مفوضية اللاجئين تتجه أكثر فأكثر الى الداخل السوري لمساعدة النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم، وبانتظار إقرار الحكومة الورقة السياسية للنزوح، لم نفهم استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من الوفد الرسمي الى مؤتمر بروكسل». وأضاف: «التنكّر لاختصاصات الوزراء المعنيين هو أمر لا يساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتائج المنتظرة منها».

وأكدت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» ان عدم مشاركة الغريب ضمن الوفد الوزاري الذي يترأسه الحريري الى بروكسل مردّه عدم تلقيه دعوة من الاتحاد الاوروبي للمشاركة، مشيرة الى ان الوزيرين قيومجيان وشهيب تلقيا دعوة للمشاركة فقط في حوارات على هامش المؤتمر في حين أن الدعوة من الاتحاد الأوروبي الى مؤتمر بروكسل حصرت فقط بالرئيس الحريري والوزير جبران باسيل الذي اعتذر لارتباطه بمواعيد أخرى.

وشدّدت مصادر بيت الوسط على عدم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، فالدعوة لا علاقة للرئيس الحريري بها، مشيرة الى أن الأهم يبقى ان مؤتمر بروكسل يهدف الى تقديم المساعدات للبنان في ملف النزوح على الصعيد الاقتصادي وسيؤكد المجتمعون الإيفاء بالتزامهم تجاه لبنان. ولفتت المصادر الى ان الرئيس الحريري سيؤكد في كلمته على العودة الآمنة للنازحين وفق المواثيق الدولية.

في المقابل، اشارت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» الى أن رمي الملف عند الاتحاد الأوروبي «نكتة سمجة جداً»، مشيرة الى ان ما قام به الحريري الذي نسق مع الأوروبيين الدعوات في قمة الـ»لا نأي بالنفس»، مضيفة ما قام به الحريري خطوة عرجاء ويثير الشبهات لا سيما أن أوروبا تعمل على تثبيت النازحين في الدول المضيفة، مشددة على ان عدم دعوة الغريب رد على زيارة الأخير الى سورية، قائلة «سياسة الحريري قد تعطّل العمل الحكومي وتضرب كل تعاون بين مجلس الوزراء مجتمعاً وأوروبا، خصوصاً أن الحريري نفسه يدرك جيداً موقف الرئيس عون من ملف النازحين، وكان موقفه واضحاً في جلسة مجلس الوزراء الأولى عندما قال بما معناه الامر لي لحماية لبنان والمصلحة الوطنية».

وغرّد النائب طلال أرسلان عبر تويتر قائلاً «لا مؤتمرات ولا زيارات ولا ندوات ولا وفود تشرّفنا بأن يكون وزيرنا في عدادها إلا على القواعد الواضحة والصريحة والشفافة بتبنّي توجهات فخامة رئيس الجمهورية والبيان الوزاري لجهة مقاربة موضوع النازحين السوريين». وأضاف ارسلان: «كفى متاجرة بمصالح البلد العليا من أي كان رئيساً او وزيراً ومَن يمثلون بالخارج، مصلحة لبنان يجب ان تكون فوق الجميع… لا أن يبقى شغلنا الشاغل الشّحاذة في كل المواضيع… كفى متاجرة بالنازحين مالياً، وكلنا نعلم لجيوب من تذهب المساعدات».

الى ذلك، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الأحد في بكركي: «ليس القاضي الجالس على القوس ديّاناً، بل خادم للعدالة، وليس أمام ملفات من الورق فقط، بل أمام شخص بشري له مشاعره وينتظر حقوقه. وهو أيضاً إنسان مسؤول عن تطبيق القانون». وأكد الراعي أن أسوأ ما يشوّه القضاء، فضلاً عن الرشوة المالية الرخيصة، التدخل السياسي في الأحكام، أو في الحيلولة دون تطبيقها نفوذاً، أو في البحث عن كبش محرقة حفاظاً على الكبار.

ولفت الى أن «هذا ما نشهده بكل أسف في لبنان، الأمر الذي يطعن المواطنين في الصميم، ويزعزع ثقتهم بالقضاء، ويفقد الدولة هيبتها.»

وعلى خط الحسابات المالية رأى وزير المال علي حسن خليل أننا «أمام امتحان خلال الأشهر الستة، فإما أن نستطيع خرق الجدار بقرارات جذرية تعالج وضعنا المالي، وإما أن نذهب باتجاه مأزق»، معتبراً أنه «عندما لا نستطيع أن نقرّر معالجة حقيقية لوضعنا المالي، فمعنى هذا، أننا جميعاً أمام تحدٍّ بالانزلاق إلى وضع لا تحمد عقباه، على مستوى الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي»، مؤكداً أن «هذا الكلام، ليس من موقع التهويل، لكن من خلال المتابعة، يجب أن نتعاطى بهذا المستوى من المسؤولية مع التحدّي، الذي نعيش، لأننا إذا لم نستطع، معناها أننا قد أخذنا خيار أن نطلق الرصاص بأيدينا على أنفسنا».

وفي السياق شدّدت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» على ضرورة إحالة الحسابات المالية الى لجنة المال لتتمكّن من القيام بدورها وتحديد المسؤوليات ليأخذ الملف مساره القضائي بعد ذلك مشدّدة على أن زمن التسويات ولّى، فمن رفض كل التسويات التي عرضت في السنوات الماضية التي رافقت نشر كتاب الإبراء المستحيل لن يقبل اليوم بأي تسوية على حساب المال العام والإصلاح ومحاربة الفساد. الى ذلك يترأس النائب إبراهيم كنعان اليوم جلسة للجنة المال والموازنة، لمناقشة تقريرَي التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية المتعلقين بالتوظيف والتعاقد في الإدارات والمؤسسات العامة الحاصلين.

وعلى خط الانتخابات الفرعية في طرابلس زار الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، النائب فيصل كرامي في دارته في طرابلس. وتركّز البحث حول الانتخابات الفرعية في طرابلس. وكان ريفي التقى أيضاً في الأيام الماضية الرئيس فؤاد السنيورة وكانت الانتخابات الفرعية الحاضر الأول وتمّ الاتفاق على التواصل مجدداً.