بعد شهر على تطبيق قرار وزير الصحة جميل جبق، إقفاله وتحويل مرضاه إلى مؤسسات أخرى، لا شيء يكسر الهدوء فوق تلة الصنوبر في الفنار، سوى نباح الكلاب التي تُستنفَر إذا ما شعرت بحركة في باحة مستشفى الأمراض العصبية والنفسية في المصيلح.
حتى الموظفون لم يلبوا طلب أصحابه الاستمرار في «المداومة» بعدما فقدوا الحماسة لعدم تقاضيهم رواتبهم منذ أكثر من عامين، وبعد اتهامهم بإساءة معاملة المرضى. خلّفوا كل شيء؛ حتى إنهم لم يهتموا برفع الأغطية المنشورة على حبال الغسيل.
الإدارة، أيضاً، انسحبت من دورها ومن المبنى القرمزي. لكنها بقيت موجودة أمام القضاء بـ«تهمة الإهمال وهدر المال العام والتسبب بالأذى للمرضى».
منتصف الشهر الماضي، أحالت النيابة العامة المالية الملف على النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، ثم إلى قاضي التحقيق الذي أبقى على مديرة المستشفى سمر اللبان موقوفة لأسبوع قبل أن يخلي سبيلها بعد أسبوع بكفالة مالية، كذلك أخلى سبيل مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزيف الحلو بكفالة مماثلة.
أمس، حدّد قاضي التحقيق الأول في الجنوب مرسال حداد، جلسة استماع لصاحبة المستشفى عادلة اللبان (والدة سمر) كمدعى عليها، ولطبيبة القضاء في مصلحة الصحة في الجنوب عدلات فرحات كشاهدة. وكيل اللبان المحامي كمال حجازي، قال لـ«الأخبار» إن جلسة التحقيق أرجئت إلى الثاني من نيسان المقبل بعدما استمهل لتقديم دفوع شكلية، فضلاً عن أن «الوضع الصحي للبان منعها من الحضور». أما فرحات، «فلم تحضر، لتعذر إبلاغها».
مصادر قضائية قالت إن حداد استمع إلى رئيس مصلحة الصحة في الجنوب جلال حيدر، بصفته شاهداً. وهو كان قد كلف فرحات، فور تسلمه منصبه نهاية العام الماضي، إعداد تقرير عن وضع المستشفى، ثم زاره بنفسه ورفع تقريراً إلى وزير الصحة في كانون الثاني الماضي حول المستشفى «الذي لا يصلح لإقامة المرضى». لكن الوزارة لم تحرك ساكناً.
سير التحقيقات يؤكد، وفق المصادر، «تقصير وزارات الصحة المتعاقبة في تطويق أزمة المستشفى التي زادت في السنوات الأخيرة».
مصادر المالكين جزمت لـ«الأخبار» بأن آل اللبان وشركاءهم من آل سوبرة لن يبيعوا المستشفى أسوة بمعظم أملاكهم (نحو 900 دونم) المحيطة بالمستشفى التي باعوها سابقاً، ولن يوافقوا على إدخال مستثمرين جدد شركاءَ لهم في الملكية والإدارة.
وكان جبق قد تعهد بإعادة فتح الفنار وإعادة نزلائه إليه بعد ستة أشهر، إثر إنجاز ورشة التأهيل. لكن موعد انطلاق الورشة لم يحدد بعد. مصادر أصحاب المستشفى الذين يقع على عاتقهم التأهيل قالت إنهم «ينتظرون تحويل المساهمة المالية التي حددتها الوزارة للفنار كسقف مالي عن أعوام 2018 و2017 وجزء من 2016، لإعادة ترتيب أوضاع المستشفى والكادر الوظيفي والتمريضي وتوفير الحاجيات اللازمة لإقامة المرضى».
وأكدت المصادر أن سمر اللبان «عزلت نهائياً عن الإدارة ويجري البحث في إمكان تولي ابنتها الإدارة خلفاً لها».
في غضون ذلك، عقدت في قصر العدل في بيروت أمس جلسة لمتابعة النظر في طلب الشركاء (آل سوبرة) وضع حراسة قضائية على المستشفى لعدم حصولهم على حصتهم من الأرباح المستشفى لسنوات، وبسبب تردي أوضاعه.
المصادر قالت إن المدعين «يتجهون للتراجع عن وضع الحراسة والاتفاق مع ابنة سمر اللبان على إدارة المستشفى على أن يحوَّل إلى شركة محدودة المسؤولية».