لفلسطين أسلوبها في صياغة أيامنا. هذا اليوم منذ صباحه المبارك بالطعن هو خير دليل على أن سيدة الأرض وحدها تستطيع بإشارة من سكينها أن تعيد تصويب جدالاتنا اليومية بكل ما أوتيت من حب وحكمة.
في صباح هذا اليوم، في مدينة نابلس المحتلة، توضأ فدائي بالعزم وخرج شاهرًا حبه إلى مفترق ارئيل، حيث قام بطعن جندي واستولى على سيارته وعلى سلاحه، وقام بإطلاق النار تجاه عدد من الجنود، ومن ثم توجه الى مفترق بركان، وقام بإطلاق النار تجاه عدد آخر من الجنود، ومن ثم انسحب من المكان، انسحب آمنًا بسلام. هل يمكن لصباح أن يكون أجمل من هذا؟!
هنا يقتفي القلب أثر الفدائي، يرتمي حاجبًا بينه وبين العيون التي قد تطاله بسوء، يستضيفه ويرافقه في تفاصيل يومه، ويحاول بالنبض أن يرسم صورة له: هل له ضحكة باسل الأعرج أم عينا أحمد جرّار؟ تفيض الأسماء ومعها الملامح على هيئة صلاة أن يا رب احرسه بعينك، فيما يصطف جيش من الشهداء على شرفات السماء، يحدقون بالبطل الذي بسكين لقنّ الدنيا درسًا في الحرية، وأخبر القاصي والداني أن لفلسطين هوية واحدة تعلو فوق الفصائل وفوق الخلافات، ويدًا تكتب بالرصاص، وبسلاح العدو إن عزّ السلاح، أن لا صوت في فلسطين يعلو فوق صوت الفدائيين.
هو بأمان الآن، يتجهّز لاشتباكه الذي يعرف أنه سيخوضه بعد ساعات أو بعد سنين، ويحضّر قلبه للمعركة التي يرجو أن لا يخرج منها إلا وقد غنم أكبر عدد ممكن من الجنود الصهاينة، تلك المعركة التي بدأها بسكين وثلاثة جنود محتلين قتلى وعدد من الجنود المصابين بانهيار تلا ذهولهم أمام قوة روحه، هذا الذهول الذي أصاب بلا شك كل دعاة التفاوض وكل عملاء التسويات. لقد حسم فدائي سلفيت المعركة لصالح اليد التي تجيد القتال، ولا تخطىء الهدف، فأسقط قبل الجنود كل احتمالات الانبطاح من البحر إلى النهر، وكل ما يحيط بهما من أرض وسماء وحكايات.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع