آمال خليل – الأخبار
لم يحمل الاحتفال بالذكرى الواحدة والأربعين لوصول قوات حفظ السلام إلى الجنوب أمس، أي شكل استثنائي. عرض عسكري لوحدات الدول المشاركة في مقر قيادة اليونيفيل في الناقورة، اختتم بوضع أكاليل على نصب الجنود الذين سقطوا خلال أداء مهماتهم، ولا سيما بين 1978 و2006. بالتزامن، كانت طائرات العدو الإسرائيلي على عادتها تخرق الأجواء اللبنانية من دون أن تستثير أي رد فعل. لكن الاستثناء كان في المضمون. للمرة الأولى، مقارنةً بأسلافه، ركز قائد اليونيفيل الجنرال الإيطالي ستيفان دل كول في خطابه في ذكرى القرار 426 (الصادر عن مجلس الأمن الدولي)، على حماية المدنيين. «اليونيفيل، ومن دون المساس بدور الحكومة اللبنانية المسؤولة الأولى والأخيرة عن حماية مواطنيها، لن توفر جهداً لحماية المدنيين في منطقة العمليات بغضّ النظر عن مصدر هذا التهديد». وضع دل كول حماية المدنيين على رأس أمنياته ورؤيته خلال ولايته التي تنتهي في صيف 2020. لكنه في ذلك دلّل على المناقشات السرية التي يُتداوَل بها منذ أشهر في الغرف المغلقة. إذ إن مبدأ حماية المدنيين بات شعار المرحلة في مخططات الناقورة أخيراً. ذلك المبدأ شكل أحد البنود الرئيسية للمراجعة الاستراتيجية التي أجريت عام 2012 للقرار 1701 ومهمة اليونيفيل، لكنه حينها أثار استفزاز عدد من قيادات الجيش. في العامين الماضيين، شهدت الناقورة مداولات لتنقيح النسخة الأولى من المراجعة. وفي النسختين، لا تزال اقتراحات حماية المدنيين أبرز الأولويات. مصادر من داخل اليونيفيل أشارت إلى أن اقتراحات الحماية التي قدمتها بعض قيادات الدول الكبرى تقضي بـ«إيجاد نقاط تجميع آمنة للمدنيين في حال حدوث اضطرابات وفتح ممرات إنسانية آمنة لقوات اليونيفيل». الاقتراح اللافت كان «قيام اليونيفيل بقصف وتدمير مواقع إطلاق الصواريخ التي تشكل خطراً على المدنيين». أين المواقع المنوي قصفها؟ هل هي دبابات الميركافا، أم منصات صواريخ المقاومة التي لا تهدد الجنوبيين؟ تساؤل يتعزز باستعادة ما ذكره دل كول أمس عن «حماية المدنيين بغضّ النظر عن مصدر هذا التهديد». فمن المدنيون الذين يريد «حفظة السلام» حمايتهم وممن وكيف؟ ألا تدري «اليونيفيل» أن أي تجاوز منها للمتفق عليه مع لبنان من مهماتها يعني لعباً من قبَلها بالنار؟
في جوابه عن سؤال «الأخبار» عن آلية حماية المدنيين، قال دل كول إن القيادة «تتواصل مع الأهالي والبلديات لمعرفة حاجاتهم وتحديد ما يمكن فعله على هذا الأساس». يدرك الجنرال الآتي من الوحدة الإيطالية التي شاركت في قوات الطوارئ واليونيفيل المعززة، أن الفرق كبير بين المهمتين، ولا سيما لناحية العلاقة مع الأهالي. يحاول جاهداً البرهنة بأن قواته لم تتغير بعد عام 2006، «برغم أن الوضع برمته تغير كثيراً». «نحن حياديون ومستقلون ودورنا شفاف»، يكرر مراراً لرد تهمة الانحياز إلى العدو، خصوصاً في طريقة التعامل مع الخروقات الإسرائيلية اليومية. «لا نستمع إلى أي كلمة تقال لنا، بل نتحقق بأنفسنا كما فعلنا خلال عملية درع الشمال وكشف الأنفاق على الحدود. إذ قالت إسرائيل إن هناك 6 أنفاق، ونحن وثقنا اثنين فقط». يتعثر عندما يساوي بين الطرفين، لبنان و«إسرائيل»، في خرق الخط الأزرق. كيف تجوز المقارنة بين «احتلال الشطر الشمالي من بلدة الغجر الذي هو خرق دائم لسيادة لبنان من قبل إسرائيل»، وخرق الطائرات المعادية للأجواء اللبنانية يومياً، من جهة، وبين بعض الصيادين اللبنانيين الذين يخرقون الـ1701 من طريق الخطأ، من جهة أخرى؟