صحا أعضاء فرقة الاستقبال باكرًا اليوم.. منهم من لم ينم بانتظار أن يحين الصباح، ليتأكد إن كان له نصيب في موعد تقديم فروض الطاعة والولاء القديمة المتجدّدة نحو ولي الأمر الأميركي، ممثّلا بوزير خارجيته بومبيو، الآتي إلى بيروت لتأنيبهم على عجزهم العابر للبحار..
دعونا نتخيّل المشهد.. في الليل، تعب فارس سعيد ربما من عصف ذهنه ليتوصّل إلى صياغة تغريدة تويترية يباهي بها زملاءه ويقرأها على مسمع ربّ عمله وعقله عسى ينال إيماءة رضا.. ثم اكتشف قبيل الفجر أن أحدًا لن يهتم بتغريداته التي باتت لا تحظى بأية متابعة، عدا تلك التي تنتظره على سبيل الترويح عن النفس والضحك بعد نهار من تعب.
سعد الحريري أوكل لفريقه مهمة تحضير كلمة الاستقبال وسائر البروتوكولات وخلد إلى النوم باكرًا كي لا يؤثر السهر على حسن أدائه في يوم اللقاء مع موفد أحمق البيت الأبيض، لا سيما وأن الزائر المحمّل بالهزائم سيجد في فريقه اللبناني مكانًا مؤاتيًا للتعبير عن غيظه، أو كما يُقال بالمحكية: "ليفش خلقه"! وعلى أفراد الفريق أن يحسنوا تقبّل راحته في التعبير، وفي التقريع، ربّما.
أما السنيورة، فقد أمضى ليله متنقلا بين غرف منزله، تارة يبتسم لوهم أن الآتي قد يدعمه قليلا بما يزيح عنه ثقل فتح ملفات السرقة، وتارة ينتبه من وهمه ويفهم أن من يحاربون الفساد كانوا قد هزموا مسبقًا الإدارة الأميركية في كل ميدان.. يذهب إلى سريره عسى يغفو قليلا، ولا يكاد يقاربه النعاس حتى يستفيق متعجّلا مخافة أن يكون الصبح قد حان وهو نائم.. تماما كما حدث معه حين غفا على سنوات من حرير وصحا على صوت يطالب القضاء أن يقول كلمته..
سمير جعجع لم ينم بدوره.. يحاول أن يهتم بكل تفصيل سيرافق زيارة بامبيو.. يسأل زوجته إن كانت التحضيرات في معراب قد انتهت عسى يرمقها الأميركي بزيارة مفاجئة.. يعيد "تسميع" الجمل الاستنكارية التي سيقولها في محضره، والتي تتمحور بطبيعة الأحوال حول وعود يقدمها للأميركي بالقضاء على حزب الله، وقد يتوّهم في ساعة شعور بالعظمة أن الأميركي هذا سينصّبه رئيسا للبلاد مقابل هذه الوعود..
أما مروان حمادة، فهو يشكر الله على نعمة فراغه وتفرغه بحيث تتسع فرصته بالحديث مع بامبيو وابلاغه استنكاراته اللامتناهية والتي تزايد على الأميركي في الحقد على المقاومة..
من جهة أخرى، تتجهز نسوة "السيادة والاستقلال" لاستقبال الضيف.. حجزت كل واحدة منهن موعدا لها مع مختص في العناية بالجمال كي تظهر بكامل أنوثتها كمناضلة في سبيل تحرير لبنان من كرامته.. وربما ادخرت احداهن بضع حبات من الحلوى كانت قد استعارتها سابقا لتضعها على طاولة الضيف، ان التفت واستقبلهم في البلد الذي يدّعين انهن حريصات على سيادته!
حل الصباح، الجميّلان أمضيا ليلتهما في صياغة خطاب ثوري يرحّب بالزائر.. احدهما جهّز الڤيديو الذي يوثق وقوفه وتهديده لبيئة المقاومة، والآخر جهّز ملفات استراتيجيته الدفاعية ضمن كتاب بتجليد فاخر ولم ينسَ أن يضع رسما للناضور على الغلاف عسى ينال تقديرا مقبولًا لدى أستاذه.
حان وقت الانتظار.. يتبادلون الاتصالات كي يطمأنوا أنه لم يختر استقبال احدهم في عوكر أو زيارة احدهم في دارته، وتجاهل البقية.. وربما، يتمنى كل منهم أن يكون المحظي الوحيد لدى الأميركي، فجميعهم يدركون أنهم لم يكونوا يومًا فريقًا متكاملًا، ويعرفون بعضهم بعضاً حق المعرفة، ويعلمون أن ما يجمعهم، أو ما جمعهم يومًا ليس إلا الولاء للأميركي وأدواته، والحقد الغريب على الشرف المتمثّل بسلاح المقاومة..
المشهد خيالي تمامًا، الا انه ليس بعيدًا عن الموضوعية والواقعية في توصيف علاقة الفرقة الأميركية المسماة سابقا "١٤ أذار" بإدارتها. لقد بذل هؤلاء كل جهد في سبيل لعب الأدوار التي طلبتها منهم الإدارات الأميركية منذ نشأة الكيان اللبناني، والتي ستظل تطلبها منهم، أو ممن يرثهم، أو ممن ثبت خلوه من الشرف الوطني إلى أن يحين موعد اعلانها هزيمتها وهزيمتهم..
سنشهد اليوم نهارًا حافلًا، وسنمضي بعضه بالتفرج على دونية "السياديين" في حضرة تغطرس "المهزوم" واستقوائه على أدواته. لا داعي لتذكير الأدوات أنّهم من البلد الذي هزم الصهاينة والإرهابيين ببركة الكرامة وسيف الحق، فلا جدوى من مناقشة فاقدي الشيء بجماليته وقيمته.. سنتفرّج وربما سنضحك سرًّا، وفي سرّنا سنعتذر للشهداء، وللأرض الحرة ببركة الدماء، وسنرجوهم أن يسامحونا بما فعل السّفهاء، وإن لم يكونوا منّا..
صباح الخير لكل العقول والقلوب التي هزمت الأميركي، أما الباقون، فلا صباح عليهم.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع