مع كل إطلالة للأمين على الكرامة والبلاد، فيض من الحب يغمر حديث الناس في البيوت وفي الشوارع، ويُكتب على صفحات التواصل. "لبّيك..." تصبح نبضة في تلاوات القلوب التي تعي بفطرتها أنّها أمام متحدّث صادق شفّاف، وتصبح خيارًا تتخذه العقول بوعيها الإنساني والوطني والأخلاقي، وتصبح أيضًا اعلان انتماء إلى القوّة التحررية الأعظم في التاريخ المعاصر.
من الجولان، من حيث عبرت قلوب عزيزة كريمة إلى المجد من باب الدفاع عن الكرامة والحق، بدأ السيد نصر الله حديثه، متوقّفًا عند قرار ترامب، أحمق البيت الأبيض، بالاعتراف بالسيادة "الإسرائيلية" على أرض الجولان المحتل، معتّرًا أن الموقف العربي الصامت حيال مصادرة ترامب للقدس جعله يتجرأ على قراره هذا بشأن الجولان. قال السيد إن الموقف بهذا الشأن يتطلب شجاعة ورجولة. وهو الأعلم بيننا أن هذين الشرطين لا يتوفران في غالبية الزعماء المتداعين إلى قمة تونس.. لذلك لن نراهم في موقف مشرّف يتمثل بسحب ما سُمّي بالمبادرة العربية للسلام..
وفي سياق تطرقه إلى زيارة بامببو وزبر الخارجية الأميركية، اعتبر الأمين أن "غضب الولايات المتحدة منا يجعلنا نطمئن ونزداد يقينًا بسلامة موقعنا وخياراتنا".. اختصر السيد بهذه الجملة تاريخ الصراع مع أميركا ووكلائها المعتمدين في المنطقة. بالنسبة له، كما لكل أحرار الأرض، التواجد في الموقع النقيض للأميركيين هو التواجد حيث الحق وحيث الحرية وحيث السيادة. هذه القاعدة "التحررية" هي مقياس الصدق في العمل السياسي وفي العلاقات الدولية. باعتمادها يسهل تمييز الحليف والصديق من العدو والخصم.. لقد أسقط السيد عن بومبيو وزيارته اخر الأقنعة عبر قوله إن بامبيو لم ينطق بجملة صادقة واحدة، واصفا إياه بالجاهل بما يجري في لبنان كونه يبني على معطيات قدمها له الخونة، وكاشفا سبب زيارته الرئيسي والذي هو اشعال فتنة في لبنان.. لبنان الذي بانتصاره على الأميركيين، بوجهيهما الصهيوني والارهابي، وأصبح وجهة يزورها وزير خارجية الولايات المتحدة محرّضًا ويغادرها ممتعضًا من عدم تجاوب اللبنانيين معه.
ولأن من سمات الأصيل الامتنان للمعروف، كان لا بد لسيد الأصالة من توجيه الشكر لدولة ايران العظمى التي ساعدت ودعمت وسلّحت المقاومة في لبنان وفي فلسطين وفي كل شبر يقاتل.. كما توقف عند الموقف الرسمي اللبناني على لسان رئيس الجمهوربة العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري في محضر زيارة وزير الخارجية الأميركي، وعلى جعله يغادر أرض المقاومة خالي اليدين من أي ثغرة يستطيع دلّ ادارته عليها لاستخدامها من أجل فتنة في لبنان.
باختصار، حلّ الكريم ضيفًا في البيوت أمس، بل حلّ في بيوته كريمًا هادئًا وحاسمًا كعادته.. مرّ على كل المسائل التي تتداولها الناس في أيّامها.. مرّ على حقيقة أن ما حمى لبنان ويحميه وسيحميه دائمًا ليس مبعوثًا أميريكيًا ولا رضًا غربياً، إنّما هو ببساطة سلاح المقاومة، وفطرة الناس التي تنتظر شارته لتقول ملء قلوبها المدججة بالعشق وبكل ما اوتيت من يقين بنصره: لبيك يا نصر الله.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع