للأرض مع أحرارها مواعيد كثيرة، مواعيد عنوانها العشق، ورائحتها زهر وبندقية.. ويوم الأرض في الثلاثين من آذار، موعد لنا جميعًا مع أرض نعرفها وتعرفنا.. نعشقها وتعشقنا.. ندري أن في عروق طينها يجري دم أحبّة لنا ذهبوا في مواعيدهم وما عادوا، وفي عروقنا يجري عطرها رفيق دم وأيام، وقضية..
في هذا العام، يبدو الموعد أشبه باحتفالية من حب ووفاء. موعد جميل للبوح والوسيلة وردة، أو شجرة، نغرسها حيث مرّ العابرون إلى الأرض المحتلة، وحيث سيمرّ العائدون، حيث سنمر مدجّجين بالشوق، وباليقين.
عند الحدود مع الحبيبة المحتلة، حيث يفصل جدار الاحتلال التراب الواحد وقلوب الناس الناطقة باللهجة نفسها نبضًا وحرية، في بلدة "عديسة" المشرفة على امتداد الجمال الفلسطيني، سيتجمّع العشاق يوم السبت، وهناك سيزرع كل منهم شجرة، أو زهرة، أو قبلة في التراب.. سيسمّون زرعهم بأسماء شهداء مسيرات العودة..
ستصبح حكاياتهم وردًا وشجرًا يزهر وعهد بأننا قادمون.. هناك، ياسر مرتجى سيغطي الفعالية من قلب الحدث كما احب دائمًا، وكما اعتاد دائما طيلة عمله كصحفي، وكما استشهد. وستكون المسعفة رزان النجار على أعلى جهوزية والضحكة شفاء، ستهرع إلى حيث سيحتاجها الموجودون، كما فعلت منذ انطلاق مسيرات العودة، وكما استشهدت.. ليلى الغندور، الرضيعة الشهيدة، ستفوح من الزهر الذي هناك وتلقي على أمها سلامًا من حرية.. محمد أيوب، الشبل البطل، سيُشبع الأثير بعزمه الفواح، وسيحيل نهار الصهاينة ليلاً من نار ودخان.. سيقوم الرسام محمد ابو عمرو برسم المشهد باسمًا.. فيما سينظر الجد البهي ابراهيم العروقي إلى أجيال الشهداء، وسيضمهم كما السنديان إلى أغصانه ويقص عليهم حكايات من سبقوهم من الشهداء..
في الغد، لنا موعد مع صوت باسل الأعرج، مع عزم أحمد نصر جرار، مع حرارة دم عمر ابو ليلى.. لنا موعد مع رائحة الحرية التي تتبادلها أرض الجنوب والمحرر وأرض فلسطين المحتلة كذخائر حب.. موعد مع سماء لشدة قربها تحسبها أذرع الشهداء إذ تستقبلك بضمّة.. وهناك، بالتأكيد، سنلمح طيف حاج فلسطين، العماد مغنية، يرسم خطة العبور واليقين وجهه وسِماه..
يعود يوم الأرض، وكل الأيام، جسراً بين الأرض والسماء، يعبره الشهداء قبل أن يستقروا نجومًا تضيء الطريق، بل ترسم الطريق.. ونلتقي، عاشقين يعرفون معنى الأرض، يتحسسون قيمة ما بُذل لأجلها، يغرسون حبّهم علامة نصر ويقين أن إنّا إليها عائدون..

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع