تستوقفك صورته، والحكاية التي ترافق ملامحه، وتصفع وجه أكاذيب "الديمقراطية" الغربية، و"احترام حقوق الإنسان" و"سلطة القانون" وكل الأكاذيب المشابهة..
هو جورج عبد الله، المناضل الذي أتم اليوم عامه الثامن والستين، ويا لها من أعوام قضى نصفها تقريبًا معتقلًا بل مخطوفًا في سجون "الأم الحنون" فرنسا.
من هو جورج ابراهيم عبد الله؟
هو الفتى الحر، اللبناني الهوية، الفلسطيني الهوى، الذي بدأ عمله المقاوم في الحركة الوطنية اللبنانية ثم التحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مطاردًا الصهاينة حيث أمكن.
في العام ١٩٨٤، لاحقته مجموعة من الموساد واعتقلته السلطات الفرنسية. حوكم في العام ١٩٨٦ بتهمة حيازة أسلحة ومتفجرات، وتمّ سجنه لمدة أربع سنوات. إلا أنه كان مقررا لهذه السنوات الأربع أن لا تنتهي، فأعاد القضاء الفرنسي الصهيوني محاكمته في العام ١٩٨٧ بتهمة تضمن للصهاينة قانونًا حكمًا مؤبّدًا بحقه: التواطؤ في أعمال ارهابية.
انهى فترة سجنه في العام ٢٠١٣، إلا أن السلطات الفرنسية، بإيعاز أميركي صهيوني، رفضت حتى اليوم اطلاق سراحه.. بكلام آخر، مرّت ست سنوات على انتهاء فترة العقوبة التي كان الفرنسيون قد وجدوا لها مسوّغًا قانونيا ولم يتم الافراج عنه.
بين عجز الدولة الفرنسية عن تبرير اعتقال عبد الله، وعجز الدولة اللبنانية "الدوني" عن المطالبة بالافراج عن "مواطن لبناني" أنهى فترة محكوميته وفقًا لقوانين الدولة "الخاطفة"، بل عجزها عن التصريح بأن جورج عبد الله ليس ارهابيا، بل مناضل تعتقله منظومة الارهاب الدولي، يمضي هذا البطل سنين حياته خلف قضبان معادية، كمثل مئات ومئات الأسرى في سجون الاحتلال، يتشارك واياهم الشعور بالظلم الذي لا يزيده ويزيدهم الا يقينًا بالحرية، ويتشارك معهم تلك النظرة التي ترعب السجان، السجان الواحد من فرنسا إلى الأرض المحتلة، لا فرق بينه وبينهم إلا "عنوان"السجن..
جورج عبد الله هو المناضل الذي من خلف القضبان يخيف أعداءه. هؤلاء الأعداء الذين يدركون أكثر من غيرهم أن مناضلا بملامح أممية سيبقى خطرًا على وجودهم لأن من مثله لم يضع بوصلته رغم سنيّ العتم، ولم يتراجع عن المقاومة رغم القيد الذي أرادوه مؤبدا ويسعون لجعله أبديًا.. هو ذو الكرامة العالية الذي خاطب السفير اللبناني في فرنسا قائلًا:" أرغب بالتأكيد بالخروج من هنا، وأدرك تمامًا العقبات الأميركية والإسرائيلية التي تحول دون ذلك... أرجو أن تبذلوا كلّ جهد لإتمام ذلك، افعلوا أي شيء ولكن لا تتسوّلوا اطلاق سراحي ولا تكونوا في موقف ضعف!".
هو ابن الحرية التي عطرها فلسطين، والمتضامن بالإضراب عن الطعام مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ذات "مي وملح".. وهو المقرّب رغم الأسر الذي يتبادل الرسائل مع المتضامنين معه والمطالبين باطلاق سراحه.. وهو القوي الذي يشد من عزيمة كلّ من يعرف بحكايته.
وبعد.. هذا هو جورج عبد الله.. أحد وجوه المقاومة التي تستحضر يقين سمير القنطار، وعقل وديع حداد، والتي تجسّد قوة قلب سناء محيدلي وصبر أبي حسن سلامة.. وهو الوجه الأممي الذي يلقي التحية على غيفارا وعماد مغنية، ويقول "سنتتصر"!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع