تشهد العلاقات السعودية العراقية تطوراً لافتاً في الآونة الأخيرة تخلله إبرام عددٍ من الاتفاقيات بين البلدين. هذا التطور قالت الصحف السعودية إنه يبرز سعي المملكة لانتزاع العراق من الحضن الإيراني، وعودته إلى الحضن العربي. لكن الملفت بين سلسلة الاتفاقيات بين البلدين اتفاقية خطيرة لا بد من تسليط الضوء عليها، هي الاتفاقية المتعلقة بتبادل السجناء بين البلدين. ومن المعروف لدى العراقيين دور السعودية التي ساهم "دواعشها" في دمار بلدهم واستشهاد الكثير منهم نتيجة الأعمال الإجرامية التي ارتكبوها، ومن هنا يبرز السؤال: كيف ستستعيد السعودية "دواعشها"؟
عانى العراق كثيراً من الإجرام والدمار الذي خلفته مجموعات داعش التي أمعنت في سفك دماء العراقيين بجميع أطيافهم، ومن بين هؤلاء من يحمل الجنسية السعودية وقد عبر الحدود بعلمٍ وتسهيلٍ من سلطاتها، هؤلاء الدواعش منهم من قضى جراء تنفيذه العمليات الانتحارية وخلال الاشتباكات ومنهم من تمكنت القوات العراقية من أسره وبالتالي سجنه.
الاتفاقيات السعودية العراقية الجديدة:
صادق البرلمان العراقي منذ أيام على الاتفاقيات المبرمة مع دول عربية ومنها السعودية، ومن بين الاتفاقيات التي أبرمت اتفاقية خطيرة جداً على العراق، وهي اتفاقية تبادل المحكومين بين البلدين، التي قيل إنها تهدف لتحقيق المزيد من التقارب بينهما. وقد علّقت نائب عراقية على الاتفاقيات بأنها "تأتي في مرحلة ما بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق التي تتطلب المزيد من التعاون الأمني مع الدول العربية، وخاصة مع السعودية لما تمتلكه من حضور في المنطقة".
تكمن خطورة اتفاقية تبادل المحكومين، في كونها لم تحدد أي نوعٍ منهم سيتم تبادلهم، وهنا من البديهي جداً أن المحكومين السعوديين من تنظيم داعش سيعودون بموجبها لحضن أمهم، التي ستقوم بتدليلهم وتجهيزهم وإعادة إرسالهم لتنفيذ مآربها، وليس من المستبعد أن يعودوا إلى العراق ثانيةً إذا وجدت السعودية أن الضرورات تقتضي عودتهم إليه. ومن هنا فإن الانتصار على داعش يكون في إنهاء ملفاتهم ومحاكمتهم داخل العراق بشكلٍ نهائي وليس بإعادتهم إلى وطنهم الأم لكي يعودوا ثانيةً إلى العراق.
على العراقيين عدم الانخداع بالعسل السعودي والأمول التي ستسخو بها المملكة عليهم، بل يجب الانتباه لما يحاك لهم من المؤامرات لابعادهم عن ثوابتهم، فكل ما تسعى إليه السعودية من خلال هذه الاتفاقيات هو إبعاد العراق عن إيران وإدخالها بمحور العقوبات عليها، ولا يمكن للعراقيين أن ينسوا دور إيران التي وقفت إلى جانبهم في معركة القضاء على داعش، التي تريد السعودية استرجاع أعضائها.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع