من خلفِ الجدرانِ السميكة، يرسمون حريةَ فلسطينَ وكلِّ العرب.. هم مصدرُ قلقٍ دائمٌ يَعبُرُ تل ابيب الى واشنطن وعواصمِ المطبِّعين .. هم اقوى دعائمِ القضية، وابهى صورِ النضالِ المتوقدِ في وجدانِ الامة..
الاسرى الفلسطينيون ، ليسوا في خطوطٍ خلفية ، بل في مواجهةٍ اماميةٍ دائمة ، موقفُهم بركانٌ حارقٌ للمتطاولينَ على فلسطين، وصومُهم وصلاتُهم وكلُّ آلامِهم، وحنينُ امهاتِهم، وشوقُ ابائهم وابنائهم، مناراتٌ على دربِ التحرير..
اكثرُ من مليونِ حالةِ اعتقالٍ منذُ العامِ 1967 ارتكبَها الاحتلال .. كلُ اساليبِ التعذيبِ والقهرِ لم تنفع مجرميهِ وعتاتَه في كمِّ صوتِ الاسرى ، فبقُوا اعصاراً ينتزعُ انتصاراتٍ عظيمةً تلاقي الاذانَ والتراتيلَ في القدسِ الشريفةِ التي لن تموت..
في يومِ الاسيرِ الفلسطيني والعربي ، رددَ كلُ ابناءِ الشعبِ المحاصرِ في غزةَ والمهددِ في الضفةِ نداءَ الدعمِ والمساندة ، ولاقاهُم في الجولانِ المحتلِ اخوةُ النضالِ في ذكرى جلاءِ الاحتلالِ الفرنسي ، متمسكينَ بحقٍ لا تُلغيهِ قراراتُ دونالد ترامب ضدَ ارضٍ سوريةٍ ضاربةٍ في عمقِ العروبة .
في لبنان ، الدولةُ يضربُها ارباكٌ سياسيٌ وماليٌ عنوانُه الموازنةُ والتقشف، والمواقفُ المتناقضةُ حولَ الاجراءاتِ المرجوةِ اجتاحت الجلسةَ التشريعية، ليبدوَ المشهدُ في اخرِ لقطاتِه غيرَ متماسك ، بل مناقضٌ تماماً لتماسكِ موظفي القطاعِ العامِّ في تحذيرِهم من مغبةِ المسِّ برواتبِهم وحقوقهم…
مسارُ الوفرِ والتوفيرِ وخفضِ العجزِ واضحٌ بالنسبةِ الى حزبِ الله ، وعلى لسانِ النائب حسن فضل الله سَجلت كتلةُ الوفاءِ للمقاومة الموقفَ في البرلمان : لا معالجةَ للازمةِ الماليةِ العامةِ بمدِ اليدِ إلى جيوبِ الفئاتِ الفقيرة، وعلى رئيسِ الحكومةِ الاسراعُ بإرسالِ قطوعاتِ حسابِ السنواتِ الماضيةِ إلى المجلسِ النيابي لدراستِها قبلَ إقرارِ قانونِ موازنةِ العامِ الجاري ، ولا مفرَ من إقرارِ هذه القطوعاتِ بذريعةِ ضغطِ الوقت.